رام الله – خاص قدس الإخبارية: "الحل أن تبقى في البيت" هذا الرد الذي تلقاه عمر عصفور من أحد المسؤولين وهو يبحث عن الحقوق الأساسية في التعليم والعلاج لطفلته الجريحة تولين، التي تتنكر لها السلطة الفلسطينية.
فمنذ 10 شهور لا تتلقى الطفلة تولين أي علاج، فالمشافي الإسرائيلية ترفض استقبالها بعد أن تنصل التأمين الإسرائيلي من تسديد تكاليف العلاج الذي أقرته محاكم الاحتلال.
فيما تدير مؤسسات السلطة الفلسطينية ظهرها لتولين وعائلتها رغم المناشدات والرسائل العديدة التي وجهت لشخصيات مسؤولة عدة أبرزها رئيسها محمود عباس.
"إسرائيل" تتنصلعمر عصفور والد تولين يقول لـ قدس الإخبارية، إن التأمين الإسرائيلي كان قد هدد العائلة بوقف علاج طفلته تولين، وهو ما نقلته العائلة فورا للسلطة الفلسطينية بهدف إيجاد بديل سريع يوفر العلاج للطفلة ويحميها من الوقوع في انتكاسة صحية جديدة، مبينا أنه لم يجد آذاناً صاغية، لينفذ الاحتلال تهديداته وتواصل السلطة إهمالها.
في التاسع من تشرين أول 2014، وقفت الطفلتان ايناس دار خليل وتولين عصفور على رصيف شارع 60 الاستيطاني باحثتان عن فرصة مناسبة لقطعه وصولاً إلى منزليهما، إلا أن أحد المستوطنين اقتنص هذه الفرصة ودهس الطفلتين بشكل متعمد وفر من المكان.
ايناس ارتقت شهيدة، أما تولين فتحاول مذ ذاك التاريخ التمسك بالحياة، رغم ما أصابها من شلل دماغي أفقدها القدرة على الحركة والنطق، وقيد نموها العقلي.
علاج تولين المستمر منذ ثلاث سنوات لا يقارن بعلاج أي مرض آخر، فمركبة المستوطن قذفت الطفلة أمتار في الهواء قبل أن تعود وترطم في الأرض، ما يتطلب توفير علاج وظيفي، طبيعي، ونفسي، مستمر ما دامت تولين تتمسك بالحياة.
يقول عصفور: "إن التأمين الإسرائيلي يدعي أن تولين ليست بحاجة لعلاج، فيما تؤكد تقارير المشفى أن تولين ما زالت بحاجة لعلاج مستمر ومكثف، وهو ما دفع المشفى لاستدعاء تولين"، مشيراً إلى أن العائلة تقوم بخطوات قانونية عدة للضغط على الاحتلال وانتزاع قرار عودة تولين للعلاج مجدداً.
وأضاف، أن تولين بحاجة أيضا لجهاز يوضع على قدميها يتم تغييره كل ستة شهور وخاصة أنها في فترة نمو، إلا أن الجهاز لم يتم تغيره منذ أن تم توقيف علاجها، مشيرا إلى أن تغيير الجهاز يكلف العائلة في كل مرة 10 آلاف شيقل.
التأمين الإسرائيلي يدِّعي أن وقفه لعلاج تولين يأتي بذريعة توفر علاج في مشافي الضفة، ما دفع العائلة للتوجه إلى مركز أبو ريا، أحد مشافي العلاج الطبيعي في الضفة، ليزود العائلة بتقرير حول الوضع الصحي لتولين يتضمن تأكيدا على أن علاجها غير متوفر لديه، وهو ما يرفض المركز حتى الآن.
ويعلق عصفور، "قالوا لنا إن علاج تولين غير متوفر في المركز، وأن وضعها لن يتحسن ونصحونا بأن تبقى تولين في البيت وأن لا تستمر في الذهاب إلى المدرسة"، مشيرا إلى أن محافظة رام الله والبيرة ليلى غنام طالبت المركز بتقديم تقرير حول وضع تولين، ومساعدة العائلة التي ما زالت تنتظر ذلك.
السلطة تتهربويضيف أن علاج تولين في الضفة يعني تنصل التأمين الإسرائيلي من تحمل تكاليف علاجها وإلقائه على العائلة التي تدفع شهريا ما يقارب خمسة آلاف شيقل للمدرسة والأدوية والعلاج، "إذ توفر العلاج في مركز أبو ريا، فلن يقبل المركز تأجيل دفع تكاليف العلاج لحين الحصول عليها من التأمين الإسرائيلي، فهل نرمي طفلتنا ونتركها بلا علاج؟".
وأكد عصفور على أن العائلة لم تقف مكتوفة الأيدي أمام طفلتها وتحاول توفير العلاج لها، فيما لم يدفع التأمين الإسرائيلي حتى الآن نصف تكاليف العلاج، "نطالب السلطة أن تتبنى تولين بتكاليف تعليمها على الأقل.. نحن لا نريد أموالا، نحن فقط نريد أن تتعلم ابنتنا".
وأضاف، "السلطة الفلسطينية تتعامل مع الحكومة الإسرائيلية منذ 30عاما ولم تحقق أي إنجاز، فهل يتوقعوا مني لوحدي أن أحقق إنجازا وأنتزع حقوق طفلتي من التأمين الإسرائيلي؟".
وبين أن الاحتلال سجل دهس الطفلتين تولين وايناس على أنه مجرد حادث سير، إلا أنه كان دهس متعمد للطفلتين وقد تحول لحادثة وطنية نالت التفافا شعبيا، وقال: "تم دهس الطفلتين على أراضي أعلنت عليها السلطة إقامة الدولة الفلسطينية.. فإذا لم يتمكنوا من حماية أطفالنا، فمن حق هؤلاء الأطفال أن يتعالجوا ويتعلموا ويعيشوا حياة كريمة على حساب هذه الدولة".
مسؤولة الحوالات والمساعدات في مكتب الرئيس الفلسطيني، قالت لعمر، "طالب جامعة لا يصرف هذه المصاريف"، وهي المقارنة التي رفضها عمر، بعد أن تقدم برسالة تطالب السلطة بمساعدة العائلة بخمسة آلاف شيقل لتوفير التعليم وبعض العلاج لطفلته، ويتساءل عمر، "هل أنا كمواطن فقير أستطيع تحمل دفع هذا المبلغ شهريا أما أبو مازن والسلطة لا يستطيعوا تحمل دفع هذا المبلغ لطفلة جريحة؟"
وعن خطواته اللاحقة، بين عمر أنه سيبدأ وتولين في اعتصام مفتوح أمام مقر المقاطعة في رام الله لحين قبول الرئيس عباس مقابلتهم وتبني السلطة لقضية تولين.