غزة- خاص قُدس الاخبارية: "بستنى ثلاث ساعات لنقلة واحدة بـ 15 شيقل وبالآخر بتروح سولار، الأغورة صارت تفرق معنا" هذه الجملة يرددها جميع السائقين بغزّة معبرين بها عن معاناتهم التي أثقلتها جهات عديدة عليهم، واستقبلوا عامهم الجديد بعقوبة حادة وهي "رفع سعر السولار".
ويرتفع سعر الوقود بغزة أكثر من شيقل واحد لكلّ لتر، حيث كان لتر الوقود المصري في غزة يباع طيلة العام الماضي، بـ 5.7 شيقلًا، ويباع حاليًا بـ6.11 شيقلًا، كما أن سعر السولار الإسرائيلي كان يباع بـ 4.65 وأصبح بـ 5.69 شيقل.
السائق خضر جمال "27 عامًا" متزوج ولديه ثلاثة أطفال يعمل على سيارة أجرة، لا يملكها، حيث يعمل طيلة نهاره من أجل توفير مصروف أبنائه وبيته، ولكن مع غلاء السولار أصبحت الأمور أصعب من سابقها، يقول، "استقبلنا العام بهذه القرارات القاهرة، غلاء السولار المصري والاسرئيلي شيقل واحد يزيد الأمر سوءًا، فلا يوجد دخل والحركة ميتة في غزة، وأنا في نهاية اليوم ينتظرني مالك السيارة وأسرتي وكلاهما يريدون حقهم من سيدفع لهم؟".
السائق الستيني كامل أحمد، يعمل على سيارة أجرة، يقول أيضًا "نحن أكثر الناس تأثرًا بسوء الوضع في غزة، منذ 11 عاماً ونحن نعاني ما بين غلاء أسعار وقلة إقبال الناس على التنقل بسياراتنا، خلاف ذلك الاضطهاد الذي نراه، كنت أعتقد أن بعد المصالحة سوف تتحسن الأمور، ولكن للأسف الأمور تتطور نحو السوء، هل يعقل بعد خفض سعر السولار يتم غلائه بعد فترة قصيرة، متسائلًا "ما سبب ذلك ومن المستفيد؟"
وأضاف كامل لـ"قُدس الإخبارية"، "كلّ يوم صباحًا أنتظر لأكثر من 3 ساعات في موقف السيارات لكي تكتمل سيارتي بالركاب لتوصيلهم من الشمال إلى الجنوب والعكس، وأدفع تذكرة لمسؤول الموقف ومن ثم أذهب إلى محطة الوقد لتعبئة السيارة سولار، هذه الأمور جميعها تقلص من يومية السائق في نهاية اليوم يجد نفسه لا يستطيع توفير متطلبات عائلته اليومية".
ويؤثر ارتفاع أسعار الوقود في غزة، كذلك، بشكلٍ سلبي على السائقين الذين يدفعون الأقساط نهاية كل أسبوع أو شهر، فمحمد علي "29 عامًا" الذي اشترى سيارته مؤخراً بالتقسيط، على دفعات أسبوعية، يقول، "في نهاية كل أسبوع يجب أن أدفع قسط السيارة للتاجر (350) شيقل، إضافة إلى مستلزمات البيت والسيارة وتعبئة السولار فيها بشكل يومي.
ووفقًا للسائق محمد، "فان الغلاء وارتفاع أسعار الوقود سببت إحباطًا كبيرًا، بالإضافة إلى أن سيارات العمومي الداخلي ملاحقة بشكل كبير من قبل شرطة المرور وكل يوم مخالفات تكتب وأوراق ومحاكم، إذا لم أقوم بتسديد القسط نهايتي تكون السجن ولكن مهما نقول لا أحد يشعر بهمومنا".
