رام الله – خاص قدس الإخبارية: لا يتوقف رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن محاولة تعزيز صلاحيته وتحجيم الصلاحيات الممنوحة للمجلس الوزاري المصغر (الكابنيت)، والتي كان آخرها التوجه نحو إقرار قانون يسمح له شن أي حرب أو عملية عسكرية دون الرجوع للكابينيت من أجل الحصول على موافقتهم.
وكشفت القناة العبرية الثانية، مساء أمس الأحد، عن تحركات جدية لنتنياهو من أجل تمرير القانون عبر الكنيسيت الإسرائيلي دون الإيضاح عن المزيد من التفاصيل، في الوقت الذي يواجه فيه رئيس حكومة الاحتلال فضائح ومشكلات متعلقة بالفساد وزوجته سارة.
منع التسريب
في السياق، يؤكد خبير الشأن الإسرائيلي د. عمر جعارة على أن توجه نتنياهو نحو محاولة تمرير هكذا قانون يعود لرغبته في وقف أي تسريبات تحدث داخل المجلس الوزاري المصغر، ومنحه الحق الكافي من أجل شن أي عدوان وعملية عسكرية دون الرجوع له.
ويقول جعارة لـ "قدس الإخبارية" إن فرص نجاح نتنياهو في تمرير هكذا قانون من خلال الكنسيت حاضرة وموجودة، حيث يريد منع أي تسريبات تحدث مستقبلاً في أي حرب أو مواجهة سواء مع المقاومة الفلسطينية بغزة أو حزب الله اللبناني، لا سيما من عضو الائتلاف الحكومي يأير لابيد.
ويبين أن حيثيات القانون الذي تناولته وسائل الإعلام الإسرائيلية، يشترط منح رئيس الحكومة الصلاحية الكاملة للقيام بعمليات استراتيجية أو عملية عسكرية محدودة دون العودة للمجلس الوزاري المصغر للحصول على موافقته كما كان يجري خلال الفترة الماضية.
ويرى جعارة خلال حديثه لـ "قدس الإخبارية"، أن المستهدف الأساسي من مثل هكذا قرار هي المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، بعد أن باتت تشكل مصدر ازعاج بالنسبة لنتنياهو وللأمن الإسرائيلي في ظل حالة الهدوء التي تشهدها بقية الجبهات كلبنان وسوريا.
توقيت القرار
في حين يشير المختص في الشأن الإسرائيلي مأمون أبو عامر إلى أن محاولة نتنياهو مرتبطة بواقعه الشخص بالإضافة الواقع الإقليمي، فهو في اتجاه إحداث حالة من الضجيج السياسي للتخلص من المشاكل والملاحقات القانونية الخاصة بقضايا الفساد.
ويضيف أبو عامر لـ "قدس الإخبارية"، "هو يريد فتح فزاعة التهديد الأمني لإسرائيل ويريد للإعلام العبري أن ينشغل بهذه القضية عبر الحديث عن أن أمن الدولة مستهدف بدلاً من فتح قضايا الفساد الخاصة به وزوجته والتي أخذت مساحة واسعة مؤخرًا".
ويستدرك أبو عامر قائلاً: "لكن هناك جانب آخر وهو قضية ارتفاع الحديث عن إمكانية حدوث مواجهة وحرب مع غزة أو لبنان والواضح أن هناك نية إسرائيلية لشن حرب قريبة، لا سيما في ظل وجود مخاوف من عدم صمت حماس على بناء الجدار الأرضي المضاد للأنفاق التي تحفرها المقاومة".
ويلفت خلال حديثه لمراسل "قدس الإخبارية"، إلى أن الجبهة مع لبنان يرى فيها نتنياهو فرصة سانحة لمواجهة حزب الله في ظل الواقع الحالي وعجز النظام السوري أن مساعدة التنظيم في أي مواجهة مقبلة وبالتالي قد يرى الاحتلال فيها فرص لتنفيذ عملية وتحقيق إنجاز عسكري بعد فشل سابق كما جرى عام 2006.
