إذا أردنا أن نفهم حالة “الارباك” التي تَسود النّخبة الحاكمة في دولة الاحتلال الإسرائيلي هذه الأيام، لقد وصلت إلى درجة التهديد علانيّةً، فقد ارتفعت وتيرة التحذيرات الإسرائيلية من رد المقاومة على تفجير نفق غزة؛ كل ذلك يؤكد أن عملاً ما على وشك الحدوث، يترافق ذلك مع زيادة التدريبات العسكرية قرب الحدود الجنوبية.
"إسرائيل" في حالةِ ذُعرٍ وخَوف، من صمت سرايا القدس والمقاومة بعد استشهاد ثلة من خيرة قادتها ورجالها، منذ الاستهداف وحدود العدو مع القطاع في حالة استنفار وترقب، كل شيء طرفه شبه متوقف، للأسبوع الثاني سرايا القدس تفرض حظر التجوال على جنود الاحتلال عند حدود غزة ، حيث فرض الاحتلال حظر التحرك بالمركبات العسكرية وأمر جنوده بعدم الظهور قرب حدود غزة، كما تعطل بناء الجدار التحت أرضي حول قطاع غزة، وذلك تحسبا لرد محتمل لسرايا القدس .
إنّنا نَخشى أن تكون هذه اللّهجة التهديديّة الواضحة التي وردت على لسان قادة كثر لدى العدو، هي مُجرّد تمهيدٍ لخطط إسرائيلية لعُدوان جديد على قطاع غزة ، تحت ذرائع تهديد سرايا القدس لأمنها، فتستخدم نظرية الإحباط المسبق التي تقوم على الجهد الاستخباري، وجمع المعلومات الاستخبارية المسبقة، وتقدير صورة التهديد وصولا للعمل لإحباط العملية عبر الوسائل التنفيذية، بالاستهداف المباشر لأماكن أو الأفراد داخل القطاع تحت ذريعة الدّفاع عن النّفس في مُواجهة الخَطر القادم من أي عمل يمس قوات العدو ومستوطنيه، فهل يسعى نتنياهو للهُروب إلى الأمام؟.
ولكن ربّما يفيد تَذكيره أن المقاومة تعلمت من دروسها السابقة فأصبح لديها منظومة قيادة وسيطرة تقدر المصلحة العامة لشعبنا فتعرف متى تضرب وكيف، وهناك أداء رائع لسرايا القدس والمقاومة في إدارة معركة العقول مع العدو، وأن القرار بشأن المبادرة بالرد، لا يتخذ فقط على أساس نظرية التهديد، إنما يتأثر بتقدير أبعاد عمل العدو المتوقع على مصالح شعبنا الحيوية وهو التقدير الذي يأخذ بالحسبان الواقع الحالي الذي تعيشه القضية الفلسطينية.
حالة التهديد والوعيد كشفت الوهن والرعب الذي يعيشه العدو بعد استهداف نفق الحرية، وأن الغباء الإسرائيلي مازال يتكرر وينظر في مسألة الاستخدام العسكري وأن التقنية سوف تحل له كل مشاكله، العدو حقق ضربة باستهدافه للنفق لكنه غير قادر على حماية حدوده وجبهته الداخلية، وبات القادة الإسرائيليون تائهون في اتجاهاتهم ويتحسبون ما ينتظرهم خلفهم من الحدود فوقها وتحتها، يتحسبون من قناصة المقاومة وصواريخها الموجهة، وهم يعلمون جيداً أن المقاومة انتقلت من حقبة الدفاع والصبر في الأراضي الفلسطينية إلى العمل خلف خطوط العدو، ليست الأسلحة الحديثة وَحدها التي تَحسم الحُروب، إنّما الإرادة القويّة، والاستعداد للقِتال حتى الشهادة، والقيادة القادرة على إدارة الحرب بشكلٍ فاعلٍ، وهذهِ العناصر الثلاثة تتوفّر لدى المقاومة الفلسطينية اليوم.