غزة - قدس الإخبارية: حذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان اليوم الثلاثاء، من التدهور الحاد غير المسبوق في الأوضاع الإنسانية بغزة وتفاقم أزماته، بما يهدد حياة المدنيين ومستوى تقديم الخدمات الأساسية المتوفرة لما يزيد عن اثنين مليون نسمة في القطاع.
وأشار المرصد وفي مذكرة "تحديث موقف" له اليوم الثلاثاء، إلى أن سكان غزة يعيشون واحدة من أكثر الأزمات التي مروا بها شدةً منذ بدء فرض الحصار على القطاع عام 2006، بحيث تشهد جميع القطاعات الحيوية انهيارًا غير مسبوقٍ وتدهورًا ينذر بأضرار طويلة الأمد.
وقال المرصد إن التفاقم الحاصل في أزمات قطاع غزة يأتي نتيجةً لتضييق القيود الإسرائيلية على حركة المعابر التجارية، واستمرار إغلاق المنفذين الوحيدين للسكان في القطاع معظم الوقت، وهما معبر بيت حانون/إيرز، ومعبر رفح.
واقع القطاع الصحي
وتناولت مذكرة الموقف واقع القطاع الصحي في غزة كون أن النصف الأول من العام 2017 سجل ترديًا واضحًا، بحيث واجهت مستشفيات القطاع نقصًا حادًا في الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية بسبب الإغلاق شبه المستمر لمنافذ القطاع الرئيسية.
ووصل عدد الأدوية التي انعدمت بالكامل في "مستودع أدوية غزة المركزي" إلى 170 صنفًا، أي ما نسبته 33%، فيما يواجه القطاع الصحي عجزًا بنسبة 40% في المسلتزمات والمستهلكات الطبية (270 صنف).
وأشار المرصد إلى أن مستشفيات القطاع، لا تزال تواجه عجزًا ملحوظًا في الكوادر الطبية المتخصصة.
ويصل عدد المرضى الذين يحتاجون إلى تحويلات طبية للعلاج في مستشفيات خارج القطاع إلى أكثر من 1,000 مريض شـهريًا، في الوقت الذي ترفض فيه السلطات الإسرائيلية التحويلات الطبية لقرابة 50% من المرضى بشكل عام.
فيما لا يزال نحو 20,000 شخص، من بينهم حالات إنسانية ومرضية، مسجلين للخروج عبر معبر رفح، حسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
وأشار المرصد إلى أنه وفق تصريحات لوزارة الصحة في غزة، فإن السلطة الفلسطينية "باتت ترفض بشكلٍ غير معلن، الجزء الأكبر من التحويلات الطبية للعلاج في الخارج، ما أسفر عن تفاقم الأوضاع الصحية لآلاف المرضى الذين تعجز مستشفيات القطاع عن تقديم الخدمات الطبية اللازمة لهم، وأدى إلى وفاة ما لا يقل عن خمسة أشخاص، بينهم ثلاثة أطفال، خلال اليومين الماضيين".
القطاع الاقتصادي
وشهد القطاع الاقتصادي حالة ركود منذ بدء فرض الحصار على غزة، والذي شمل جميع معابر القطاع الاقتصادية بشكلٍ تام "لكن الحالة التي يشهدها القطاع الاقتصادي خلال العامين السابقين تعتبر من أكثر المراحل سوءًا وتأثيرًا على السكان".
وبحسب المذكرة وصلت نسبة البطالة خلال الأشهر الأولى من العام 2017 إلى نحو 43.2% في قطاع غزة، مقارنة بنحو 18.7% في الضفة الغربية.
وارتفع معدل الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر إلى نحو 38.8%.
وأضاف المرصد: "وشكلت أزمات مستجدة كأزمة تقليص رواتب موظفي السلطة الفلسطينية والبالغ عددهم نحو 60 ألف، واقعًا مأساويًا لمئات الآلاف من السكان الذين باتوا يعتمدون بشكلٍ أساسي على المساعدات الإنسانية والإغاثية".
وحسب غرفة تجارة وصناعة غزة، فقد انخفض عدد الشاحنات الواردة كمساعدات إغاثية وإنسانية للمؤسسات الدولية والعربية العاملة في القطاع ليصل إلى 811 شاحنة خلال الربع الأول من العام الجاري، مقارنة بـ 4175 شاحنة خلال ذات الفترة من العام الماضي، فيما انخفض إجمالي عدد الشاحنات الواردة ليصل إلى نحو 10% مقارنة بالعام الماضي.
أزمة الوقود
وتطرقت مذكرة الموقف الصادرة عن المرصد الأورومتوسطي إلى أزمة الوقود التي يشهدها قطاع غزة في ظل توقف محطة توليد الكهرباء في منتصف شهر أبريل/نيسان الماضي، عقب توقف إدخال الوقود الصناعي اللازم لتشغيلها، بعد فرض السلطة الفلسطينية شروطًا على دخوله، يتمثل أحدها في زيادة الجباية على شركة توزيع الكهرباء.
وتزامن ذلك مع تعطل الخطوط المصرية المزودة للكهرباء في محافظتي خانيونس ورفح جنوبي قطاع غزة، وانتهاء المنحة القطرية المتمثلة في إدخال الوقود الصناعي إلى القطاع، ما أدى إلى وقوع سكان القطاع في أزمة خانقة بتلقيهم ما لا يزيد عن 4 ساعات من الكهرباء يوميًا (تصل أحيانًا إلى ساعتين) بشكلٍ غير منتظم.
وصادق مجلس الوزراء الإسرائيلي في 11 يونيو/حزيران الحالي على قرار تقليص تزويد الكهرباء للقطاع، عقب إعلان السلطة الفلسطينية عن نيتها خفض تمويل الدفعات الشهرية بنسبة 30% لإسرائيل، مقابل توريدها الكهرباء للقطاع.
وتؤثر أزمة الكهرباء التي يمر بها قطاع غزة بشكلٍ مباشرٍ على سير عمل مستشفيات القطاع، والتي تعمل في معظمها على المولدات الكهربائية لتخطي الأزمة، فيما تتضاعف كمية الوقود المطلوبة بسبب إرباك جداول الكهرباء.
ويحتاج القطاع الصحي في غزة إلى (420-450) ألف لتر من السولار شهريًا لتشغيل المولدات الكهربائية في المستشفيات، وهو ما يشكل تهديدًا مستمرًا لحياة مئات المرضى الذين يحتاجون للرعاية الصحية المستمرة داخل المستشفيات.
وبسبب انخفاض إمدادات الوقود للقطاعات الحيوية في القطاع، فإن مستشفيات القطاع تعمل الآن بشكل حصري على احتياطي الوقود الذي تقدمه هيئة الأمم المتحدة في حالات الطوارئ.