شبكة قدس الإخبارية

برج خرسا العسكري مسمار جديد في نعش "أوسلو"

ساري جرادات

الخليل - خاص قدس الإخبارية: يواصل الاحتلال الإسرائيلي الانتهاكات المتتالية بحق كل ما له علاقة بالفلسطينيين، ويصل الأمر إلى استباحة قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، واتفاقية جنيف الرابعة (1949) الخاصة بالحماية القانونية للسكان المدنيين والأعيان اليدوية بين الدولة المحتلة وكيان الاحتلال، وسط صمت عربي ودولي مريب.

وتؤكد منظمة "بتسيلم" مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان بالأراضي المحتلة في تقرير صدر عنها قبل عامين خرق سلطات الاحتلال لنصوص القانون الدولي من خلال بناء وتوسيع المستوطنات، خاصة على قمم الجبال وفي المناطق الواقعة في القدس وجبال الخليل وبيت لحم وغربي خط رام الله ونابلس.

فيما أقامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مؤخراً برجاً عسكرياً في منطقة خرسا جنوب دورا بالخليل، وسط منطقة مزدحمة سكانياً، وتعتبر عصب الخطوط الأمامية لدورا وبيت عوا غرباً ويطا ومدينة الخليل شرقاً، والظاهرية والسموع جنوباً، ودورا وإذنا وترقوميا شمالاً، مما يهدد حياة المواطنين بالخطر الشديد جراء سياسات الاحتلال الرامية لقتل كل ما هو فلسطيني.

ويؤكد رئيس بلدية دورا الدكتور نعمان عمرو لـ "قدس الإخبارية"، أن إقامة البرج العسكري في خرسا ليس له أي علاقة بالمفهوم الأمني لسلطات الاحتلال، وإنما يهدف لفصل المناطق والبلدات عن بعضها وتقطيع أوصالها، كجزء من مشروعها القائم على سياسة مصادرة الأراضي لخدمة مشاريع مستوطنيها التهويدية.

وأضاف عمرو، "قمنا بالعديد من الخطوات على الأرض، مثل تنظيم الفعاليات والوقفات المعارضة لإنشائه، والتواصل مع العديد من الجهات الحقوقية الدولية واطلاعها على الصورة غير الشرعية من وراء وجود هذا البرج في منطقة تتبع لسيطرة السلطة الفلسطينية بحسب اتفاقية أوسلو الموقعة بين الجانبين الفلسطيني والاحتلال الإسرائيلي".

 وأشار عمرو خلال حديثه لمراسل "قدس الإخبارية"، إلى رفع بلدية دورا وبالتنسيق مع الجهات المختصة قضية على سلطات الإدارة المدنية الإسرائيلية التي أصدرت القرار لجيش الاحتلال بإقامة البرج وسط المنطقة "أ"، ومع نهاية الشهر الجاري سيتم الرد على القضية، وفي حال فشلت الجهود سيتم التوجه للمحكمة العليا لكيان الاحتلال لإنهاء المأساة الحاصلة للمواطنين جراء إقامة البرج وسط بيوتهم.

ويبلغ عدد سكان خربة خرسا حوالي 5000 مواطن، وتبلغ المساحة الكلية للتجمع حوالي 5,000 دونم، والأراضي السكنية (المبنية) 600 دونم، بينما تصل مساحة أراضيها الزراعية حوالي 2,650 دونم (التعداد العام للسكان والمساكن الصادر عام 2011)، ويوجد فيها مواقع أثرية كثيرة أشهرها الدير والنواميس والمراجم وحجر اللقية.

وطالب الخبير في القانون الدولي الدكتور محمد شلالدة في حديث خاص لـ "قدس الإخبارية" السلطة الفلسطينية مراجعة الأطراف الراعية لاتفاقية أوسلو، جراء قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي بمواصلة خرقها له، ومراجعة اللجنة القانونية الخاصة بالاتفاقية، ومواصلة الجهود في البناء على قرار الأمم المتحدة الذي أدان الاستيطان في الضفة الغربية.

