شبكة قدس الإخبارية

"إسرائيل" أمنت مكر المقاومة فأتاها الرد من حيث لم تحتسب

هيئة التحرير

القدس المحتلة - خاص قدس الإخبارية: أجمع العديد من المحللين السياسيين والخبراء العسكريين الإسرائيليين على أن رد المقاومين الفلسطنيين في هبة أيام الغضب من أجل القدس ردا على قرار ترمب باعتبار القدس عاصمة لكيان الاحتلال لن يعدو كونه ردة فعل سرعان ما تخبو نارها وتنطفئ، فجاءها الرد من حيث لم تحتسب.

ففي غضون 120 ساعة من المواجهات وعمليات الكر والفر بين قوات الاحتلال والمتظاهرين الذي خرجوا من شتى مدن الضفة الغربية ومن القدس المحتلة وأراضي الـ48 تمكن المقاومون من تحطيم توقعات الاحتلال التي ما هي إلا تعبير عما يختلجهم من خوف الطعن ورعب رصاص المقاومين.

5عمليات إطلاق نار وعملية طعن واحدة أحرز فيها المقاومون انتصارا على أجهزة الاحتلال الأمنية التي راهنت على رتابة الرد من قبل المقاومين من خلال عملية هنا ومحاولة عملية هناك، لزعمها أنها أمسكت بزمام أمور المبادرة لدى المقاومين المنفردين في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، الذين أذاقوها مرارة الركون للتحليلات الأمنية في التعامل مع أي مساس بالقدس والمسجد الأقصى.

التحليلات السياسية والعسكرية الإسرائيلية لم تكتف بالتقليل من حجم الرد الفلسطيني على قرار ترمب، بل ذهبت بعيدا للقول إن الشارع الفلسطيني لا يستطيع احتمال أكثر من انتفاضة واحدة كل عقد من الزمن.

رد فعل آني

فقد كتبت صحيفة “إسرائيل هيوم” الإسرائيلية في افتتاحيتها اليوم بالقول: إنه "على الرغم من المواجهات الواسعة من أقصى شمال الضفة الغربية حتى أقصى جنوب قطاع غزة إلا أن هذه المواجهات لم ترتق إلى درجة الانتفاضة التي دعت لها حركة حماس".

وأضافت الصحيفة "لليوم الرابع على الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل"، لم يتجاوز الرد الفلسطيني على القرار مجال ردة الفعل الآنية"، زاعمة أن الشارع الفلسطيني ادرك ما كان يخفيه "المتطرفون" من قادته أن الاعتراف هو رمزيا أساسا ولا يغير شيئا على أرض الواقع، وأن السفارة الأمريكية لا تزال في تل أبيب، والقدس الشرقية لم يتم تحديد مصيرها".

وعن موقف السلطة الفلسطينية أكدت الصحيفة على أن "السلطة الفلسطينية لا تزال تتبنى الموقف المتجنب للمواجهة، واقتصار الموقف على اعتبار الولايات المتحدة طرف غير نزيه، وإنه لن يكون بمقدورها أن تكون وسيط في عملية السلام، وأعلنت عن رفضها استقبال نائب الرئيس الأمريكي في زيارته القادمة للمنطقة".

كما زعم موقع "والا" الإخباري الإسرائيلي أن الهالة الإعلامية التي انطلقت عقب إعلان ترمب القدس عاصمة لـ"إسرائيل" لم تستطع أن ترتقي بالأحداث إلى أحداث الانتفاضة الأولى في العام 1987، ولا بأحداث الانتفاضة الثانية في العام 2000.

واستدرك الموقع أن أية عملية يقدم على تنفيذها الفلسطينيون سيكون نقلة نوعية تكسر هذا الروتين القائم على الأحداث في الرد على قرار ترمب.

وحذر الموقع من شرارة قد تشعل المواجهة من جديد مع قطاع غزة، في ظل تراجع جهود حركة حماس لمنع تلك المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي.

كلمة المقاومة

هذه التحليلات سرعان ما تلاشت، خصوصا اليوم، بعد أن استل الفدائي ياسين أبو قرعة من نابلس سكينه من قميصه وطعن بها أحد ضباط شرطة الاحتلال وسط مدينة القدس، معلنا عن كسر الجمود في العمليات الفاعلة في المدينة المحتلة.

عملية أبو قرعة سبقها 4 عمليات إطلاق نار وأعقبها عملية إطلاق نار واحدة، حيث باتت هذا العمليات تخرج من دائرة التخمين لدى أجهزة الاحتلال الأمنية إلى دائرة الهوس والخوف مما هو آتي، على يد المقاومين الفلسطينيين الذين أشعلوا هذه الانتفاضة بعقد النية على تصعيدها والمضي قدما في مواجهة الاحتلال بكافة الإمكانيات المتاحة.

