منذ انتخاب يحيى السنوار لقيادة حماس في غزة اهتممت كثيرا بتتبع سلوك هذا الرجل، وقراءة معظم ما يُكتب عنه بكافة التوجهات والحمولات والانحيازات، باختصار يمكن الادعاء أنني اتخذته كحالة دراسية بطريقة ما، ولكن لا استطيع الادعاء أنني أحطت به وبما يلفه من ظواهر، علما كاملا يقينا لقصور ذاتي ولحاجة الإنسان لمعلومات تفصيلية، في ظل أننا نتحدث عن قائد لحركة جزء من تعاملاتها وتشابكاتها يعتريها الغموض والسرية.
تتبعت أغلب التحليلات التي رافقت انتخابه قائدا للحركة، وقد تباينت، بطبيعة الحال، بين القرب الشديد من الصحة والبعد عن ذلك كبعد بيتنا عن تنزانيا، وأغرب التحليلات كانت المستندة للإعلام الإسرائيلي، التي تحدثت عن أن الرجل مسعر حرب لن تهدأ في المنطقة، وأنه يشرب الدم بدلاً من الماء، ليتبين فيما بعد أن سياسته تحاول تجنيب القطاع الحرب، وقد تصدر الأستاذ غسان الخطيب قمة التحليلات العبقرية حيث جزم في تصريحات لقناة فضائية في الأيام الأولى لانتخاب السنوار، أنه سيدمر أية فرصة للمصالحة ولكن بعد شهور شهدنا ما يعلمه الجميع من تنازلاته القاسية التي أغضبت جزءا من حماس حتى.
بعض الكتابات بشَّرت بسياسة جديدة للرجل قد تخرج حماس من مأزقها، ولأنني أحب أن لا انسلخ من خياراتي السياسية والفكرية، فقد كنت ممن بحثوا عن أمل ما في سياسة جديدة، وطالبت بالصبر وانتظار النتائج وحتى اللحظة لم أصل لشيء يشير لفشل أو نجاح، ولكن هناك مجموعة من الملاحظات على سلوكه أغلبها متعلقة في إدارته الإعلامية، التي تبالغ أحياناً في بعض التصريحات وعدم الموازنة أحياناً بين ما هو شعبي وسياسي، والاستعجال في إطلاق وعود للناس في ظل الظروف الإقليمية الصعبة التي تترقب فرصتها لخنق المقاومة.
وهناك تيار يشغله أي تصريح للسنوار وأحياناً يتم تضخيمه، ولكل من هؤلاء خلفياتهم وبعضهم قد يكون محقاً، لكن دفاعهم عن خيارات سياسية مشابهة في ظل مهاجمتهم للحالة الحالية، يجعلك في حيرة من أمرك، فمثلا تخيل أن تكون من معسكر ينام في حضن إيران عندما شعر بخطر انقلاب ما أو حصار، ومن ثم تنبري لترمي بأكبر المبادئ تصريحاً للسنوار حول سليماني!.