شبكة قدس الإخبارية

اعتقالات رغم المصالحة.. هل استثنى اتفاق القاهرة المعتقلين السياسيين؟!

مريم شواهنة

قلقيلية - خاص قُدس الإخبارية: أعلِن اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس، ليسدل الستار على عقدٍ ونيّف من الانقسام والتفكك؛ ليحل مشهد آخر، ليس جديداً كلياً على الشارع الفلسطيني، يضم تصريحات أخوية تدعو إلى الوحدة والتكاتف، وصور عمت الشاشات والصحف والمواقع لقادة الحزبين المُتنَازِعين يُخيّل للرائي أنها حالة وفاق تام وفرحٍ للإنجاز العظيم، الذي يفترض أن يكون نتاجاً لحصوله تحقق الكثير من المتعلقات بديهياً على أرض الواقع... لكنها لم تفعل!.

فالاعتقال السياسي أحد أبرز المشكلات التي ظهرت مع الانقسام، وعانى منها الشعب الفلسطيني برمتّه خلال الأعوام المنصرمة، ورغم إعلان اتفاق المصالحة، لا تزال حملات الاعتقال السياسي من قبل الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية مستمرة، والاستدعاءات كذلك.

"اعتقلوا زوجي منذ أسبوعين ونصف من مكان عمله في محل الدواجن"، تخبرنا أسماء خليل "ولويل" تفاصيل اعتقال عناصر جهاز الأمن الوقائي لزوجها عبد الله خليل "ولويل"، وتضيف بـ "قدس الإخبارية" "كنتُ حينها متوجهةً إليه وإذا بي أتفاجأ برؤية عناصر الجهاز يحيطون بالمكان، واعتقلوا عبد الله دون أن أراه أو أحدثه".

 

تم تحويل ملف عبد الله لاعتقال على ذمة المحافظ دون إيضاحٍ لعائلته عن سبب الاعتقال، ولم يُسمح لزوجته أسماء أو أيٍّ من أقاربه بزيارته أو الاتصال به، تقول أسماء: "منذ فترة تلقيت مكالمة من أحدهم يخبرني أن زوجي نُقل إلى المستشفى، وأن حاله هزيل وضعيف، وعندما وصلت المستشفى الحكومي لم أجده ورفض المحافظ والإسعاف كذلك إخبارنا بأي شيء عن حالته الصحية".

أما الحالة الصحية لـِولويل فهو يعاني من نوبة أعصاب قالت زوجته إنها أصابته نتيجة اعتقالاته المتكررة لدى الاحتلال وأجهزة السلطة طيلة السنوات التسع الفائتة، "تصلني أخبار من السجن أن النوبة عادت له مجدداً، وهذا غالباً بسبب إما ضغطهم عليه في التحقيق أو بسبب تعرضه للتعذيب، كل ما أريده أن أرى زوجي أو أهاتفه لأطمئن عليه".

من الجدير ذكره أن عبد الله أُفرج عنه من اعتقال سابق لدى الأجهزة الأمنية، ووقتها نُقل إلى قسم الطوارئ وهو في السجن..إضافة إلى  أن ولويل هو المعيل الوحيد لأبنائه الأربعة؛ فقد شكت أسماء سوء وضع الأسرة بسبب غياب معيلهم، واضطراب نفسية أبنائهما بسبب اعتقالات الأب المتكررة.

اعتقال آخر

في تاريخ 8-10-2017، اعتقلت نفس الجهاز الشاب لؤي داوود من منزله في المدينة، بعد تفتيشه ومصادرة جهاز حاسوبه وهاتفه المحمول، وكعبد الله حول ملفه لاعتقال على ذمة المحافظ، "تمكنت بعد عدة محاولات من زيارته الأربعاء الفائت لمدة ثلث ساعة تقريباً، لم أستطع التحدث معه جيداً، أو أن أسأله عن وضعه في المعتقل، فرجال الوقائي يجلسون بجانبنا في الزيارة؛ ما يُحدد الحديث بيننا كثيراً"، تروي ابتسام داوود زوجة المعتقل لؤي داوود لـ "قدس الإخبارية".

أما عن وضع لؤي الصحي، فهو يعاني من مرض سكري وضغط وعشى ليلي، تقول زوجته إنه أصيب بها نتيجة تعرضه للتعذيب في اعتقالاته المتكررة لدى الاحتلال والأجهزة الأمنية الفلسطينية، فقد أمضى داوود 12 عاماً من حياته داخل أسوار السجن، وكان إفراج قوات الاحتلال الأخير عنه قبل نصف عام إذ قضى حكماً إدارياً مدته 16 شهراً، وهو أب لخمسة أبناء.

