مع بداية العهد الجديد للرئيس "دونالد ترامب" بدأ سابق الولاء بين أركان الإدارة الأمريكية لـ"إسرائيل"، أراد ترامب تقديم عربون صداقة في عامه الأول كدليل على أنه الأوفى بين الرؤساء فقام بإعلان القدس موحدة عاصمة لـ"دولة إسرائيل" غير آبه بأحد، ولكن نائبه "مايك بنس" كان على قدر أعلى من الذكاء، زار "إسرائيل" وبتواضع ألقى خطاباً في الكنيست حظي بتصفيق حار، احتوى على ضمانات أمريكية جاءت في ظل تساؤلات إسرائيلية نتجت في ضوء أحداث متسارعة وإعادة بلورة للمحاور في العالم وخصوصاً في منطقة الشرق الاوسط ، أراد " بنس " في خطابه أن يعود إلى رئيسه وله في جيبه ورقة ضمان لولاية جديدة ثانية في السنوات القادمة أن يحدث ما لم تشتهي سفنه .
في بداية الأمر أحب " بنس " أن يؤكد لإسرائيل بأن قضيتها المحورية وأساس الصراع في المنطقة وهي القدس هي على ذات الدرجة من الأهمية بالنسبة للولايات المتحدة فأكد على أنها لن تكون إلا عاصمة موحدة لإسرائيل مطمئنن لها من أي ردة فعل فلسطينية أو عربية جراء هذا الشأن.
ولايمكن التراجع عن هذا الإعلان في أية عملية تفاوضية قادمة مع الفلسطينين، كما أن بنس أشار إلى أن موعد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس سوف يكون قبل نهاية العام القادم، "بنس" لم يوجه الخطاب في هذه النقطة إلى "إسرائيل" فقط بل إلى الفلسطينيين أيضاً، فتحدث بنس بصورة غير مباشرة على استحالة المفاوضات من غير الرعاية الأمريكية وهذا ما أرادته "إسرائيلط، ويكأن بنس قصد إسماع رئيس السلطة ابو مازن وهو في خضم زيارته لأوروبا للبحث عن راعٍ جديد للسلام واعتراف بدولة فلسطين.
تطرق " بنس " الى الملف النووي الايراني الذي يشكل مصدر قلقلٍ لإسرائيل في ظل تعاظم الدور الإيراني في المنطقة حيث ترى "إسرائيل" بأن النفوذ الإيراني يقترب منها عبر الجبهتين الشمالية متمثلة في حزب الله و الجبهة الجنوب التي تتمثل في حماس والمقاومة، وجدد الإشارن إلى إمكانية انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي الإيراني إذا لم توافق ايران على بعض الملاحظات والتعديلات، حيث رأت "إسرائيل" في هذا الاتفاق الخطر واعتبرته كارثي لذلك حاولت بدورها منذ اللحظة الأولى العمل على إفشاله فلم تنجح بذلك، فلمحت إلى وجوب بعض التعديلات على الاتفاق والتي تضمن أمنها وتضمن بذات الوقت عدم امتلاك ايران السلاح النووي فمن الواضح أنها نجحت في ذلك.
وتطرق بنس في خطابه إلى الدور الأمريكي ونشاطها العسكري المشروع على حد وصفه في سوريا ويكأنه يؤكد بشكل غير مباشر على أحقية "إسرائيل" في التدخل العسكري وشن الهجمات الوقائية على الأراضي والأهداف السورية ويعود أساس هذه الأحقية لوحدة مصير الشعبين وقوة الترابط فيما بينهما كما قال.
وفي خطوة احتجاجية قام النواب العرب في الكنيست برفع لوحات تحمل صورة القدس مكتوب عليها القدس الشريف عاصمة فلسطين كخطوة احتجاجية على خطاب بنس، ولكن الملفت في الأمر هي الطريقة العنيفة التي تم التعامل فيها معهم وإخراجهم من القاعة بصورة توحي بأن "إسرائيل" لن تسمح لأحد بالحديث عن القدس إلا كما هي تريد بعد هذا الدعم الأمريكي المطلق.
من الواضح أن الخطاب لم يزيد الأزمة تعقيداً لأن الوقائع تشير إلى أن الأزمة منذ بدايتها معقدة وصعبة جداً، وأن القضية تتطلب موقفاً رسمياً وشعبياً موحداً يكن قادراً على النهوض بحراكٍ على أرض الواقع يخرج القضية من حصارها المحكم الذي يهدف الى تصفيتها.
يبدو أن أمريكا والتي وصفت إعلانها كخطوة مهمة في عملية السلام قد بدأت بفرض وقائع "صفة القرن" وإن صح التعبير "مأساة القرن"، بعد إعلان القدس اتخذت إجراءت ضد الأنوروا بتقليص المساعدات والدعم الأمريكي فمن الممكن أن يتم إيقاف عملها في الضفة وقطاع غزة في الوقت القريب فيكون بهذا قد تم التخلص من عقبتين رئيسيتين من عقبات الحل النهائي.