شبكة قدس الإخبارية

الإهمال المتعمد أفقد الأسير محمد بصره

هيئة التحرير

فلسطين المحتلة - خاص قدس الإخبارية: ليلة اعتقاله، وقبل أن يقتاده الجنود نحو الجيب العسكري، سأله ضابط الاحتلال إذا ما كان يعاني من أية أمراض، فأجاب محمد بالنفي، وضعوا القيود في يديه واقتادوه لجهة غير معلومة، لتعلم عائلته في اليوم التالي بواسطة إحدى المؤسسات الحقوقية أن الاحتلال نقل محمد إلى مركز تحقيق "بتيح تيكفا"، وبقي هناك لأكثر من ثلاثين يوما، نقل بعدها إلى سجن مجدو.

ما مر به الأسير محمد دويكات 30 عاما من مدينة نابلس، كانت حالة اعتقال كحال آلاف الأسرى والأسيرات، لكن أن يصبح كفيفا ويفقد بصره داخل السجن فهو ما لم يكن في الحسبان لدى عائلته وأصدقائه وجيرانه، وشكل ذلك صدمة قوية لهم، فهو الذي لم يشكو يوما من أية آلام في جسده أو عينيه، حتى أن والده مازن دويكات والمعروف بين الناس بالشيخ مازن، قال إن ابنه لم يكن يحب ارتداء النظارات الشمسيه.

لكن محمد الآن فعليا خلف القضبان فاقدا للبصر، لأن إدارة مصلحة سجون الاحتلال لم تعطه العلاج المناسب، هكذا قال والده.

ليلة السادس من كانون الأول عام 2016، اعتقل محمد الشاب الذي حصل على دبلوم اتصالات من كلية هشام حجاوي، وبعد انتهاء فترة التحقيق معه تمكن والده من رؤيته في محكمة سالم العسكرية، بدا حينها محمد بصحة جيدة، وكان يومئ لوالده بنظرات حب واشتياق، يقول دويكات "رأيته نحو 12 مرة في المحكمة، لكن لم تكن اللقاءات تتعدى الخمس دقائق، لم ألحظ عليه أي علامات لأعراض المرض".

والدته هي الوحيدة التي حصلت على تصريح زيارة لابنها، وفي آخر زيارة له في سجن جلبوع كانت في تشرين الأول الماضي، لاحظت أمه أن لون عينيه مائلا إلى الاحمرار، بينما بدا وجهه مائلا إلى الاصفرار، وعندما سألته عن السبب أجاب أنه يشعر بالتعب ويعاني من حكة قوية بهما، فطلبت منه إبلاغ إدارة السجن علهم يعطوه علاجا ما، مرجحة أن يعود السبب إلى الحساسية.

عادت الأم من زيارة ابنها، على أمل أن يلتقي به والده خلال المحكمة التي كان من المقرر عقدها في التاسع من تشرين الثاني الماضي، غير أن المحامي أبلغ عائلته بتأجيلها كون محمد يخضع لفحوصات اعتيادية وسيتم تحديد موعد آخر للمحكمة.

لكن ما جعل العائلة تشعر بالقلق الحقيقي، كان حينما أبلغها الصليب الأحمر عن إلغاء الزيارة أيضا التي كانت مقررة بعد أسبوع من موعد المحكمة، حاول حينها والده الاستعلام عن السبب، دون الحصول على جواب.

يقول والده لـ قدس الإخبارية: "تواصلنا مع ثلاث من عائلات الأسرى، كنا حينها نظن أن الزيارة قد ألغيت لجميع العائلات، لنفاجأ أن قرار الإلغاء لا يشمل الجميع، بل مقتصر علينا فقط، وهنا بدأنا نشعر بالقلق خاصة أننا كنا نعلم أنه ذهب لإجراء الفحوصات".

ويضيف: "ذهب ذوو الأسرى لزيارة أبنائهم، أوصينا أحدهم بالاستعلام من ابنه عن سبب إلغاء زيارة محمد، والاطمئنان على صحته، وعندما عاد اتصل بنا، كان مرتبكا جدا، قال لي أنت مؤمن بقضاء الله وقدره يا شيخ، علمنا من ابننا أن محمد فقد بصره، وهو يخضع للعلاج في مستشفى العفولة".

قام دويكات بإخبار زوجته بأن وحيدها محمد أصبح كفيفا، لتسقط مغشيا عليها، وهي تعيش الآن وضعا نفسيا صعبا، ويؤكد أن المحامي أبلغهم أنه وبناء على الفحوصات الطبية فإن ما أصاب محمد هو فايروس بالعين كان بالإمكان علاجه، غير أن العلاج الذي قدمه له الطبيب العام في السجن دون تشخيص طبي صحيح هو ما تسبب بفقدانه لبصره".

ويشير التقرير أيضا إلى أن هذا يعد إهمالا طبيا من الدرجة الأولى، جعلت شابا في مقتبل العمر يفقد بصره، حيث حولوه بعدها لمستشفى العفولة وهناك تم إعطاؤه أدوية بالوريد تعمل على تخفيف الرشوحات والمياه المتجمعة بين القرنية والشبكية، دون نتيجة.

لغاية اللحظة لم تتمكن عائلة محمد من زيارته، وهو الابن الوحيد لهم، وله شقيقتان متزوجتان خارج البلاد، ويعتبره والده السند الوحيد له في شيخوخته يقول الوالد إنه كأي أب أراد أن يفرح بابنه لذا عقد قرانه على فتاة من إحدى قرى نابلس، كان ذلك قبل اعتقاله بأسبوعين فقط.

يقول والده :"محمد يحب الرياضة، وتحديدا كرة القدم، ويتمتع بكامل صحته ولياقته، لقد أفقدوه بصره، وما يصبرني في مصابي هذا هو وقفة الناس إلى جانبي واستعداد العديد من أطباء العيون علاج محمد على نفقتهم الخاصة، هذه المواقف تزيد من قوتي وترفع معنوياتنا"

كل ما يطلبه والد محمد هو أن يخرج محمد من السجن كي يتمكن من علاجه، فهو يخشى على حياته وأن يتطور وضعه الصحي أكثر من ذلك، واختتم بالقول: "لو تطلب علاجه أن أعطيه عيني فسأفعل".