شبكة قدس الإخبارية

بعد 42 عاما.. شهداء "سافوي" تحت ظل زيتونة برام الله

شذى حمّاد

رام الله - خاص قدس الإخبارية: تحت ظل شجرة الزيتون في مقبرة رام الله، احتضن ضريح واحد رفات 12 شهيدا لم يزرهم أحد من أقاربهم وذويهم منذ استعادتهم من مقابر الأرقام الإسرائيلية عام 2012.

فبعد 37 عاما من احتجاز الاحتلال جثامين شهداء منفذي عملية "سافوي" الفدائية التي نفذت في آذار عام 1975، استعادت الحملة الوطنية لاسترداد جثامين، شهداء سافوي، ضمن استعادة 91 جثمانا لشهداء احتجزوا في مقابر الأرقام لسنوات طويلة.

المنسق العام للحملة سالم نخلة بين أنه من بين الجثامين التي تم استعادتها، كانت جثامين ثمانية شهداء من منفذي عملية سافوي، وثلاثة جثامين أخرى غير معروفة الهوية، ليدفنوا في ذات الضريح في مقبرة مدينة رام الله.

الشهداء الثمانية من عائلات هُجرت من فلسطين عام 1948، حفرت أسماؤهم على الضريح: عبدالله عبدلله كليب، نايف نجد اسماعيل الصغير، موسى جمعة حسن طلالقة، عمو محمود محمد الشافعي، موسى العبد أبو ثريا، محمد ضياء الدين الحلواني، أحمد حميد أحمد أبو قمر، خضر أحمد جرام.

أضخم العمليات النوعية لحركة فتح

الساعات الأولى من فجر 6 آذار، وصل ثمانية فدائيين من حركة فتح على متن قوارب مطاطية شاطئ تل أبيب، قبل أن تكشفهم دوريات شرطة الاحتلال ويبدأ الاشتباك المسلح الأول، استطاع إثره الفدائيون الوصول إلى فندق "سافوي" الإسرائيلي، واحتجاز نزلائه كرهان لعدة ساعات.

طالب الفدائيون، بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين المعتقلين في سجون الاحتلال وتأمين طائرة لنقلهم إلى سوريا، إلا أن الاحتلال قرر مهاجمة الفندق ورفض مطالب الفدائيين.

ثلاث محاولات لاقتحام الفندق باءت بالفشل بعد عمليات اشتباك عنيفة ومتواصلة مع الفدائيين الذين أصروا على القتال حتى شارفت ذخيرتهم على النفاد، ليقرروا تفخيخ إحدى الغرف وتفجيرها.

أكثر من 100 قتيل ومصاب اسرائيلي أسفرت عملية سافوي الفدائية التي جاءت ثأرا لدماء الشهداء: محمد النجار، كمال عدوان، وكمال ناصر، وتمكن الفدائيون خلال العملية من قتل "عوزي يثبري" أحد كبار ضباط الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، الذي قاد عملية اغتيال الشهداء الثلاثة.

الشهداء عادوا بأكياس

سلمت سلطات الاحتلال ما تبقى من رفات جثامين شهداء سافوي، في أكياس نايلون مرقمة ومرفقة بتواريخ الاستشهاد، ووضع عليها بعض الإشارات، ليتم تشييعهم وموارتهم الثرى في مقبرة رام الله.

سالم نخلة أكد لـ قدس الإخبارية، أنه لم يتم التمكن من إجراء فحص DNA لرفات جثامين الشهداء، وخاصة أن عائلاتهم تتواجد في الشتات مفرقة بين الأردن، وسوريا، ولبنان، وقال: "لم نستطع فحص DNA الجثامين، وكل ما أستطعنا التأكد منه أن هذه الرفات تعود لجثامين شهداء معركة سافوي، بالاعتماد على أسمائهم الحركية".

