شبكة قدس الإخبارية

عبوات علار والأسئلة المشروعة

أحمد جرار

فتحت قضية عثور الأجهزة الأمنية الفلسطينية على حقل من الألغام والعبوات المتفجرة كانت مزروعة على الطريق الواصل بين عتيل وعلار شمال طولكرم، عدداً من الاسئلة المفتوحة، خاصة وأن ظروف الإعلان عن العبوات صاحبه مغالطات ومحاولات لتشويه المقاومة، بالإضافة للعدد الكبير للعبوات والتي وصل إلى ١٢ عبوة ناسفة، ونطرح بعض التساؤلات حول القضية:

١- تعدد روايات السلطة: في البداية تحدثت الشرطة الفلسطينية أن مواطنين شرفاء هم من اكتشفوا العبوات وأبلغوا الشرطة، وثم تراجعت الشرطة وخرج البيان الرسمي ليقول إن أفراداً من الشرطة لاحظوا العبوات بالصدفة بفعل المنخفض الجوي ومياه الأمطار التي كشفت جزءاً من العبوات والأسلاك، وبعد يوم واحد خرج الضميري ببيان رسمي آخر ليقول إن جهات معادية لا صلة لها بالمقاومة هي من تقف خلف العبوات، ولا ندري كيف جزم اللواء بهذا الموقف علماً أن التحقيقات لم تبدأ بعد، حتى يخرج بحكم قطعي! وهنا نتساءل لو كانت الجهة لها علاقة بالمقاومة فما موقفكم سيادة اللواء؟؟

(سأمنح نفسي حق الإجابة عنك: ستقومون بتفكيك العبوات كما فعلتم، كما ستعتقلون المشتبه بهم، وتحققون معهم وتعذبوهم وإن ثبت أنهم مقاومون سيمكثون فترة لديكم تصل لأشهر أو سنوات ومن ثم تسلموهم للاحتلال بفعل التنسيق الأمني والتزامات أوسلو وخارطة الطريق، وايمانكم بأن المقاومة المسلحة محظورة وتجلب الدمار للسلطة والشعب ولا مكان لها في الضفة الغربية لا ضد الاحتلال ولا المستوطنين).

٢- تشويه الحقائق: رواية الضميري والسلطة تركزت على أن الطريق لا يسلكه المستوطنون وجيش الاحتلال وأن من أعد العبوات لا يستهدف إلا الفلسطينيين، وأن الشرطة والأجهزة الأمنية قامت بحمايتهم من هذا العبث الكبير، إلى هنا نرى أن الرواية جميلة ولكن ماذا لو علمنا أن دوريات الاحتلال تواجدت في اليوم التالي بنفس المكان، وهل نصدق محافظ طولكرم الذي قال إن قدوم الاحتلال هو لمجرد الاستعراض!

ماذا لو علمنا أن شهود العيان وسكان المنطقة أكدوا بأن الطريق تسلكه دوريات الاحتلال مؤخراً وخاصة بالأشهر الماضية، وهل سيختلف حكمنا حينما نعلم أن الشرطة اتصلت بوسائل الإعلام وبعض النشطاء وطلبت منهم الالتزام بالرواية الرسمية، واخفاء المعلومة بأن الاحتلال يستخدم الطريق للمرور منه، وهددت من يتحدث بهذه المعلومة!

ونطرح سؤالاً آخراً مشابهاً لسابقه، لو كانت العبوات في مكان يسلكه المستوطنون ماذا ستتصرف السلطة آنذاك؟! هل ستترك العبوات لأهدافها المفترضة - المستوطنون والاحتلال - أم ستزيلها بفعل الالتزامات الأمنية؟

