القدس المحتلة- خاص قُدس الإخبارية: للمرة الرابعة، يكون الأسير الشاب صلاح الحموري (32 عامًا) رهن الاعتقال في سجون الاحتلال الإسرائيلي، رافضًا أن يتم مساومته على أرضه ومبادئه، شكّلت قصته نموذجًا وطنيًا أصيلًا لا يقل أصالة عن القدس.
مجددًا، وخلال الأسبوع الماضي تحديدًا في الثالث والعشرين من آب الحالي، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي الشاب الحموري مرّة أخرى بعد مداهمة وحدات الاحتلال الخاصة منزله في كفر عقب شمالي القدس المحتلة، قرابة الساعة الخامسة فجرًا، وعاثت فيه خرابًا بذريعة التفتيش، قبل أن تقتاد الحموري للتحقيق.
شرطة الاحتلال في القدس، طلبت من محكمة صلح الاحتلال تمديد اعتقاله لمدة سبعة أيام، إلا أنّه تم تمديد اعتقاله حتى الأحد الذي أعلن فيه التأجيل حتى التاسع والعشرين من آب، بينما تزعم سلطات الاحتلال أن لديها مواد سرّية تدعي أن الحموري ينشط في "تنظيمٍ معادٍ"، وقضت أمس باعتقاله إداريًا للمرة الثالثة، ولمدة 6 شهور.
شقيق صلاح، أمير الحموري قال لـ"قُدس الإخبارية"، إن الاعتقال الحالي هو الرابع بالنسبة لشقيقه، حيث كان اعتقاله الأول لمدة 6 شهور، والثاني لسبعة شهور والثالث استمرت مدته 7 سنوات.
وفي استعراض التفاصيل، فان صلاح اعتقل عام 2005، وصدر عليه حكم بالسجن لمدة 9 سنوات، وذلك بذريعة العضوية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والتخطيط لعمليات فدائية ضد الاحتلال، من بينها محاولة اغتيال الحاخام اليهودي "عوفاديا يوسف"، لكنّ أفرج عنه بعد 7 سنوات في إطار صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس (صفقة شاليط) عام 2011.
ما قصّة فرنسا؟
وبرز اسم الحموري كثيرا عندما حرص الرئيس الفرنسي السابق "نيكولا ساركوزي" على أن يزاحم بنيامين نتنياهو في تقاسم "أدوار البطولة"، ويطالب بأن يفرج عن الحموري ضمن صفقة "إنقاذ شاليط" فطلب من الأخير، الإفراج عن الحموري ضمن الصفقة، وكلاهما يحملان الجنسية الفرنسية.
ونظرًا لكون الأسير الحموري يحمل المواطنة الفرنسية، حيث أن والدته فرنسية وزوجته وابنه أيضًا، فقد حضر القنصل الفرنسي جلسة المحكمة، علما أن سلطات الاحتلال لم تقم بإبلاغ القنصلية الفرنسية باعتقاله رغم أنه يحمل المواطنة الفرنسية.
القصة فعليًا بدأت عندما حاول الاحتلال عدم ربط اعتقال صلاح باختطاف شاليط الفرنسي أيضاً، وعرضوا على صلاح الإبعاد عشر سنوات إلى فرنسا بدل قضاء محكوميته، ثم يعود بعدها إلى القدس بضمانة فرنسية".
وصلاح كان مخيراً بين أن يقضي أجمل سنوات شبابه في السجن بين الجدران، أو في شوارع باريس حراً طليقاً، لكنّ صلاح المبدئي الصلب رفض أن يميَّز عن أبناء شعبه بسبب جنسيته الفرنسية، وقال إنه "لن يرضى أن يكون سابقة ويقبل صفقة بالإبعاد بدل السجن، وقضى بعدها الرفيق سبع سنوات عجاف في سجون الاحتلال"، يقول صديقه علاء أبو دياب.
وتمنع سلطات الاحتلال زوجته وابنه من دخول فلسطين بذرائع أمنية واهية، كما كانت تمنع الأسير الحموري من دخول الضفة الغربية، وتجدد أمر المنع تباعا، وهو محروم من رؤيتهم منذ سنوات.وخاض الحموري كذلك تجربة الإضراب عن الطعام، وتعرّض في أقبية وزنازين التحقيق لكل أشكال وأصناف التعذيب الجسدي والنفسي؛ من الحرمان من النوم والأكل وقضاء الحاجة، والشبح، والشبح المقلوب على كراسي أطفال وهو مكبل اليدين والقدمين ومغطى الرأس، وفي أوضاع غاية في القسوة والصعوبة، والصفع على الوجه والهز العنيف مدة شهرين كاملين.
الطموح بقي متوقدًا، وأكمل الحموري مسيرته بعد خروجه من الاعتقال الثالث، حيث بدأ بدراسة الحقوق، وحصل على اللقب الأول، وباشر بدراسة اللقب الثاني في جامعة القدس في أبو ديس، ويوم الأحد الماضي نجح في امتحان النقابة الفلسطينية للمحامين، أي قبل ثلاثة أيام من اعتقاله الأخير.
منذ أسبوع يستمر اعتقال صلاح، وسيقضي حكمًا إداريًا بالسجن لستة شهور، وهو الحكم الرابع له، ذلك لأنّه لم يقبل أن يطأطئ رأسه للاحتلال وقراراته، وهو كالمئات من شبّان القدس وأهلها، عصيين على الاحتلال.