شبكة قدس الإخبارية

هل سيكون استخراج "غاز مارينا" ثمرة المصالحة الأولى؟

إسلام الخالدي

غزّة- خاص قُدس الإخبارية: بعد الإجراءات غير المسبوقة في إتمام مسلسل المصالحة الوطنية الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس، الذي لم تنتهي بعد حلقاته، نرى حالة من التفاؤل بين صفوف المختصين والنشطاء بعد الإعلان عن خبر المباحثات حول استخراج غاز مارينا الطبيعي، ليكون أولى ثمرات المصالحة.

ومنذ تصريح رئيس الوزراء رامي الحمد الله خلال لقائه ممثلين عن مؤسسات القطاع الخاص بغزة أثناء زيارته الأخيرة، بوضع خطة "غير مسبوقة" وتفاهمات مع شركة يونانية لم يفصح عن اسمها بعد، لاستخراج الغاز الطبيعي من "حقل مارينا" في بحر قطاع غزة، ليعد المشروع الأول الذي سيلقى استحساناً من أصحاب القطاعات الخاصة، كونه سيغذي محطة الكهرباء بالكامل.

وكان التساؤل سيد الموقف منذ الإعلان عن فكرة المشروع، فهل هناك اتفاقيات أبرمت وهل سيتم ذلك فعلا؟، ومتى ستكون المرحلة التنفيذية المقبلة؟، حسب توقعات الخبراء والمختصين في الشؤون السياسية والمحلية، وما هي العقبات التي من الممكن أن تواجههم؟.

مخزون استراتيجي

 مدير العلاقات العامة بشركة الكهرباء محمد ثابت قال لـ "قدس الإخبارية": "إن شركة توزيع الكهرباء تلقت خبر الجهود المشتركة حول استخراج الغاز الطبيعي بحقل مارينا بكل تفاءل، كونها دعت منذ فترات سابقة لاستبدال السولار ذو القيمة التشغيلية المرتفعة بوقود منخفض التكلفة".

ويتابع، "تعد شركة الكهرباء جزء من المنظومة الحكومية، وبالتالي أي حلول مرتقبة سيرافقها تحسن ملحوظ على جدول الكهرباء، فالغاز الطبيعي منخفض التكلفة وبالتالي سوف يعمل على تشغيل محطة التوليد بكامل طاقتها ويوفر نفقة الأموال، إلى جانب أنه صديق للبيئة لا تنتج عنه انبعاثات كما في السولار الضار، الذي يضر بالمنطقة المحيطة للمحطة".

كما أشار إلى أن غاز مارينا يعد من الثروات الطبيعية لفلسطين، فالاحتلال منذ وجوده ينهب هذه الخيرات، فاستخراج الغاز يعد مخزونا استراتيجيا للشعب الفلسطيني، فهو يسد حاجة الأراضي الفلسطينية من الغاز لسنين طويلة من شأنه أن يتم تصدير جزء منه وبيعه، وبالتالي سنجد هناك مردود مالي لتطوير هذه المؤسسات بداخل الدولة والاستفادة منها بشكل رافع للاقتصاد الفلسطيني المترنح بسبب الاحتلال.

مشاريع مأمولة للمصالحة

ويؤكد المحلل السياسي ناجي شراب، على أن حقل غاز مارينا الطبيعي الذي تم اكتشافه في بدايات السلطة وعليه تم إبرام اتفاقية مع إحدى الشركات البريطانية للقيام بعمليات التنقيب وصولاً إلى صلاحيته للاستثمار، لاقى إشكالية كبرى ألا وهي ارتباطه بمشروع السلام الإسرائيلي، وبالتالي بعد سنوات الانقسام الدامية تم وقف التنقيب في هذا الحقل، لكن الآن في ظل الحديث بموضوع السلام والتسوية السياسية طرحت هذه القضية للنقاش وعرضها على الأطراف المعنية.

وقال شراب لـ"قدس الإخبارية"، "إن مشروع غاز مارينا الطبيعي من المشاريع المأمول بها، في حال تمت المصالحة وموضوع التسوية السياسية، وعلى إثره سوف تنتعش وتزدهر غزة اقتصادياً من خلال تلك المشاريع".

ويضيف، بأن الحكومة تحتاج إلى رؤية وخطة استراتيجية واضحة وتوافق واتفاق؛ كي تتمكن من إعادة بنيتها من جديد، وخاصة بعد 11 عاماً من الانقسام.

عمل فلسطيني موحد

وفي الحديث مع الخبير الاقتصادي سمير أبو مدللة، يشير إلى أنه "بعد اكتشاف غاز مارينا 1 وغاز مارينا 2 في عام 1998م، تم إبرام اتفاق مشترك مع شركة "بريتش غاز" صاحبة الامتياز، فيما نص على امتلاكها 60% من رخصة الحقل، بينما شركة المقاولون اللبنانية 30%، و10% لصندوق الاستثمار الفلسطيني، لكن مع اشتعال لهيب الانتفاضة في نهاية التسعينات منع استخراجه إلا عبر اتفاقيات جديدة".

ويقول لـ"قدس الإخبارية"، "تقدر كمية الغاز الطبيعي في حقل مارينا 1 الذي يقع في الأراضي الفلسطينية 28 مليار متر مكعب، في حين تبلغ كميته 5 مليارات متر مكعب في حقل مارينا 2 والذي يقع ضمن المنطقة الحدودية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1948 وبالتالي هو حقلاً مشتركاً".

ويكمل، "الفترة المقبلة من الممكن أن تشهد على تنفيذ أولى ثمرات المصالحة، وذلك بعد إتمام كافة الاتفاقيات المبرمة، وخاصة موضوع استخراج الغاز الطبيعي سيكون على سلم الأولويات".

ويرى أبو مدللة، أن " 50-60% من كمية الغاز الطبيعي الذي سوف يتم استخراجه بخلاف الضرائب، هو اتفاق الأفضل لأن صندوق الاستثمار الفلسطيني في البداية لم تكن حصته أكثر من 10%، فالغاز الموجود يكفي السلطة من 15-20 عاماً، ومقدار ما يدخله على خزينة الدولة 3مليارات دولار، وبالتالي هذا سيحل  أزمة الكهرباء في غزة أولاً، كون محطات التوليد مصممة بأن تعمل على الغاز، وبالتالي فمن الممكن أن تخفف من فاتورة الاستيراد من قبل السلطة من طرف الاحتلال الإسرائيلي، لأن الجزء الأكبر من الواردات هي عبارة عن وقود ومن المتوقع تدخل إلى خزينة السلطة 250 مليون دولار سنوياً، وهذا يخفف احتياج السلطة للدول المانحة ويخفف من عجز الموازنة، وهذا كله مرهوناً بالتطورات السياسية في الفترة القادمة وتطور الاتفاقيات الفلسطينية الإسرائيلية ومدى سماح سلطات الاحتلال للسلطة باستخراج الغاز".

ويضيف، "فهذا يحتاج لتحركات دبلوماسية من قبل السلطة مع المجتمع الدولي ومع المنظمات الدولية للضغط على إسرائيل من أجل السماح باستخراج هذا الغاز، لأنه بالأساس يقع داخل الأراضي الفلسطينية والحدود الإقليمية الفلسطينية، ومع ذلك إسرائيل تنتهك كل الاتفاقيات بما فيها اتفاقية أوسلو وباريس ومن حق السلطة أن تستخدم وتستخرج الموارد التي بأراضيها، بعمل دبلوماسي مشترك".