شبكة قدس الإخبارية

"الفدائي الصغير".. لا يغيب عن تظاهرة بالأردن لأجل فلسطين

هيئة التحرير
الأردن – خاص قدس الإخبارية: "أمي ع الموت توديني.. تطحن بارود وتعطيني" يرتفع هتاف طفل بين الجموع المعتصمة أمام السفارة الأمريكية في العاصمة الأردنية عمان، صوت ليس بجديد، إنه صوت زيد العزة الذي يصدح بالمكان منذ صدور الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال. زيد العزة 6 سنوات ينحدر من عائلة هجرت من قرية بيت جبرين قضاء الخليل عام 1948، اعتاد مذ كان عامين ونصف أن يرافق والده إلى كل تظاهرة أو مسيرة يُرفع فيها اسم فلسطين، التي لا يُعرف نفسه إلا أنه منها، وإليها عائد. بكلمات طفولية عفوية قليلة، يعلق زيد لـ قدس الإخبارية، "اعتصم حتى أرجع فلسطين"، فالفدائي الصغير كما يلقبه الجميع، تعمق به الإيمان أن تحرير فلسطين لن يتحقق إلا بالفعل الشعبي المستمر، فلا يتردد أو يتكاسل عن الذهاب للتظاهر، وإن تأخر والده عن إحضاره فيتصل ويهدده بالقدوم وحيدا، إذا لم يحضر فورا. فور إعلان الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال خرج مجموعة نشطاء بشكل عفوي للاعتصام أمام السفارة الأمريكية في عمان، وكان الهدف بشكل أساس إحراج الأحزاب ودفعهم للتحرك، إلا أن الأمن الأردني أصدر قرارا بمنع التظاهر أمام السفارة قبل الساعة الخامسة مساء، وأمهل النشطاء حتى الساعة العاشرة مساء لمواصلة التظاهر في المكان، ليبدأ الاعتصام اليومي في المكان. لؤي العزة والد الطفل زيد يروي لـ قدس الإخبارية، زيد يصر على التواجد اليومي في الاعتصام مهما كانت الأجواء والظروف، وهو ليس بجديد عليه فكل الاحتجاجات السابقة كان زيد يشارك بها، مضيفا، "سافرت مدة سنة خارج الأردن، كان خلاله زيد يتصل على أصدقائي والنشطاء ويطلب منهم مرافقتهم إلى التظاهرات والاحتجاجات". ما أن تدق الساعة الخامسة مساء ولؤي لم يحضر إلا المنزل، حتى يبدأ زيد بالاتصال مرات ومرات على والده مصراا عليه أن يحضر سريعا ويأخذه إلى الاعتصام، وإن تأخر فلا يتوانى عن الاتصال بأعمامه وأصدقاء والده لينقلوه معهم إلى الاعتصام، "الكل في الاعتصام يناديه الفدائي الصغير، حتى العناصر الأمنية التي اعتادت على وجوده بين المعتصمين.. زيد اليوم حافظ لكل الهتافات والأغاني الوطنية، وبات اليوم يهتف والكل يعيد من خلفه". العزة يؤكد على أن العائلة حريصة دوما على تربية أبنائها على التعلق بفلسطين والتمسك بحقهم بالعودة، "نحن من يملك خيار أن ينسى الصغار أو لا ينسوا.. ومع ذلك فهذا الجيل واعي وفاهم وحافظ تماما لحقه بفلسطين"، مشيرا إلى أن زيد رغم صغر سنه إلا أنه يحفظ الكثير من المعلومات والتفاصيل الدقيقة عن فلسطين والقضية، ما يثير إعجاب من حوله دائما.   وخلافا لغرف الأطفال التي تملأها صور الرسوم المتحركة، يعلق زيد على جدران غرفته خارطة فلسطين كاملة، صورة لمدينة القدس، الكوفية الفلسطينية، والعلم الفلسطيني، ويؤكد العزة أن ذلك نابع من زيد وهو ما يفرضه على العائلة وليس العكس. خالد أبو خنفر الناشط في مؤسسة راجع يبين لـ قدس الإخبارية، أن الطفل زيد العزة، والذي لا يُنادى عليه بالاعتصام إلا بلقب "الفدائي الصغير"، معروف بتواجده بالتظاهرات والاعتصامات مذ كان عمره عامين ونصف، "زيد الذي لا يتخطى ست سنوات لديه وعي كبير بالقضية دائما يلفت انتباه الجميع.. حتى أصبح الجميع ينادي عليه الفدائي الصغير". وجود زيد الدائم في الاعتصام شكل دافع لباقي النشطاء كما يقول أبو خنفر، فوجود زيد بات يسبب إحراج للكبار الذين يحاولون التهرب من المشاركة، "نشعر بالخجل عندما نتكاسل عن الحضور، فيما زيد يصر على أن يكون أول من يحضر للتظاهر، وأحيانا يحاول التهرب من الذهاب للمدرسة ليشارك بالاعتصام" الاعتصامات الاحتجاجية أمام السفارة الأمريكية في عمان ستتواصل وسيتم تصعيدها بالأيام القادمة، حسبما يوضح أبو خنفر، مضيفا، "الهدف من الاعتصام رفع معنويات أهلنا في فلسطين، فنحن نعلم أن هذا الاعتصام لن يؤثر بشكل أساسي على التراجع عن القرار". ولفت إلى أن الاعتصام اليومي بات يتخلله فعاليات مختلفة هدفها كسر الروتين وتشجيع النشطاء على الحضور والتظاهر، كفاعلية "عشاء المقلوبة" التي نظمت اقتداءً بفعالية المرابطات في المسجد الأقصى، وجمع المتظاهرون على مائدة واحدة. وأوضح أن أعداد المشاركين في الفعاليات الاحتجاجية اليومية تتراوح بين 200- 600 شخص في الأيام العادية، إلا أنه في أيام الجمعة فيرتفع إلى الآلاف، إذ بلغ عدد المعتصمين في الجمعة الأولى ثمانية آلاف معتصم، وفي الجمعة الثانية أربعة آلاف، مشيرا إلى أن الأعداد قد تتخطى العشرة آلاف الجمعة المقبلة بعد توجيه الأحزاب الإسلامية دعواتها للاعتصام أمام السفارة الأمريكية. وقال إن شخصيات فدائية قديمة تواصل الحضور والمشاركة بالاعتصام اليومي أمام السفارة، كالمناضلة الفلسطينية تريزا هلسة التي شاركت بعملية خطف طائرة سابينا البلجيكية إلى مطار اللد في كيان الاحتلال عام 1972، إضافة لشخصيات سياسية أردنية كالنائبة هند الفايز التي تحضر يوميا إلى الاعتصام.