الخليل - خاص قدس الإخبارية: لا تزال محافظة الخليل محافظة على موروثها التقليدي في معالجة وحل القضايا المجتمعية على رأسها حوادث القتل، من خلال اللجوء إلى "التشريع العشائري"، الذي حل محل دور الحكومة في معالجة تلك القضايا.
القضاء العشائري المعمول فيه بالخليل، لا يزال يقف عاجزاً عن وقف نزيف الدم السائل كل يوم في الخليل، حتى باتت نشرات الأخبار على مدار الساعة في الإذاعات والمحطات المحلية تزخر بأخبار جرائم القتل، وأصبح الناس لا يأمنون على أنفسهم من الوقوع بالمشاكل او أن يصبحوا ضحية للانتفلات الأمني الحاصل في المحافظة، وهو الذي اضطر رئيس الوزراء وزير الداخلية رامي الحمد الله لإلغاء زيارته لمدينة الخليل، يوم الاثنين الماضي، مبرراً ذلك بتوتر الأوضاع الميدانية في المدينة عقب مقتل أحد الشبان بإطلاق النار عليه بشكل مباشر وسط المدينة.
وبحسب معطيات الشرطة الفلسطينية فقد قتل 3 أشخاص في محافظة الخليل خلال أقل من شهر، كما أصيب عدد آخر بجراح مختلفة، نتيجة المشاجرات التي لا تتوقف على مدار الساعة، دون وجود رادع.
يقول أحد وجهاء العشائر بالخليل عبد المعطي السيد لـ "قدس الإخبارية": "إن قانون العشائر يتم التعامل فيه منذ زمن بعيد ويحل الكثير من القضايا المختلفة وهو فاعل جداً وناظم للمجتمع، وكلمة العشائر لها صدى وتؤخذ بمحمل الجد، ونحن منذ 30 عامًا نحاول تعديل قوانين العشائر الجاهلية إلى أحكام الإسلام واستطعنا مثل نظام "الأيمان الخمسة" و"فورة الدم" التي أكد أن عائلات الخليل ستُجمع على إنهائها وستكون لها كلمة نهائية في هذا الموضوع بعد عيد الأضحى المبارك".
وأكد السيد أن عمل نظام العشائر مهم وخاصة في سرعته باحتواء المشاكل ونزع فتيل الأزمات وتخفيف الاحتقان والحد من تطور الأحداث ووقف الفتن والأطراف الخارجية والطابور الخامس من تأجيج الأحداث. من جهة أخرى، أضاف السيد، أن قانون العشائر هو ليس بديلاً لعمل السلطة القضائية، وعلى السلطة الفلسطينية أن تضع حداً لأنظمتها التي لا تتعامل بواقعية ولا بجدية في حل الخلافات، وخاصة أن العشائر ولمرات عديدة طالبت السلطة الفلسطينية بتفعيل نظام القصاص والإعدام وقتل القاتل العمد لوضع حد لمشاكل الدم، والتي تزايدت في الآونة الأخيرة بسبب عدم وجود نظام الإعدام في المحاكم الفلسطينية"، حسب تعبيره.
وبالنظر إلى قانون العقوبات الفلسطيني نرى أن مادة 214 و 215 تؤكد وجود حكم الإعدام في قضايا القتل عمداً، فالمادة رقم 215 بالقانون الفلسطيني تقول أن "كل من أدين بارتكاب جناية القتل قصداً يعاقب بالإعدام"، وأوضح المحامي توفيق قفيشة أن القانون الفلسطيني هو رادع وناظم لقضايا المجتمع الفلسطيني خاصة أن المحاكم الفلسطينية أصدرت العديد من قرارات الإعدام بحق بعض القضايا ولكن السلطة التنفيذية لا تطبقها لأنها بحاجة لتوقيع من الرئيس الفلسطيني عليها.وحول موضوع التغطية على الجناة، أوضح السيد أن نظام العشائر لا يعمل وفق ما يتم تداوله وأن عملهم واضح في المحافظة على النسيج الاجتماعي وأنهم لا يمكن أن يكونوا تغطية للجناة وللقتلة وأن "العطاوي" التي تؤخذ هي للعقلاء وللمصلحين بين العائلات وأن الجناة والقتلة لا تشملهم.
في حين قال النائب في المجلس التشريعي د. حاتم قفيشة إن دور قانون العشائر هو إصلاحي بالدرجة الأولى وأن الثقة بهم تنبع من غياب الدور الحقيقي للسلطة التنفيذية وعدم وجود ثقة بالمحاكم القضائية، وعزوف الناس عن الذهاب الى المحاكم خاصة بالإجراءات البيروقراطية.
وأشار قفيشة لمراسل "قدس الإخبارية"، أن القانون والتشريعات الفلسطينية رادعة وفيها أحكام قاسية ومنها القتل خاصة للقاتل العمد ولكن السلطة التنفيذية لا تنفذ هذه الأحكام بسبب الضغوطات الدولية كالدول المانحة التي تفرض عليها عدم تطبيق هذا الحكم.
وأكد قفيشة أن تزايد حالات الشجار في الآونة الأخيرة ناتج عن تنمية النعرة العائلية في المجتمع المحلي، والتي تساهم بها السلطة بشكل كبير بطريقة مباشرة وغير مباشرة، من خلال الانتخابات البلدية الأخيرة التي تتقاوى بها بالعائلات بعدتها وعتادها وهي محاولة مكشوفة للتأثير على الفصائل المعارضة وللحد من تأثيرها، مضيفاً "النعرة العائلية تستغلها السلطة في كثير من الأحيان لعدم قدرتها على مواجهة المجتمع".
من جانبه ثمّنَّ قفيشة دور رجالات العشائر والإصلاح، "لما لهم من دور كبير جداً في المجتمع الفلسطيني والمحافظة على نسيجه الاجتماعي وحقنهم للدماء وخاصة في الفترات الأولى للقضايا والتي لا تستطيع أي قوة أمنية أن تفرض الهدوء مثل كلمة هؤلاء الرجال".
ويرى عماد الحسيني - أحد المتضررين من قانون الجرائم- خلال حديثه لـ "قدس الإخبارية"، أن قانون العشائر ليس دائماً منصف وهو في بعض الأحيان يقلب الحقائق ويفرض على صاحب القضية أن يقبل بالحكم العشائري دون النظر ومراعاة لصاحب الحق، وهو قانون غير رادع ومضلل في بعض الأوقات ولا يجب أن يستمر العمل فيه بالشكل الحالي.
هذا وتواصلت "قدس الإخبارية" مع الناطق باسم الحكومة الفلسطينية طارق الرشماوي لأخذ رد منه حول عدم تنفيذ الحكومة لقرارات الإعدام والتشدد في معاقبة الجناة، إلا أنه رفض الإجابة على الاسئلة.