وبحسب أبو عامر فإن القرار سيكون مرعبًا للجبهات و"إسرائيل" في آن واحد، إلا أن نتنياهو يريد أن يكون له الغطاء السياسي والقانوني من خلال إقرار هكذا قانون بشكل رسمي لا يحمل مسؤولية أي فشل لأي عملية عسكرية يقوم بها مستقبلاً.
استعداد دائم
في حين تتفق حركتا حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة على أن المقاومة في حالة استعداد دائم وجاهزة للتعامل مع أي محاولة من محاولات الاحتلال لشن أي عدوان جديد، معتبرة أن القرار يعبر عن حالة نتنياهو والأزمات التي يعيش بها.
ويقول القيادي في حركة حماس يحيي موسى إنه لا بد من أخذ التدريبات الإسرائيلية المكثفة التي يقوم على حدود غزة على محمل الجد وأن تبقى في عين الاعتبار فمن الوارد أن يقوم الاحتلال بالإعلان عن تدريب ثم يتحول هذا التدريب لمعركة ومواجهة جديدة.
ويشدد موسى لـ "قدس الإخبارية" على أنه لا قيمة لأي مواجهة عسكرية جديدة سيقوم بها الاحتلال ضد القطاع كونها ستكون كسابقتها من المواجهات التي شنها الاحتلال خلال السنوات الماضية والتي فشل في تحقيق أي إنجاز عسكري أو سياسي.
ويرى القيادي في حماس والنائب عن كتلتها في المجلس التشريعي مشروع القانون هو توجه من نتنياهو نحو الاستبداد ليتضح بشكل أكبر للعالم كذب الديمقراطية الإسرائيلية التي تتغنى بها دولة الاحتلال، مع الأخذ بعين الاعتبار خطورة مثل هذه القوانين.
ويتابع موسى لـ "قدس الإخبارية": "خطورة هذه القوانين تندرج في كون نتنياهو يعاني من مشكلات ومستعدة للقيام بأي مغامرة من أجل البقاء في السلطة، ومن هنا يمكن أن يشن حروبًا من أجل إبعاد الجميع عن إقالته ومحاكمته وهو ما يدفعنا لأن نكون على أهبة الاستعداد".
ويتفق القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أحمد المدلل مع موسى في أن هذا القرار بكونه لن يؤثر على المقاومة الفلسطينية في القطاع بأي شكل من الأشكال كونها باتت صحابة خبرة طويلة في المواجهات معه لا سيما بعد فشل العدوان الأخير على القطاع والذي استمر لـ 51 يومًا.
ويقول المدلل لـ "قدس الإخبارية" إن المعروف للجميع أن نتنياهو يعيش أزمات حقيقة خصوصًا بعد فشله في تسجيل أهدافه تجاه المسجد الأقصى وذلك بفعل الصمود الذي جسده المقدسيين أمام الإجراءات التعسفية، بالإضافة لفشله أمام قدرات المقاومة والتي كشف عنها تقرير مراقب الدولة.
ويبين القيادي في الجهاد الإسلامي أن قضايا الفساد التي تعصف بنتنياهو وزوجته مؤخرًا، تجعله يميل إلى إمكانية أن يصدر أزماته تجاه القطاع، وهو ما يعبر عن حالة الفشل التي وصل إليه نتنياهو في ظل تعالي الأصوات في دولة الاحتلال بضرورة إقالته ومحاكمته.
ويشدد المدلل على أن هذه القرارات لن تؤثر على المعطيات التي فرضتها المقاومة الفلسطينية ولن تستطيع أن تهز أركان المقاومة، في ظل عجز نتنياهو عن تحقيق أي نجاح في المواجهات السابقة والتي استخدم خلالها كل وسائل القهر والقوة، في الوقت الذي استطاعت المقاومة صناعة معادلة جديدة.