فلسطينياً، يسعى رئيس السلطة محمود عباس لتعبئة الصف الفتحاوي تجاه ما يسميها “ضغوطات إقليمية” ودور مصري مريب ل “تصفية القضية الفلسطينية”، وإن كان الكلام بعمومه قابلاً للتصديق، لكن يبقى السلوك السياسي لعباس مثيراً للشك أكثر من أي شيء آخر.
ولا يزال عباس يعمل على تعبئة الصف القيادي في فتح والمنظمة تجاه محددات معينة، ويجهز لسردية سياسية جديدة يفرضها على الوعي الفلسطيني تكون مدخلاً لتجميد مسار المصالحة الفلسطينية، ومدخلاً جديداً للحفاظ على “شرعيته” في الداخل الفلسطيني.
عباس تمكن دائماً من فرض رؤيته السياسية على الجميع متسلحاً بمجموعة من رجالاته البعيدين عن الأضواء، مثل مجدي الخالدي، وأكرم هنية، والشرافي والافرنجي واسماعيل جبر، ومن خلال صناديق المال التي تدار بطريقة مركزية ودون متابعة وإشراف قانوني أو تنظيمي.
تخوف عباس الحقيقي من تطور الأحداث بصورة درماتيكية تقود لعقد انتخابات رئاسية تزحيه عن المشهد الفلسطيني، وما دون ذلك مناورات سياسية يسعى من خلالها للتحكم بالوعي السياسي الفلسطيني وإدارة المتناقضات في البيئة التنظيمية والسلطوية داخل النظام السياسي الفلسطيني.
ومن المضحك المبكي الإشارة إلى العامل الشخصي في قرارات عباس، فهو على سبيل المثال أزاح دحلان عن فتح والمنظمة، لا لشيء إلا لأنه تعرض لأنجاله وحاول اللعب خارج الحدود التي رسمها له، وفي الوقت الذي يُتهم فيه دحلان بالموبقات من قبل السلطة وقيادتها، تسعى حركة فتح لتطبيق “اتفاقية المعابر” التي وقعها دحلان، وتضرب بعرض الحائط التفاهمات الوطنية وتسعى لتكبيل القطاع مجدداً من خلالها.
وعليه، فإن عباس سيسعى لتشويه كل منافس وضرب أي شخصية صاعدة سواء من فتح مثل مروان البرغوثي أو غيره في إطار الحفاظ على القرار بيده وبيد مجموعة قليلة جداً لا علاقة مباشرة لها بمنظمة التحرير وحتى حركة فتح نفسها.