قلقيلية- خاص قُدس الإخبارية: مما لا يُختلفُ عليه أنَّ أهم شروط النجاح واللحاق بركبِ التميز هو وجود تصميم وإرادة ورغبة؛ وتوافرها في أي حلمٍ أو عمل إلا سمت بصاحبه ورفعت ذكره، وباتت فرص تحقق الحلم أعظم وأكثر.
وكان مما أدركه مبكرًا الطفل أسامة عيد (13 عامًا) من قرية جينصافوط قضاء قلقيلية، أن النجاح ليس وليد لحظةٍ أو حتى نتاج زمن قصير، بل هو محصلة صبر ومثابرة ومجاهدة عظيمة، فلم ينلَ المجدَ كسولٌ ولا متحامل.
إدراك الفتى عيد لما سبق، جعل سنين عمره زاخرة باﻹنجاز واﻹبداع والتميز؛ فمن الخطابة إلى تحدي القراءة سبقهما تفوقٌ دراسيٌّ ومسابقات عدة صنعت بدايات أسامة في سبيل النجاح.
خطيب في الصف السادس
"عندما كنتُ في الصف السادس شاركتُ في مسابقة الالقاء والخطابة" يقول أسامة، وكانت المسابقة تقوم على كتابة خطبة جمعة وحفظها، وإلقائها على منبر اﻷوقاف أمام شيوخ المحافظة، وحصلتُ على المركز اﻷول"، وكانت تلك البداية الواضحة.
وعن سبب نجاحه في مسابقة الخطابة، يوضح أسامة "كنت أتأثر بأسلوب إلقاء الشيوخ في قريتي لخطب الجمعة وأحاول تقليده، وحتى أثناء تحضيري للمسابقة جالست بعض الشيوخ واستمعت لنصائحهم ولا أنسى طبعاً ملازمة والدي لي في كل مرحلة".
خلال العام الدراسيّ الماضي، شاركَ أسامة بمسابقة تحدي القراءة العربي، الذي يقوم على قراءة كل متسابق لخمسين كتاباً ثم تلخيصها على جوازات سفر للقراءة، يوزعها المدرس المشرف على الطلبة المشاركين، إضافة إلى ضرورة الإحاطة بالكتب وفهمها كلياً.
وعن تجربته في هذا التحدي يخبرنا عيد " تعتمد المسابقة على الفصاحة والبلاغة، وفَهْم المتسابقِ التامِ للكتب التي قرأها مع حفظ بعض أسماء المؤلفين، وكان الاختيار للمتسابق الذي سيتأهل يتمُ بناءً على شخصيته ومدى علمه وفهمه لِما قرأ".
ويضيفُ أسامة في حديثه لقدس الإخباريّة، "حصلتُ على أعلى علامةٍ في التقييم في مدرستي ثم تمَّ اختياري لتمثيل المدرسة على مستوى المحافظة وتأهلت بعدها إلى المرحلة النهائية على مستوى فلسطين إذ أن التقييم في تلك المرحلة يكون من قِبل لجنة تحكيم من دبي، وحصلتُ على المرتبة التاسعة على مستوى فلسطين".
وبموجب هذه المرتبة ونجاح أسامة في الحصول على مكان ضمن العشر اﻷوائل في المسابقة، حصل عيد على 500 دولار ورحلة ستكون قريباً إلى دبي لمدة خمسة أيام.
وبالإجابة على سؤاله، "هل كان هناك من يساعدك أثناء هذا التحدي"، يجيبنا أسامة "اعتمدت كثيراً على نفسي، لكن بالطبع كان يساعدني أهلي كثيراً في اختياري للكتب وتقسيم وقتي وما إلى ذلك"،.
أما فيما يتعلق بالدراسة والموازنة بينها وبين التحدي يطلعنا أسامة عيد على أنه معتادٌ على تنظيم وقته، فهو اﻷول على مستوى مدرسته ويخصص وقتاً للدراسة، كما يخصص وقتاً لقراءة وِرد قرآني، وآخر لقراءة ومطالعة الكتب والروايات، وأطلعنا أسامة أثناء حديثه معنا أنه يعتزم المشاركة بالمرحلة الماسية من التحدي خلال العام الدراسيّ القادم وسيلخص 75 كتاباً.
أما حين سألناه عن كاتبه المفضل، قال لنا عيد " أحبُّ غسان كنفاني ومؤلفاته، طريقة روايته للأحداث، والمصطلحات التي يختارها تعجبني كثيراً".
القمة دومًا
لم تكن مسابقة الخطابة هي اﻷولى التي يشارك بها أسامة، فمنذ أن كان في الصف اﻷول شارك في مسابقة لحفظ جزء "عمَّ" من القرآن الكريم على مستوى المحافظة، وحصلَ على علامة 100%، " بعد حفظ جزء عم شاركت في مسابقة القلائد الثلاثية".
يخبرنا أسامة " كان متطلب المسابقة حِفْظُ 90 حديثاً نبوياً، وحصلت فيها على المركز اﻷول"، ويضيف "في كل عام أشاركُ بأولمبياد اللغة العربية واللغة اﻹنجليزية وأحصل على العلامة اﻷعلى على مستوى قلقيلية".
أما عن طموح أسامة فهو دراسة الطب في الجامعة، وأن يكون إنساناً ناجحاً وألا يفشل أبداً، كما أخبرنا. " من يريد أن ينجح فليعبد الله ويتقرب منه، هذا سبب النجاح اﻷول، وعليه بتنظيم الوقت فهو مهم جداً أيضاً" ، بحسب اسامة.
لأهل الفضل!
"تحدّثَ أسامة عندما كان بعمر السنة، وعندما بلغ السنتين كان يحفظ ست سورٍ من القرآن الكريم" تقول نسرين عيد، والدة أسامة.
وتضيف في حديثها لقدس الإخبارية، "أسامة يحب أن يكون ناجحاً وأن يتحمل المسؤولية وهذا يسهّل التعامل معه جداً فأعامله كشخص كبير"، لافتة إلى أن اهتمام اﻷهل بموهبة طفلهم مهم جداً وإلا اختفت موهبته واضمحلت، وما ساعد أسامة كثيراً مداومته على قراءة القرآن وحفظه بعض اﻷجزاء، هذا زاد من فصاحته وقدرته على بناء جمل إنشائية".
وحول النصائح المقدمة منهم لتشجيع مواهب أطفالهم، قالت "أنصحهم أن يجلسوا كثيراً مع أبنائهم، هذا يجعلهم يلاحظون ميزات أطفالهم وجوانب إبداعهم، فكل طفل لديه جانب إبداعي ولكن اكتشافه بحاجة لمسألة وقت إضافي، حتى إنني في بعض اﻷحيان اضطررت للتخلي عن بعض العلاقات والذهاب لبعض المناسبات ﻷخصص من وقتي ﻷبنائي".