لا يمكن وصف ما جرى في غزة يوم أمس من قمع لمسيرة الجبهة الشعبية التي خرجت في مدينة خانيونس للتنديد بقصف الاحتلال لسوريا، سوى بأنه قمع للحريات وتكميم للأفواه واستمرار لملاحقة الصحافة والسلطة الرابعة في قطاع غزة.
وبغض النظر اتفقنا أو اختلفنا مع من خرجوا للشارع للتنديد بما حصل في سوريا رافعينً الأعلام السورية واللافتات المنددة بالصمت العربي على هذا القصف، إلا أن فض الاعتصام بالقوة والاعتداء على بعض المشاركين فيه أمر لا يمكن تبريره أو السكوت عليه.
ما مبررات قمع الاعتصام يا شرطة غزة، وما دامت الوقفة سلمية فلماذا يتم منعها وفضها بالقوة! وما الضير في الخروج والتنديد بقصف الاحتلال، جميع الفصائل الفلسطينية أدانت الحادث واستنكرته بما فيها حركة حماس التي تحكم قطاع غزة! على شرطة غزة أن تفهم بأن سياسة القوة والقمع سياسة فاشلة بامتياز ولا تجلب سوى مزيداً من الكراهية لها، وتعجل في إفشال مشروعها وفض الناس عنها.
[caption id="attachment_12942" align="aligncenter" width="360"] من وقفة احتجاجية للصحافيين ضد الاعتداءات عليهم في غزة[/caption]أما اعتقال الصحافيين واحتجازهم ومصادرة كاميراتهم فهي تكرار لسياسة الأنظمة العربية البائدة والتي ثارت الشعوب ضدها، وهو بلا شك جريمة يجب أن يعاقب ويحاسب المسئولين عليها .. لا أدري ما الذنب أو الجُرم الذي اقترفه الصحافي والمصور الفلسطيني ليتم اعتقاله وبهدلته بهذه الطريقة، ولا أدري إلى متى ستبقى الصحافة ملاحقة وممنوعة في فلسطين!
وحول اعتذار داخلية غزة والمكتب الإعلامي للحكومة فلا داعي له؛ ولا أظن بأن الصحافيين يمكن أن يقبلوا هذا الاعتذار أو يأخذوه على محمل الجد خاصة مع تكرار حوادث الاعتداء عليهم، فما فائدة هذا الاعتذار إن استمرت سياسة الشرطة بملاحقة الصحافيين ؟!
الاعتذار الحقيقي لا يكون إلا بوقف هذه السياسة ومحاسبة المسئولين عنها، وإيقاف الضباط الذين أصدروا قرار الاعتداء على الصحافيين واعتقالهم، وتشكيل لجنة تحقيق محايدة من خارج الوزارة لكشف مجريات ما حصل، وبدون ذلك فلا معنى للاعتذار.