شبكة قدس الإخبارية

القسام تكشف لأول مرة: سلاح الإشارة.. النشأة والتطور والمهام

هيئة التحرير

غزة - قدس الإخبارية: كشف موقع "القسام" التابع لكتائب عز الدين القسام الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" في غزة عن معلومات تنشر لأول مرة حول الأدوات السرية التي توفر الكتائب للحفاظ على خط اتصال دائم بين أعضاء وأركان المجلس العسكري، وهو أهم أركان الجناح العسكري الذي يضم كبار قادته في جميع مناطق قطاع غزة.

وقال الموقع في تقريره إن "عملية توفير هذه الوسائل والقنوات، ويجب أن تكون مجدية وآمنة، فسلاح الإشارة يمنح الدعم الكامل للقائد والجندي في أثناء المعركة، ولعل «فقد الاتصال بـالقيادة» من أسوء العبارات التي من الممكن أن تمر على الجندي أثناء الحرب، أو أن يفقد اتصاله بقيادته ومجموعته، كما أنه أسوء خبر على القائد فقْد اتصاله بجنوده الذين هم أدواته لتنفيذ الخطط التي سهر الليالي من أجلها".

وأضاف الموقع أن "سلاح الإشارة يؤدي دوراً محورياً في الجيوش المُعاصرة، فهو بمثابة العين التي تبصر بها القوات وكذلك عصبها الحيوي الذي من خلاله يتم التحكم والسيطرة في المعارك والحروب".

وأشار إلى أنه "ونظرا لهذه الأهمية التي يتمتع بها، وُضِع من قبل القيادة العسكرية العُليا على سُلم الأولويات من أجل الرقي به وازدهاره، ليكون قادراً على إيصال المعلومة المناسبة من الجنود إلى القيادة في الوقت المناسب، وإيصال التوجيهات والأوامر من القيادة إلى الجنود في الوقت المحدد، وتبادل الآراء والخبرات والمعلومات المهمة بين القيادة".

الاتصالات في القسام

وكشف التقرير عن أن الاتصالات بين مجموعات وخلايا كتائب القسام في فلسطين كانت تتم مع بدء تأسيس الجناح العسكري في ثمانينيات القرن الماضي بطرق بدائية، إما بواسطة «النقطة الميتة» أو «مُراسلي البريد»، حيث كانوا يتكفلون بنقل وإيصال الرسائل التي كانت أغلبها مُشفرة وتتضمن أخبار ومعلومات وتقارير أمنية أو أوامر وتعليمات.

وأشار إلى أنه مع مجيء السلطة الفلسطينية أصبحت كتائب القسام تستفيد من خدمات الاتصالات اللاسلكية والتي عُرفت وقتها بـ"البيلفون"، لكن سرعان ما أدركت الكتائب المُهدِدات الأمنية التي تُلحِقُ بقيادة الجهاز العسكري والتي عن طريقها جرى اغتيال مهندسها الأول يحيى عياش المهندس الأول في كتائب القسام.

وأوضح أن الكتائب بقيت تستخدم الاتصالات الخلوية الإسرائيلية والفلسطينية (الميرس، والجوال) حتى بعد اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، لكن العدو سرعان ما كان يُشوش عليها أثناء إقدامه على تنفيذ عمليات الاجتياحات للمخيمات الفلسطينية الأمر الذي يُبقي مُعضلة فقدان الاتصال بين المقاتلين ماثلةً أمامهم.

وبين أن استمرار مُشكلة التشويش على الاتصالات أثناء المواجهات شكل مصدر قلق للمُقاتلين في الجبهات، لكن ذلك كان باعثاً ومُحركاً للبحث عن بدائل أخرى، وفي أثناء عملية اجتياح "قوس قُزح" عام 2003م نجحَ القائد الشهيد رائد العطار في إدارة معركة المواجهة وإصدار التعليمات، ورصد تحركات العدو لجميع المقاتلين، وذلك بواسطة أجهزة اتصالات لاسلكية".