المحطات والنقابة
أما محطات الوقود التي تتعامل بشكل مباشر مع السائقين قالت، "نحن نعلم الوضع السيء لدى السائقين وفي كل فترة تزداد سوءًا أكثر وأكثر، وكثير من القصص نسمعها ونعيشها معهم كوننا أكثر الأماكن التي يزورنا فيها السائقين وفي نهاية اليوم يكون لكل سائق رواية حزينة يقولها لنا، خاصة بعد رفع الاحتلال لسعر السولار شيكل واحد لكلّ لتر".
نقيب السائقين جمال أبو جراد في غزة، عبر عن استيائه من هذا القرار، وقال إن الأمر حدث بشكلٍ مفاجئ مع بداية عام 2018 بعدما كان من المأمول أن يصبح الأوضاع أفضل، ليباغتهم قرار رفع سعر السولار وأثّر على السائقين سلباً، مشيرًا إلى أن الحياة كانت صعبة قبل الغلاء، وستزداد مأساوية بعده".
وأشار النقيب، أن السائق عندما يخرج من غزة إلى رفح يحصّل نحو (48 شيقل) وعندما يتمم نقلتين في اليوم مع تعبئة السولار سوف يرجع إلى البيت فقط بربح (10 شيقل) فقط، نحن مستائين جداً من هذا العمل الغير صحيح وسليم".
وأوضح لـ"قُدس الإخبارية"، "أن غلاء سعر السولار الاسرائيلي جاء من طرف الاحتلال، ثم ارتفعت أسعار السولار المصري"، موضحًا أن المصري لديه مميزات جيدة ومدة احتراقه أكثر، ويحتوي على مواد تبطئ من مدة احتراقه وكان يفضله السائقين لأن سعره أقل أيضاً"
وأشار إلى أن السائقين لديهم معيقات كبيرة لا تقتصر على السولار بل تتراكم المشاكل وتضيق عليهم الحال، فالسائق لا يرجع إلى بيته إلا بـ10 أو15 شيقل فقط، ولكن بدلاً من الوقوف جنب السائقين ورفع الضرائب والعقوبات عنهم أسوة بالضفة الغربية نزيد همّهم ومعاناتهم".
ولفت إلى أن نحو 35 ألف سائق من بينهم عمومي داخلي وخارجي وأجرة، يعملون في شوارع غزة الصغيرة، وقد أصبحت مهنة من لا مهنة له، الخريجون سنوياً من غزة مايقارب 20 ألف خريج وكل من لا يجد وظيفة، يتجه للعمل كسائق لكي يوفر مصروف يومه، وهناك الكثير من المشاكل للذين اشتروا سيارات بالتقسيط، فبهذا الوضع لا يستطيع دفع القسط للتاجر، وبذلك يصبح مكللًا بالديون والقروض، وقد يكون عرضة لسحب سيارته أو محبوسًا في سجون الشرطة كمدين".
الماليّة توضّحمن جهتها، وضحت وزارة المالية في غزة، أن سبب رفع سعر السولار المصري غير متعلق بشكل مباشر برفع سعر السولار الإسرائيلي الذي حددته سلطات الاحتلال ، أما لأن السولار المصري يدخل بشكل أساسي لمحطة توليد الطاقة وعندما يزيد عن حاجة التوليد يتم نزوله إلى السوق.
وقال مدير العلاقات العامة في وزارة المالية بيان بكر لـ"قُدس الإخبارية"، إن الحجم الذي يشكله الوقود المصري ضئيل جدا بنسبة 10% وعندما تم رفع السعر؛ لتوحيده بين الضفة وغزة لكي لا يعمل إرباك لدى التجار والناس.
وأضاف، أن احتياج غزة للسولار يقارب 13 مليون لتر شهرياً، والسولار المصري 2 مليون أي أنه لا يؤثر على السعر واستهلاك الناس، متابعًا "إن كنا رأينا أن ذلك يؤثر عليهم مثل السولار العادي كنا سنتخذ إجراءات أخرى".