وأضاف، "نواصل البحث عن عائلات شهداء سافوي، تمهيدا لإعادة استخراج رفاتهم وإجراء فحص DNA ومقارنته مع عائلاتهم"، مشيراً إلى أن ملف شهداء سافوي ملف ما زال مفتوحاً تبذل فيه حملة استعادة جثامين الشهداء جهوداً متواصلة بهدف الوصول إلى عائلاتهم.

وتابع،" ملف شهداء سافوي ملف خاص وقائم بذاته، رغم أن عملية البحث صعبة وخاصة أن العائلات مشتتة بين الأردن وسوريا ولبنان.. الأمر صعب وشائك ويحتاج لعمل دقيق ومستمر"، مؤكداً على أن بعض النتائج بدأت بالظهور ولكنها ما زالت غير كافية.

كيف كانت رفات شهداء سافوي؟

نخلة الذي تواجد عند استلام رفات شهداء سافوي، لا يستطع نسيان تفاصيل تسليم رفات الفدائيين الثمانية، "الجثامين تعرضت لأقسى وأبشع التفكير العنصري الإسرائيلي، فقد تركت في قبور عمقها 50سم فقط، جرفتها عوامل الطبيعة وبقيت مكشوفة.. بعضها ضاع، وبعضها بقي".

وبين نخلة أن الاحتلال خصص في مقابر الأرقام، قبوراً جماعية يوجد فيها خمسة جثامين على الأقل، "تسلمنا ما تبقى من عظام، موضوعة في كيس عليه رقم.. كشفنا عليها واحتفظنا فيها إلى أن تأتي اللحظة لإجراء فحص DNA للرفات وللعائلات".

وأضاف، "وضع لا يمكن وصفه، إذلال كرامة الإنسان حتى في مماته، فإسرائيل تلاحقنا إلى القبر بسياساتها العنصرية".

هل نُخدع مجددا؟

يتخوف الفلسطينيون من خداعهم من قبل الاحتلال، خلال تسليمه رفات جثامين الشهداء، وهو الدرس الذي تعلموه بعد تسليم 91 جثمان شهيدا عام 2012.

يبين نخلة أن فحص  DNA رفات الشهداء بات شرطا قبل استلام الرفات، "كل الشهداء هم أبناؤنا، وواجب علينا أن نكرمهم جميعا.. ولكن من غير الأخلاقي تسليم رفات جثمان شهيد لعائلة ليست عائلته".

وقال، "رفضنا أن نسلم رفات جثامين معركة سافوي لأي عائلة، واشترطنا عمل فحص  DNA لأي رفات جثمان شهيد قبل تسليمه لعائلته"، لافتا إلى أنه تم انتزاع قرار قبل عامين من المحكمة العليا الإسرائيلية لإجراء فحص  DNA لقائمة مكونة من 136 جثمان شهيد محتجز وعائلاتهم.

وتابع، "هدفنا كان تسليم كل جثمان شهيد لعائلته الحقيقية، الفعلية، البيولوجية، ولكن قيادة جيش الاحتلال تماطل في ذلك حتى الآن، وقبل شهرين طلبوا إجراء فحض DNA لعائلتين فقط، وهذا بغرض التلاعب بالوقت وإطالة الملف".

وأشار إلى أن الاحتلال يستخدم جثامين الشهداء ورفاتهم كورقة مساومة، إذ جرى تسييس القضية وجعلها بيد المستوى السياسي والأمني الإسرائيلي، "في أيلول يوجد جلسة أخرى في المحكمة الإسرائيلية، نأمل أن تنتج ضغطا على جيش الاحتلال لينفذ القرار السابق فورا".

ويتوقع سالم أنه إذا تم النجاح بالضغط على الاحتلال بتنفيذ قرار فحص DNA لـ 136 جثمان شهيد، فذلك سيكون مقدمة لتحقيق الإنجاز الثالث للحملة الوطنية لإسترداد جثامين الشهداء.