استنكرت حكومة الاحتلال وعلى لسان سفيرها في بريطانيا "دانييل تواب" التفسير الذي قدمته إحدى الكنائس الاسكتلندية للوعد الإلهي الوارد في العهد القديم بشأن أرض فلسطين، والذي يشكك دينياً بالتفسير اليهودي للوعد الإلهي، واعتبره مهيناً وينكر «حقنا العميق في الأرض».
ويقوم التفسير الديني للكنيسة الاسكتلندية، الذي نشر الأسبوع الماضي في عشر صفحات، على فكرة أن «الوعد الإلهي بشأن أرض فلسطين لا ينبغي أبداً أخذه بشكل حرفي». مشددا على أن العهد القديم، المعروف بالتاناخ، الذي يحوي «التوراة والأنبياء والكتب»، لا ينبغي استخدامه سبيلاً لتسوية الخلاف بشأن السيطرة على الأرض، وقد دفع هذا التفسير تواب إلى الخت مثير للجدروج علناً ضد هذا التفسير، معتبراً إياه «تقريراً مهيناً جداً».
وقد أعد التفسير كوثيقة ستعرض على الجمعية العمومية للكنيسة، التي ستبدأ اجتماعاتها الشهر الحالي، وستبحث في «الخطوات الاقتصادية والسياسية ضد دولة إسرائيل، خصوصاً فرض المقاطعة، وإلغاء الاستثمارات وفرض العقوبات، على خلفية الاستيطان غير القانوني» في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ومن المقرر أن يطلب من الأعضاء الـ723 الذين يمثلون جمهور الكنيسة، التصويت في أدنبره على فحوى هذا التفسير. وأعلن السفير الإسرائيلي أنه إذا أقرت «الكنيسة وثيقة من هذا النوع، فإن هذا سيشير إلى خطوة إلى الوراء بالنسبة للقوى الداعية للتسامح والسلام في منطقتنا».
وشدد السفير الإسرائيلي على أن «هذا التقرير لا يخدم فقط مواقف سياسية متطرفة، وإنما ينكر أيضاً الارتباط اليهودي العميق بأرض إسرائيل، ويقلل من قيمة ذلك بشكل مهين حقاً»، متهما الكنيسة الاسكتلندية بإشاعة أفكار لا سامية عبر تحديها أساس الإيمان، والرابط اليهودي بإسرائيل وتشويه أساس الصهيونية.
ونشرت صحيفة «تايمز» البريطانية أن «الرابطة ضد التشهير»، وهي جمعية يهودية أميركية، أدانت أيضاً وثيقة الكنيسة واعتبرتها مهينة بشكل استثنائي. وجاء في بلاغ لهذه الجمعية أن التقرير «ينكر إيمانيات الشعب اليهودي».
وجاء في تقرير الكنيسة الذي وُضع تحت عنوان «إرث إبراهيم؟»، أن «هناك فرضية شائعة في أوساط مسيحيين كثر، والكثير من الشعب اليهودي ترى أن التاناخ يؤيد أن تكون دولة إسرائيل يهودية في أساسها. وهذا يثير تساؤلات متزايدة ومتعاظمة، فيما تقود السياسة الحالية لإسرائيل تجاه الفلسطينيين إلى تشديد هذه التساؤلات».
وتمضي الوثيقة لتقول إنه «ينبغي تحدي الشعب اليهودي، ودفعه للكف عن التفكير بنفسه كضحية وكحالة فريدة، وإنما إلى دفعه للاعتراف بأن تعامله الحالي مع الفلسطينيين، وهو تعامل لا أخلاقي وغير عادل، لا يمكن أن يستمر».
وتتساءل الوثيقة عما إذا «كان الشعب اليهودي حالياً يملك ادّعاء أعدل للأرض لو أنه تعامل بعدل مع الفلسطينيين؟»، وترفض أفكار بعض اليهود ممن يعتقدون أن لهم حقاً في فلسطين «تعويضاً عن معاناتهم في المحرقة النازية».
وتخلص الوثيقة إلى أنه «بعد فحص مختلف الآراء حول التاناخ بشأن العلاقة بالأرض لشعب الله، يمكن الاستنتاج أنه على المسيحيين ألا يدعموا مزاعم اليهود أو أي شعوب أخرى بالحق المطلق أو بالحق الإلهي المميز لامتلاك أرض معينة. وتشير إلى أن هذا «سوء استخدام للتاناخ على اعتباره مرشداً طوبوغرافياً لتسوية نزاعات معاصرة حول الأرض».
وأكد متحدث باسم الكنيسة الاسكتلندية على أن الوثيقة أعدت لإظهار الظلم الذي يعاني منه الفلسطينيون وانتزاع الأرض منهم، وأن هذا يشكل عقبة أمام تحقيق السلام.
وشدد المتحدث على رفضه اتهامات كنيسته باللا سامية، وقال إن هذه اتهامات لا تستند إلى أساس و«تمس بالنقاش المبدئي». وفي نظره «لم تنكر الكنيسة أبداً حق إسرائيل في الوجود وهي لا تفعل ذلك الآن. بل على العكس. إنها تستخف بالسياسة التي تواصل الاحتفاظ بالسلام كحلم بعيد المنال في إسرائيل والمناطق الفلسطينية المحتلة».
وأضاف إن «التقرير يشير إلى الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني وشكل تقاسم الأرض. كما يشير إلى أن استخدام الكتب المقدسة لترسيخ ادّعاء بالأرض، من جانب أي جماعة كانت، هو فعل مضلل».