فلسطين المحتلة - خاص قدس الإخبارية: ربط رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تخفيف العقوبات المفروضة على قطاع غزة منذ عدة شهور، بـ"تمكين الحكومة" في القطاع، الذي يعاني من تبعات تلك العقوبات وتأثيرها على الحياة اليومية للسكان.
واعتبر نشطاء ومراقبون ربط عباس هذا تراجعا عما تعهدت به السلطة قبيل توقيع اتفاق المصالحة منذ حوالي شهر فيا لقاهرة برعاية مصرية رسمية، والتي اشترطت حل اللجنة الإدارية التي شكلتها حماس لإدارة شؤون حماس في ظل تخلي الحكومة عنه بحجة عدم قدرتها على ممارسة عملها بسبب تدخل حماس.
عباس من جهته أكد في كلمة له خلال مهرجان نظمته حركة فتح في مجمع السرايا بمدينة غزة، بمناسبة الذكرى 13 لرحيل الرئيس ياسر عرفات، اليوم السبت، أن "التنفيذ الدقيق والتمكين الكامل لحكومة التوافق الوطني سيقود لتخفيف المعاناة عن قطاع غزة".
هذا الربط بين تخفيف العقوبات وليس رفعا بما أسماه عباس تمكين الحكومة، خيب آمال المئات من المشاركين في مهرجان فتح الذين انتظروا من عباس إعلان رفع العقوبات عن القطاع تتويجا للأجواء التصالحية السائدة، غير انه لم يفعل، الأمر الذي أثار شكوكا لدى أهالي القطاع حول جدية عباس في رغبته برفع تلك العقوبات عن القطاع.
وقال عباس في كلمته: إنه "لا أحد أحرص منا على أهلنا هناك. ولا دولة بدون غزة أو فيها وحدها".
وأشار إلى مضيه قدما في مسيرة المصالحة الداخلية وترحيبه بجهود مصر في الوصول لاتفاق القاهرة، مضيفا: "مستمرون في تنفيذه وصولاً لسلطة وقانون وسلاح شرعي واحد".
ولم يتضمن خطاب الرئيس عباس إعلانا يرفع العقوبات عن سكان القطاع.
وعن الرئيس الراحل، قال: "إننا من بعدك وفي ذكراك نعيد التأكيد بأننا سنمضي قدمًا نحو تحقيق حلمك وحلم أبناء شعبنا بالحرية والسيادة والاستقلال على تراب وطننا الفلسطيني الطاهر".
واستطرد عباس: "أخي أبو عمار أن العهد والقسم والثورة التي عاهدنا عليها ستضل نبراسًا يضيء الاستقلال لدولتنا الأبية وعاصمتها القدس.. إن فلسطين التي أرادوا أن يخرجوها من التاريخ والجغرافيا من عام 1917 قد عادت بتضحيات شعبنا والشهداء والجرحى والأسرى".
وتابع: "ها هي تقول بأنها باقية فكانت تسمى فلسطين وستضل تسمى فلسطين والشعب الذي نكبوه وشردوه واختلعوه من أرضه ودياره لا زال يتمسك بحقوقه.. فالهوية الوطنية راسخة وثابتة".
وجدد التأكيد على أنه وبرغم كل المعوقات التي يفرضها الاحتلال ونشاطات الاستيطان القائمة على سياسة الابارتهايد فإننا متمسكون بثقافة السلام ومحاربة الإرهاب في منطقتنا والعالم ومصممون على البقاء على أرضنا والتمسك بحقوقنا التي كفلتها الشرعية الدولية.
وأشار عباس إلى "أنه يعمل مع حكومة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب والقوى المعنية من أجل التوصل لاتفاق تسوية وفقًا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وحل الدولتين على أساس حدود 67 والقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين".
تصريحات محبطة
من جهته اعتبر الكاتب والمحلل السياسي عدنان أبو عامر، أن عدم تطرق الرئيس عباس لرفع العقوبات عن قطاع غزة، أمام الجماهير المحتشدة، بشرى غير سارة لأهالي القطاع.
وأضاف أبو عامر في منشور له عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، "بعد تمكين الحكومة، وسيطرتها على غزة يمكن "تخفيف" معاناة سكانها، تخفيف وليس إنهاء، أو رفعا كلياً.. بشرى غير سارة للقطاع".
من ناحيتها اعتبرت الجبهة الشعبية تصريحات عباس وتصرفاته تجاه العقوبات التي تفرضها السلطة على القطاع بالمخيبة للآمال والمحبطة وغير المنطقة، مستغربة من استمرار عباس في خلق شروط جديدة على أهالي غزة من أجل رفع الضيق الذي يعانون منه منذ عدة شهور، وتعزيز صمود الناس من أجل ضمان استمرار ثباتهم في معركة التحرر من الاحتلال.
وقالت الجبهة على لسان القيادي رباح مهنا في حديث لـ "قدس الإخبارية": "إن الجبهة الشعبية عبرت في أكثر من مناسبة وفي أكثر من لقاء عن استنكارها لاستمرار العقوبات المفروضة على أهالي غزة على الرغم من مضي الفصائل قدما في تحقيق المصالحة، ووجود نوايا صادقة لدى أطراف المصالحة للذهاب إلى إنهاء الانقسام بأي ثمن".
وأضاف مهنا، "نلاحظ أن الرئيس عباس بات يستخدم مصطلحا آخر في اشتراطاته، فقد بات يقول تخفيف العقوبات بدلا من وقفها بالكامل، وهذا أمر مستغرب، وكأن العقوبات قدر منزل على أهالي غزة وهو يريد أن يخففها فقط".
وأوضح مهنا، "هذا منطق خاطئ ولا يجوز اللجوء إليه من قبل عباس، ونحن طالبنا وسنطالب بوقف هذه العقوبات بالكامل دون اجتزاء".
وأشار مهنا إلى أن أبو مازن لا يزال يناور من أجل تحقيق شروطه بإتمام المصالحة، والمقصود من وراء كل هذه الشروط هو سلاح المقاومة، لكن هذا الكلام المكرر من قبل أبو مازن هل المقصود به منع تكرار أحداث عام 2007 أم المقصود به إنهاء سلاح المقاومة الموجه للاحتلال".
وأكد مهنا على أن سلاح المقاومة لن يستطيع أحد أن يقدم على المساس به، فنحن في مرحلة تحرر وطني لا يمكن أن نتخلى فيها عن سلاحنا ما دام هناك احتلال رازح على أرضنا ويستهدف كل مقدراتنا الوطنية.
رسالة إحباط
حركة حماس من جهتها علقت على خطاب عباس بالقول إنه "محبط ومخيب للآمال"، وتابعت "يجب رفع العقوبات كاملة عن القطاع وحل أزماته".
وأضافت الحركة أن كلام الرئيس عباس عن تخفيف معاناة أهالي قطاع غزة بشرط تمكين كامل للحكومة هي رسالة احباط للشعب الفلسطيني ولا تسهم في إضفاء الأجواء الإيجابية".
وأشارت الحركة إلى أن عباس تحدث عن تخفيف المعاناة وليس رفعها أو إنهائها، مبيناً أنه لا مبرر أو معنى من تأخر السلطة في رفع المعاناة عن شعبنا خاصة بعد تسلم الحكومة لمهامها في القطاع.
وقالت الحركة: "سلاح المقاومة لا يمكن المساومة عليه ما دام الاحتلال قائم، وتصريحات السلطة عنه تدلل على التلكؤ في تطبيق المصالحة خاصة أن المطلوب تنفيذ الفعلي لكل الاتفاقات.