وتضيف، "هو الآن في زنزانة في معتقله، وهذا أبداً لا يُناسب وضعه الصحي، حتى إن معنوياته عند أسره لدى الاحتلال تكون أعلى بكثير من اعتقاله عند الأجهزة الأمنية، وإني أستغرب حدوث هذا في وقت يقال إن المصالحة قد تحققت، كيف تحققت وزوجي لا يزال معتقلاً؟"، وبعد تساؤلها أكملت ابتسام حديثها والدمع يسبقها حروفها، "لم أترك أحداً، تواصلت مع الجميع، والجهات المعنية لا تتحرك، يمنعون إدخال الطعام أو المال له، والزيارات تتم بالواسطة!".

حالة ثالثة تشترك مع سابقتيها بأنها أحيلت أيضاً لملف على ذمة المحافظ، ففي تاريخ 25-9-2017، اعتقل عناصر الأمن الوقائي صالح داوود من منزله في قلقيلية، وهذا ليس الاعتقال الأول لصالح لدى الأجهزة الأمنية، وهو أسير محرر من سجون الاحتلال، أدت اعتقالاته المتكررة لإصابته بنوبة أعصاب وصرع يستدعي أن يأخذ الدواء باستمرار، تقول زوجته منتهى داوود: "عندما أتوا لاعتقاله طلبوا دواءه، وللأسف كان دواؤه قد نفد، فلا أعلم الآن ما إذا كانوا يعطونه الدواء المناسب لمرضه، مرض زوجي يتطلب عناية حثيثة لا توفرها المعتقلات، طلبنا كثيراً من المحافظ أن نرى صالح، ولكن لم نحصل على رد، لم نعرف عنه شيئاً منذ اعتقاله".

رغم المصالحة

وفي حديث مع "قدس الإخبارية" قال المحلل السياسي، د.عبد الستار قاسم، إن "أخطر شيء على المصالحة هو غياب الإرادة الفلسطينية، ما يعني أن التدخل الخارجي وارد لإبطال المصالحة، أي نحن نتحدث عن العدو الصهيوني والولايات المتحدة، فلهما شروط يفرضانها وكذلك السلطة الفلسطينية ملزمة باتفاقات تقيدها، وإذا لم تلتزم بها فسيتم اتخاذ إجراءات ضد السلطة، فلذلك كان رأيي منذ البداية أنه قبل أن يتوصلوا إلى اتفاق مصالحة كان يجب أن يناقشوا مسألة الإرادة الفلسطينية الحرة، فهل نحن سنقاتل من أجل قرارنا الحر؟ أم سنخضع للإرادة الصهيونية؟ وللأسف هذا لم يناقش".

وأضاف قاسم "بموجب ما يسمى التنسيق الأمني لا تزال الاعتقالات السياسية مستمرة، وغداً ربما تُقطع الأموال عن السلطة وسيكون حينها ضغط  شعبي على السلطة لصرف الرواتب، فإلى أين سننتهي؟، إلى المربع الأول، فطالما ليست هناك إرادة سياسية حرة فالمصالحة لن تنجح، الأماني ليست كافية للأسف، الظرف الموضوعي يفرض نفسه".

قانونية الاعتقال على ذمة المحافظ

ومن الناحية القانونية، يمنع قانون العقوبات الجزائية أن يكون الاعتقال على ذمة شخص؛ فإما أن يكون الاعتقال على ذمة النيابة العامة أو على ذمة القضاء، "تقوم الشرطة بالقبض على الشخص وإحالته إلى النيابة العامة، وتقوم بعدها النيابة بتوقيفه أو تحديد توقيفه عن طريق المحكمة، هذا ما ضمنه القانون الفلسطيني الأساسي"، يوضح لنا المحاضر في كلية القانون في جامعة النجاح، الدكتور علاء بني فضل.

ويضيف في حديث لـ "قدس الإخبارية"، "الاعتقال على ذمة المحافظ أُخذ من القانون الأردني الذي كان مطبقاً في السابق، حالياً أصبح هذا القانون غير دستوري بعد صدور القانون الأساسي، وبإمكان عائلة المعتقل على ذمة المحافظ الطعن في دستورية قرار المحافظ أمام محكمة العدل العليا الفلسطينية".

يذكر انه وعلى مدار أسبوع حاولنا التواصل مع محافظ محافظة قلقيلية اللواء رافع رواجبة للحديث عن الموضوع وتبيان أسباب وجود الاعتقالات، إلا أن جميع المحاولات ووجهت بالرفض من قبله دون إبداء الأسباب.