وطالب الخبير شلالدة السلطة الفلسطينية بالطلب من الطرف السويسري بالطلب من الأطراف السامية في اتفاقية جنيف الرابعة ومجلس حقوق الإنسان من اجل الاجتماع لبحث الخروقات اليومية لسلطات الاحتلال، وعقد اجتماع طارئ لها لإجبار سلطات الاحتلال على تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة.

وأشار الناطق الإعلامي باسم إقليم حركة فتح في دورا ياسر دودين لـ "قدس الإخبارية"، أن هناك تنسيق بين فصائل العمل الوطني والإسلامي في دورا على اتخاذ المزيد من الخطوات لمجابهة وجود البرج، وسيتم الإعلان عن فعاليات متتابعة حتى إسقاط مشروع البرج ومنع مصادرة المزيد من الأراضي والاستيلاء على البيوت في دورا.

واعتبر الناشط في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية بهاء الفروخ المقاومة الشعبية خياراً أساسياً في عملية إزالة البرج، مطالباً بتعزيز صمود المواطنين في أراضيهم، وتصعيد حملات المقاطعة للمنتجات الإسرائيلية، كون أرباح العديد من شركات الاحتلال تذهب أجزاء منها إلى دعم ميزانية جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وقالت الصحفية رنا الشحاتيت لـ "قدس الإخبارية"، والتي تسكن قرب البرج المشيد، "إنه من المؤلم حقاً أن تصحو من نومك وتحاول فتح النافذة فيرتد إليك البصر من برج احتلالي، الأمر الذي يتسبب لي ولكافة أفراد عائلتي مزيداً من القهر، جراء مواصلة سلطات الاحتلال الإسرائيلي من سياستها الرامية للتنكيد والتنغيص على المواطنين في مختلف المناطق وتقسيماتها".

وأضافت الشحاتيت لمراسلنا، "هددني جيش الاحتلال في حال استمراري بتصوير الانتهاكات والتعديات على المواطنين في منطقة خرسا بالسجن، ولكن الرسالة والتغطية مستمرة لتوثيق كافة جرائم جيش الاحتلال بحق شعبنا، وأرفض بشكل قاطع مساومة عملي على حريتي".

وأفادت الشحاتيت لـ "قدس الإخبارية"، أن جيش الاحتلال داهم منزلها في وقت سابق من الشهر الجاري، وطلب ضابط مخابرات الاحتلال منها بحذف كافة مقاطع الفيديو والصور الفوتغرافية التي التقطتها لجنوده أثناء تنكيلهم بأهالي خرسا، مهدداً إياها في حال استمرارها بعملها بالاعتقال.

وناشدت الصحفية الشحاتيت المنظمات الدولية والحقوقية بوقف انتهاكات الاحتلال بحق الصحفيين الفلسطينيين، وطالبت السلطة الفلسطينية بالتوجه الفوري للأمم المتحدة ومجلس الأمن لإسقاط مشروع الاحتلال الرامي لإثارة الخوف والقلق وتحويل منطقة خرسا لحقل تجارب لجنود الاحتلال في إعدام المواطنين والتنكيل بهم.

وأكد المواطن الخمسيني جهاد الشحاتيت لـ "قدس الإخبارية" أن تحركات جنود الاحتلال فوق منزله وفي محيطه تسببت بالخوف والقلق والاضطراب لأفراد عائلته البالغ عددهم عشرة، وبصورة خاصة على الأطفال وسلوكهم وتصرفاتهم التي ينتابها الحذر والخوف والتردد في بعض الأحيان جراء تواجد جنود الاحتلال.

وطالب الشحاتيت كافة الجهات المعنية والمختصة بوقف تنكيل الاحتلال بحق أسرته، وإنهاء تحويل منزله لثكنة عسكرية تراقب حركات الناس والعابرين، وأشار الشحاتيت إلى أنه احتاج ساعتين من الوقت لتعبئة اسطوانة الغاز بسبب منع جنود الاحتلال له من الخروج منزله إلا بتصريح من ضابط المنطقة.