توالت بكثافة خلال الفترات الأخيرة الاعتداءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في الضفة المحتلة وقطاع غزة، وذلك في ظل الواقع السياسي الدولي والعربي المساند للمصالح الإسرائيلية وهو ما استغلته دولة الاحتلال لتمرير مخططات سياسية وجغرافية وعنصرية ضد القضية الفلسطينية تهدف لإنهائها وضم الضفة وتهويد القدس بالكامل.
وقد ظن الاحتلال الإسرائيلي في ظل ضعف الردود الفلسطينية ضد خطواته في القدس والضفة أن الفلسطينيين وصلوا لمرحلة تكون فيه المقاومة بطريقة مسلحة مكلفة وأن الفلسطينيين لن يذهبوا لعمليات مقاومة بالسلاح، وعلى عكس هذا الظن جاءت عملية نابلس الأخيرة لتؤكد له أن جذوة العمل المقاوم لا يمكن أن يتوقف في مدن الضفة.
وقد جاء الرد هذه المرة من مدينة نابلس وفي مكان يعتبره المستوطنون آمناً لهم فهو طريق في منتصف تجمع للمستوطنات وتتوفر فيه الكثير من عناصر الحماية من قبل جيش الاحتلال.
عملية نابلس حملت دلالات واضحة برغبة جامحة تعتري صدور الشبان الفلسطينيين في الضفة بضرورة مقاومة هذا الاحتلال وردعه لوقف مخططاته واعتداءاته ضد الإنسان والأرض الفلسطينية.
لا شك أن الضفة المحتلة بمدنها وقراها تعرضت خلال السنوات الماضية لمشاريع سياسية خطيرة هدفت للقضاء على القضية الفلسطينية عبر زيادة وتيرة الاستيطان بشكل كبير، ومن ناحية أخرى تعرضت لمشاريع أمنية كبيرة وضخمة هدفت لمنع العمل المقاوم هناك حيث باتت حملات الاعتقال تطال عشرات الفلسطينيين يومياً ونفذت سياسة العقاب الجماعي ضد أقارب منفذي العمليات البطولية.
جميع الإجراءات الإسرائيلية رغم كثافتها لا تستطيع أن تقف في وجه رجال المقاومة الذين باتوا يعملون بقوة ما بين الفينة والأخرى رغم الصعوبات والضغوطات من قبل السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، وأيضا من قبل سلطات الاحتلال العسكرية والأمنية.
عملية نابلس الأخيرة تؤكد أن هناك وعيا لدى جيل فلسطيني صاعد بضرورة ردع الاحتلال وجعل ثمن اعتداءاته هو أمن المستوطنين، وهذا الأمر في حال تواصله سيدفع المستوطنين وقادة الاحتلال لإعادة التفكير بخطواتهم ضد الفلسطينيين.
من أهم دلالات عملية نابلس أن الضفة المحتلة مازالت قادرة على مواجهة الاحتلال وإيلامه عسكريا عبر عمليات فردية وعبر مجموعات مقاومة استطاعت التكييف مع الواقع المعقد ونفذت عملياتها بحرفية عالية.
العملية أكدت مرة أخرى أن دولة الاحتلال وأجهزتها الأمنية مهما فعلت لا يمكنها أن تمنع روح المقاومة وأن تمنع المجموعات العسكرية من التشكل، وهذا دليل على فشل جميع الأساليب والمشاريع الهادفة لوأد المقاومة.
وبالعودة عن واقع المقاومة في الضفة المحتلة خلال العام الماضي 2017 نجد أن عمليات إطلاق النار بلغت أكثر من 50 عملية، أسفرت عن مقتل 22 إسرائيليا، وإصابة 397 آخرين حسب اعترافات الاحتلال.
عملية نابلس ذكرتنا بأبرز عمليات المقاومة خلال العام الماضي، التي نفذها الشهيد "فادي القنبر" من بلدة جبل المكبر، والتي أسفرت عن مقتل 4 اسرائيليين وإصابة 15 آخرين بجراح مختلفة.
ولا يمكن إغفال عملية المحمدون الثلاثة من عائلة جبارين والتي نفذت داخل أسوار المسجد الأقصى المبارك وعلى بواباته، والتي أسفرت عن مقتل 3 جنود.
كما برزت عملية الشهيد نمر محمود الجمل من قرية بيت سوريك، والتي أسفرت عن مقتل 3 جنود صهاينة وإصابة رابع بجراح خطيرة.
من المؤكد أننا بعد عملية نابلس التي كانت باكورة العمليات القوية خلال العام الجديد، سنكون أمام سلسلة مع العمليات القوية، الأمر الذي يؤكد أن المقاومة في الضفة رغم التضييق والملاحقة والظروف شديدة الصعوبة مازالت تتجاوز عقبات الاحتلال بنجاح وقد تتطور لتصبح أكثر وأقوى.