٣- حملة الاعتقالات: شنت الأجهزة الأمنية الليلة الماضية حملة اعتقالات في بلدتي علار وصيدا شمال طولكرم، وتركزت الاعتقالات ضد أسرى محررين من حركتي حماس والجهاد الإسلامي معروفون بانتمائهم للمقاومة، واعتقلوا سابقاً على خلفيات عمل عسكري ضد الاحتلال، وهذه كفيلة بأن تشكك بكل رواية السلطة التي قالت أن جهات معادية هي من تقف خلف العبوات، فإذا كانت جهات معادية لا صلة لها بالمقاومة كما ورد بالبيان، فلماذا تتم حملة الاعتقالات ضد المقاومين؟

٤- تشويه الحقائق: اعتادت السلطة على تشويه أي عمل مقاوم ونسج الروايات التي تحاول إقناع الناس بها، بأن ما يحدث هو مؤامرة من الاحتلال أو جهة خارجية لا علاقة لها بالمقاومة أو مصالح الشعب الفلسطيني، لإنها تعلم علم اليقين أن معركتها المباشرة مع المقاومة خاسرة بسبب الاحتضان الشعبي والايمان الكامل بالمقاومة المسلحة وكافة أشكالها، لذا لا تستطيع السلطة القول أننا نلاحق المقاومين ونمنعهم، فهي تلجأ لتبني روايات مختلقة، وفي كل حادثة سمعنا وسنسمع قصص وروايات ممجوجة ومختلقة تنفي أي دور للمقاومة ضد الاحتلال.

وهنا نستذكر عملية خطف المستوطنين الثلاثة إذ ظلت ماكينات السلطة تقول أنه لا يوجد عملية وأن الاحتلال هو من أخفى المستوطنين الثلاثة، وأن ما يحدث هو مؤامرة من الاحتلال، كذلك نستذكر مختبرات التصنيع التي كانت تعثر عليها السلطة وتقول أنها تشكل خطراً على حياة الناس ومن قام بها هو عابث بأمن المجتمع وسلامته ولذلك ستلاحقه وتوقع بحقه أشد العقاب، كذلك نستذكر قضية الشهيد باسل الأعرج ومجموعته والتي أصرت السلطة على أنهم مفقودين وليسو مقاومين وأن السلطة عثرت عليهم بالصدفة بالجبال!

طيب عثرتم عليهم بالجبال لماذا اعتقلتموهم وحققتم معهم وسط تعذيب شديد، ومن ثم سلمتم الإفادات ومحاضر التحقيق للاحتلال الذي اعتقلهم فور الإفراج عنهم من سجونكم! ٥- الاستخفاف بالمقاومة في الضفة: يحاول البعض بشكل دائم التشكيك وتسخيف قدرات المقاومة في الضفة، لبث الوهن والضعف والإحباط، وفي قضية عبوات طولكرم سمعنا بعض الروايات المرتبطة بأذرع إعلامية معروفة تشكك بقدرة أي مجموعة في الضفة على تصنيع مثل هكذا عبوات بهذا العدد والطريقة وأن هذا الأمر مستحيل بظل الظروف القائمة، وعلى الطرف الآخر حاول البعض الانتقاص من المقاومة بأن من زرع العبوات بهذه الطريقة المكشوفة هو "غبي" لإنها مكشوفة وغير متقنة التمويه وأي شخص سيمر من الشارع سيكتشف الأمر (شهود العيان يتحدثون أن الحفر بالشارع لها أكثر من شهر ولم يشك أحد بوجود عبوات، ولولا المطر لما وصلت الشرطة للمكان).

٦- أخيراً: مع أن جميع الاحتمالات تبقى مشروعة إلا أن التفكير المباشر هو أن أي عبوات تزرع بالضفة معروفة بأن هدفها هو المحتل، وما لم يرد أي دلائل تشير إلى عكس ذلك فلا يمكن الذهاب لأي تحليل آخر غير منطقي كوجود مسرحية ومؤامرة أو أن العبوات من الاحتلال والمستوطنين بهدف التشويش وتدفيع الثمن، وغيرها من السناريوهات التي يعوزها الدلائل والسياق وتنفيها الحوادث السابقة، وستكشف الأيام القادمة حقيقة ما حدث...