غزّة- خاص قُدس الإخبارية: يخشى آلاف الموظفين العمومين التابعين للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة من إدراج أسمائهم ضمن قوائم الأسماء التي ستحيلها الحكومة الفلسطينية برئاسة رامي الحمد الله للتقاعد الإجباري المبكر، والتي ستبدأ بأكثر من 6145 موظفًا عدد كبير منهم على رأس عمله في قطاع الصحة والتعليم.
حتى اللحظة، لا يعلم هؤلاء الموظفين الإجراءات أو الخطوات التي من الممكن القيام بها للحيلولة دون إحالتهم للتقاعد المبكر، أو حتى الطرق القانونية التي يمكن عبرها الاحتجاج على مثل هذه القرارات في ضوء اتساع حالة الرهبة والخوف من إجراءات الرئيس الفلسطيني محمود عباس ضد القطاع مؤخرًا.
وبحسب معلومات موثوقة لشبكة قدس الإخبارية فإن الفترة المقبلة ستشهد اتساعًا كبيرًا في أعداد الموظفين المحالين للتقاعد قد تصل لإحالة غالبية موظفي القطاع ضمن خطة كاملة أعدتها السلطة الفلسطينية للضغط على حركة حماس أملاً بتسليمها مهامها في غزة.
وحاولت شبكة قدس، الحديث مع العديد من الموظفين في القطاع الحكومي لا سيما وزارتي الصحة والتعليم ممن تجاوزوا 50 عامًا والذين تنوي الحكومة إحالتهم للتقاعد إلا أن غالبيتهم تحفّظ على الحديث، خشية من تعرضهم لإجراءات تعسفية من قبل الحكومة أو القيام بقطع رواتبهم.
عقوبات جماعية
في السياق، قال مدير برنامج قطاع غزة في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان جميل سرحان إن إقدام حكومة الحمد الله على إحالة آلاف الموظفين للتقاعد تعتبر أحد أشكال العقوبات جماعية ولا تستند للقانون، كون القانون يجيز التقاعد المبكر بحالات فردية ووفقًا لإجراءات وتقييم.
وأضاف سرحان لـ"قُدس الإخبارية"، أن ما تم هو إجراء جماعي حقيقته عقوبة ويخالف ما ورد في قانون الخدمة المدنية ويستند لأسباب سياسية وأهداف غير مرتبطة بالموظفين أنفسهم، حيث تسعى الحكومة بموجبه إلى إضعاف الموارد الاقتصادية لقطاع غزة.
وأكد المحامي الفلسطيني على أن القرار يمس بحقوق الموظفين والمواطنين على حد سواء ويعتبر أحد أشكال التمييز على أساس جغرافي ويخالف ما تنص عليه المادة 9 من القانون الأساسي الفلسطيني الذي تؤكد نصوصه على أن الفلسطينيين سواسية، متسائلًا "كيف تعمل الحكومة الفلسطينية على إحالة الآلاف من مواطني القطاع للتقاعد بهذا الشكل، الأمر الذي يؤكد على أن حكومة الحمد الله تمارس التمييز ضد القطاع وهو ما يحدث آثار سلبية".
وعن إمكانية توجّه الموظفين بشكل فردي أو جماعي للقضاء، بهدف الطعن بقرارات إحالتهم للتقاعد بشكل إجباري، اعتبر سرحان أن خطوات الرئيس عباس ورئيس حكومته أثارت حالة من الرعب والخوف لدى الموظفين وجعلتهم يخشون التوجه لمثل هذه الإجراءات خوفًا على ضياع ما تبقى من الراتب.
حماس تهاجم
من جانبه، اعتبر الناطق باسم حركة حماس عبد اللطيف القانوع القرارات الأخيرة الخاصة بالحكومة سلوك لا انساني ولا أخلاقي كونه يستهدف المجتمع الفلسطيني والغزي على وجه الخصوص في رزقه اليومي ويسبب في محاصرة عشرات الآلاف من الأسرة.
وشدد القانوع في حديثه لـ "قُدس الإخبارية" أن القرار الأخير سيجعل الآلاف بلا معيل عبر قرار إحالتهم للتقاعد الإجباري من قبل الحكومة الفلسطينية ومؤسسة الرئاسة وهو ما سيزيد من تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية المتدهور أصلاً.
ودعا الناطق باسم حماس إلى ضرورة أن يكون هناك تحرك من قبل مختلف القوى والفصائل الوطنية والإسلامية من أجل الضغط على الرئيس عباس وحكومته لوقف إجراءاته كونها ستضرب صمود ومقومات الشعب الفلسطيني في غزة وستنعكس على واقع الحياة اليومية.
وأشار القانوع إلى أن مُضي الرئاسة الفلسطينية والحكومة في قراراتها ستعجلها عرضة للملاحقة والمسألة القانونية من قبل الكل الفلسطيني، متهمًا الرئيس عباس بأنه جزء شريك وأساسي في الحصار عبر الإجراءات المشددة التي اتخذها بحق القطاع مؤخرًا.
خطوات تصويبية!
بدوره، قال الناطق باسم الحكومة الفلسطينية طارق رشماوي إن الإجراءات الأخيرة المتمثلة في إحالة آلاف الموظفين للتقاعد المبكر هي خطوات تصويبية قامت بها الحكومة للواقع الموجود في غزة منذ الانقسام الفلسطيني منتصف عام 2007.
ولفت رشماوي في حديثه لـ"قُدس الإخبارية"، أن قرار الحكومة إحالة 6145 موظفًا منهم عدد كبير في الصحة والتعليم يأتي في ظل عدم استجابة حركة حماس لقرارات ومبادرة الرئيس عباس واستمرار عمل لجنتها الإدارية بحكم الأمر الواقع في القطاع.
وحمّل الناطق باسم الحكومة حركة حماس المسؤولية الكاملة عن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة وعن أي إجراءات مستقبلية سيجري اتخاذها ضد القطاع من أجل الضغط عليها لتسليم الحكومة الفلسطينية مسؤولية عملها بشكل كامل في غزة.
وعن موقف حكومته من لجوء الموظفين المحالين للتقاعد للقضاء الفلسطيني ومحكمة العدل العليا، علق رشماوي بالقول، "الحكومة تعمل وفق القانون وقراراتها قانونية وصائبة، وستحترم الأحكام التي ستصدر عن القضاء والقانون حال لجوء أي موظف للمحاكم".