شبكة قدس الإخبارية

غزة على صفيح الأزمات الإنسانية فهل تنفجر؟

٢١٣

 

هيئة التحرير

غزة – خاص شبكة قدس الإخبارية: مع حلول ساعات المساء اليومية تتحول أجزاء واسعة من قطاع غزة إلى أشبه بمدينة للأشباح لا يرى فيها النور إلا من خلال السيارات التي تتجول في أرجاء المدينة التي يضرب الاحتلال الإسرائيلي عليها حصارًا مشددًا منذ ما يزيد عن عشر سنوات.

سيل الأزمات لم يتوقف عند أزمة انقطاع التيار الكهربائي التي تتجاوز ساعات انقطاعها في بعض الأحيان 20 ساعة يوميًا، بل امتد ليشمل أزمة نقص المياه من المنازل بالإضافة إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وتقليص الرواتب التي طالت موظفي السلطة الفلسطينية مؤخرًا.

ولا تخلو مجالس الغزيين اليومية ونقاشهم فيما بينهم عن مصير هذه الأزمات والمستقبل المجهول الذي تتجه إليه المدينة الذي لا تتجاوز مساحتها 365 كيلو متر مربع، وطرح خيار الحرب وإمكانية لجوء المقاومة الفلسطينية بغزة للتصعيد في ضوء الحياة اليومية المتردية.

ويرى كتاب ومحللون أنه ورغم الواقع المعيشي السيء الذي يعيشه أكثر من مليوني شخص فلسطيني في القطاع، إلا أنه من المستبعد على الأقل حاليًا أن تلجأ المقاومة الفلسطينية لأن تبادر لهجوم "إسرائيل" نظرًا لكون ذلك سيستدعي حربًا في الوقت الذي تواصل المقاومة فيه استعداداتها.

ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة بغزة حسام الدجني لـ "قدس الإخبارية" إن البيئة القائمة حاليًا هي بيئة الأزمات التي من شأنها أن تهيئ الظروف للانفجار، في الوقت الذي لو كان هناك استقرار اقتصادي وفتح دائم للمعابر لن يكون مبررًا للمقاومة أن تلجأ لتصعيد الأوضاع.

ويضيف الدجني أن بيئة الأزمات القائمة حاليًا المتمثلة في انقطاع الكهرباء والبطالة والفقر وما يجري حاليًا في المسجد الأقصى كلها عوامل ممكن أن تساهم في تفجير الأوضاع بالرغم من عدم كون المقاومة معنية بتصعيد الأوضاع خلال الفترة الحالية.

ويصف الدجني لـ "قدس الإخبارية" الواقع الحياتي في القطاع بالكارثي وانعكاساته على البيئة الاجتماعية وما تلامسه في الواقع والبعد الأمني والاقتصادي، حيث تنعكس على سبيل المثال أزمة التيار الكهرباء على كافة مفاصل الحياة اليومية للغزيين في الوقت الذي تزداد فيه تحذيرات المؤسسات الأممية من خطورة الأوضاع.

ويرى الدجني أن هناك حاجة ماسة لأن تتغير النظر تجاه غزة عبر العمل على تنفيذ مشاريع تنموية تعمل على النهضة بالواقع الاقتصادي للسكان وتطبيق تنمية حقيقية، لا أن يجري فرض عقوبات وإجراءات تصعيدية من شأنها مفاقمة الأوضاع المعيشية.

وخلال الآونة الأخيرة كرر مبعوث الأمم المتحدة نيكولاي ملادنيوف تحذيراته من أن القطاع لن يكون قابلاً للحياة في فترة أقل من المدة التي تحدثت عنها المؤسسة الأممية وهي عام 2020، في ضوء الانتكاسات الأخيرة التي عززت من أزمات الحياة اليومية للغزيين.

 ويبلغ متوسط دخل الفرد اليومي في غزة دولارًا أمريكيًا واحدًا فقط في الوقت الذي تعتمد أكثر من 80% من الأسر الغزية على المساعدات الخارجية التي تقدمها المؤسسات الأممية والإغاثية العاملة في القطاع، في حين تصل معدلات البطالة في صفوف الشباب ما يزيد عن 60% وفقا لبيانات اللجنة الشعبية لكسر الحصار.

بدوره، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله أن إمكانية الانفجار العسكري مستبعدة للغاية خصوصًا وأن حركة حماس هي اللاعب المركزي والوحيد في ساحة القطاع وتعتمد حاليًا الاحتجاج الشعبي كوسيلة وكخيار خشية من انتفاض الشارع بشكل معاكس عليه.

ويقول عطا الله لـ "قدس الإخبارية" أن الغزيين في ضوء الأزمات التي يعيشونها طيلة عقد من الزمن يبدو وكأنهم تخدروا من شدة الألم وباتت لديهم قدرة عجيبة وغريبة على للتأقلم مع الأزمات التي تلحق بهم والتي كان أخرها انقطاع يصل ليوم كامل في التيار الكهرباء.

واعتبر الكاتب والمحلل السياسي واقع الحياة في غزة بغير الإنساني ووصل لمرحلة من إنعدام حتى الحد الأدنى من متطلبات الحياة الكريمة اليومية وبات الغزيين أكثر قدرة على امتصاص كل الأزمات والصدمات التي تعترضهم دون أي ردة فعل كبيرة تجاهها.

ويتوقع عطا الله أن تشهد الفترة المقبلة تدخل لأطراف عديدة من أجل محاولة نزع فتيل الأزمات واحتواء الظروف الصعبة التي يعيشها الغزيين، في الوقت الذي تعيش حركة حماس أزمة حقيقة بسبب الحياة اليومية في القطاع وبحثها الدائم عن مقار جديدة لنقل قياداتها في الخارج إليها.