وأفاد الموقع بأنه "منذ تلك اللحظة تجسدت الأفكار والإرهاصات الأولى لنشأة سلاح الإشارة في كتائب القسام، ولاقت وقتها شبكة الاتصالات اللاسلكية استحسان جميع قادة الألوية، التي أخذت شكلًا أكثر ترتيبًا عام 2005م حيث أسس سلاح الإشارة".

وأكد على أن الاتصالات ساهمت حتى عام 2008م في إنجاح العمليات العسكرية التي أدت إلى طرد الاحتلال من غزة، وكذلك إنجاح عملية «الوهم المتبدد»، فأصبحت قواعد الإشارة ومجاهدوها هدفاً للعدو، الذي استهدفها بالصواريخ في محاولةٍ منه للقضاء عليها.

تنظيم سلاح الإشارة

وبحسب موقع "القسام" فقد مرّت عمليةُ تنظيم سلاح الإشارة بمرحلتين مهمتين كانتا بمثابة الانطلاقة التي رسمت الأُسس التنظيمية لهذا السلاح الحساس، تمثلت المرحلة الأولى في تزويد كتائب القسام مجموعاتها بأجهزة اللاسلكي، وكان لها الأثر البارز في وضع المجاهدين بما يجري على أرض الميدان.

بينما جاءت المرحلة الثانية مع نجاح مشروع شبكة الاتصالات السلكية التي مكنت القيادة من التواصل مع بعضها البعض وتنسيق خطة النيران، والتواصل مع الميدان في أحلك الظروف والأوقات، حيث وفرت هذه الشبكة عنصر التأمين للقوات وأماكنها وحفظت أسرارها.

وبين الموقع في تقريره أن هذا السلاح أصبح الرافعة للعمل العسكري المقاوم لما توفره من احتياطات الأمان، والسهولة في تداول المعلومات، بأقل جهد ووقت ممكن، وأصبحت شبكة الاتصالات السلكية التي بدأ العمل بها بشكل موسّع بعد انتهاء معركة "الفرقان"، وبإشراف القائد الشهيد رائد العطار مرحلة فارقة في تاريخ سلاح الإشارة القسامي، حيث جاء قرار العمل بها كنتيجة التوصيات التي تمخضت عن اللجنة الفنية لدراسة طبيعة إدارة وتأمين القوات في الحرب.

وأوضح تقرير القسام أن قرار استخدام وتفعيل هذا السلاح كان له بالغ الأثر على تطور منظومة الاتصالات، "حيث باشر فرسان سلاح الإشارة مهامهم كباقي تخصصات كتائب القسام في الإعداد لتأمين اتصالات القيادة مع القوات، والقوات فيما بينها ضمن الأعمال التنسيقية، ونجح أفراده خلال وقت قصير في جعل الشبكة تغطي كافة مناطق قطاع غزة".

وكشف التقرير أنه مع أول اختبار لشبكة الاتصالات اللاسلكية أثبتت فعاليتها حيث نجحت البنية الرصينة لسلاح الاتصالات خلال معركتي «حجارة السجيل» و«العصف المأكول» في تهيئة الظروف المناسبة لقيادة وسيطرة آمنة بعيدة عن قدرات العدو، مكّنت المجلس العسكري من الانعقاد الدائم ومتابعة مجريات المعركة، إذ كان المجلس العسكري بمثابة هيئة أركان حرب منعقدة تدير شؤون المعركة بكل تفاصيلها.

مهام معقدة

وأكد التقرير على أن سلاح الإشارة السلكي اليوم يؤدي دوراً حيوياً في تأمين القوات من الناحية المعلوماتية، سواء أوقات الهدوء حيث يقوم أفراده بتطوير الشبكة، وكذلك الصيانة المستمرة لها، وتأمينها من استخبارات العدو سواء بإخفاء خطوطها أو بحمايتها من عمليات التنصت، أو في خلال التصعيد حيث يقومون بمهام معقدة ودقيقة للحفاظ على إتمام عملية السيطرة والتنسيق والتي هي العصب الحيوي لأي جيش، وولا زال هذا السلاح يعمل على توفير التواصل الآمن ورفع الروح المعنوية للجبهة الداخلية وتخذيل الخصوم.