الفدائي أبو قرعة أظهر شجاعة منقطعة النظير، بالإضافة إلى امتلاكه قدرا كافيا من الدهاء والمكر، حيث أوهم جنود الاحتلال بنيته للخضوع للتفتيش العاري داخل محطة القطارات، حتى استل سكينه وغرزها في صدر أحد الجنود وأسقطه مضرجا بدمائه وجراحه البالغة، وفر من المكان لتتم مطاردته واعتقاله فيما بعد.

ولم يكتف الفدائي أبو القرعة بكون عمليته باكورة العمل الفدائي الذي حطم توقعات الاحتلال، وإنما تعدى ذلك بتحطيم نظرية أجهزة الاحتلال بوقوفها على نوايا منفذي العمليات ومنعهم من تنفيذ عملياتهم في الوقت المناسب، حيث تحدى أب والقرعة تلك الأجهزة بمنشور كتبه على حسابه على موقع "فيسبوك" بإعلان نيته تنفيذ تلك العملية قبل تنفيذها بحوالي يوم، دون أن يلفت نظر تلك الأجهزة ما يشكل صفعة جديدة لها.

كما أن عمليات إطلاق النار التي لم تغب عن المشهد، بالتأكيد سوف تضع حدا للتوقعات الإسرائيلي بعدم تصاعد العمليات الفدائية للرد على قرار ترمب، في انتفاضة العاصمة التي أشعلها الشارع الفلسطيني.

ففي كل مراحل انتفاضة القدس الجاري التي اشعلها الشبان الفلسطينيون ردا على جريمة حرق عائلة دوابشة قبل عامين كانت أجهزة الاحتلال الأمنية تحذر من انتقال الانتفاضة من مرحلة الطعن والدهس إلى مرحلة إطلاق النار والعمليات التفجيرية، وهو ما تحقق بالفعل خلال عامين من المواجهة.

عملية نوعية

من جهته أكد المختص بالشأن الإسرائيلي أيمن الرافاتي أن "عملية القدس نوعية في ظل التشديد والتحسب الأمني العالي جدا من قبل الأجهزة الأمنية والشرطة الإسرائيلية التي تعيش منذ عدة أيام حالة استنفار قصوى، حيث تمكن منفذ العملية من الوصول لهدفه وطعن ضابط الأمن الإسرائيلي طعنات قاتلة".

وأضاف الرافاتي لـ قدس الإخبارية، "لا شك أن الاحتلال كان يعول على حالة الردع للمنفذين المفترضين عبر الإجراءات العقابية التي فرضها خلال الفترة الماضية على عائلات وأقارب المنفذين للعمليات السابقة وعبر الإجراءات الأمنية المشددة التي تعمد إظهارها لمن ينوي تنفيذ عملية بحيث يحسب ألف حساب قبل تنفيذها، وفي ظل المتابعة الأمنية الشدظة للفلسطينيين ومارقبة الاتصالات ومواقع التواصل".

وتابع الرافاتي: "باعتقادي أن العملية الناجحة اليوم ستشكل حافزا للشباب الفلسطيني لتنفيذ عمليات جديدة فهي تعطي صورة واضحة بإمكانية تجاوز الإجراءات الأمنية الإسرائيلية".

وأكد الرافاتي على الهبة الحالية في طريقها للتصاعد لتصل لدرجة الانتفاضة، شريطة أن تجد المشاركة الواسعة جماهيريا وفي ظل تكتل الكل الوطني خلف إنجاحها وخاصة السلطة الفلسطينية.

وشدد الرافاتي، "يمككنا أن نرى انتفاضة حقيقية في حال توقف التنسيق الأمني وأطلقت يد المقاومة في الضفة الغربية، وهنا يمكن لشعبنا التضحية وردع الاحتلال ودفعه للتراجع عن خطواته أو ما يفكر فيه وخاصة حاليا تمرير قانون القدس الكبرى الذي يعني طرد العرب من إطار المدينة وتغيير الواقع اليموغرافي بها لتصبح مدينة ذات أغلبية يهودية".

وختم بالقول: "إن عملية القدس تعطي رسالة بأن نبض المقاومة مازال يسري لدى الشبان الفلسطينيين الذين يرون أمام أعينهم حالة العجز السياسي لدى المنظومة السياسية الفلسطينية وفي ظل ما آلت إليه اتفاقية أوسلو من تحول القضية الفلسطينية لقضية معيشية حياتية واستسهال الاحتلال اقتضام الحقوق الفلسطينية دون رادع".