غزة - خاص قدس الإخبارية: تنفست الصعداء بعد خروجها من قاعة الامتحان لشعورها بأن غمامة الثانوية العامة بدأت تتلاشى شيئاً فشيئاً تزامناً مع انتهاءها من تقديم أول الامتحانات.
"لا داعي للخوف" بهذه الكلمات بدأت الطالبة سلوى أبو غليون إحدى الطالبات المتفوقات في مدرسة بشير الريس الثانوية في مدينة غزة حديثها، لترسل رسالة تحمل في طياتها نسمات الطمأنينة لتهدئ نفسها من روع أقرانها المرتبكين من أجواء الاختبارات.
جالت عينيها باحثةً عن زميلاتها اللواتي خرجن من قاعة الامتحان، وتروي لـ قدس الإخبارية، "الحمد لله لقد كانت الأسئلة سهلة جداً ومستوى الاختبار بشكل عام ليس صعباً البتة، ولكن هذا لن يمنعني من مواصلة جهودي لأتفوق في هذا العام".
ارتسمت على ثغرها ابتسامة، وهي تكمل، "سهولة أسئلة الامتحان سبقها خبر جميل أفرحني أنا وزميلاتي حين أعلنت الوزارة عن بدء نظام "إنجاز" الجديد للثانوية العامة، الذي نقوم بتجربته اليوم، وغمرتنا راحة نفسية كبيرة لما احتواه من تسهيلات كبيرة وفرص متعددة لنيل أعلى الدرجات".
ووفقاً للنظام الجديد، فقد أضيف فرعين جديدين، وسيتم عقد ثلاث دورات للاختبارات، الأولى في شهر حزيران والثانية والثالثة استكمالية في شهري آب وكانون الأول، كما تم تحديد المباحث الخاصة بجميع فروع المرحلة الثانوية لتكون ثمانية مباحث: أربعة منها إجبارية، وأربعة أخرى أساسية.
وقبل أن تهم مسرعة للرحيل، تخت كلامها لمراسل قدس الإخبارية، "أشكر كل من دعمني ووقف بجانبي لكي أصل لهذه المرحلة، وسأسعى لأكون عند حسن ظنهم ولأن سلاحي ما درست وما سهله علينا نظام "إنجاز" سنحقق به ما نصبو إليه".
أبو غليون كأقرانها في هذه المرحلة وضعت صوب أعينها هدفاً يتمثل بالحصول معدلٍ يمكنها من تحقيق حلمها في المستقبل، متمنيةً أن تحصد ثمار ما بذلته من جهد مضني على مدار العام لتتوج كإحدى الطلبة "أوائل فلسطين".
نظام جديد
عملية تطبيق النظام الجديد بدأت بشكل تصاعدي ابتداءً من العام الحالي وشملت المرحلة الأولى من العملية، تغييرات في إجراءات الامتحان وآليات تنفيذه، تتبعها مرحلة تطوير المناهج الفلسطينية للصفين الحادي عشر والثاني عشر ليتم تنفيذها في العام 2018/2019.
يعقب مدير عام القياس والتقويم والامتحانات بوزارة التربية والتعليم مروان شرف على المنهاج الجديد قائلاً إن "أهم أهداف نظام الثانوية العامة الجديد هو "الإنجاز" إعطاء المرونة والفرصة الأكبر للطلبة لاختيار تخصصهم بالإضافة لتوظيف التكنولوجيا بشكل كبير التعليم للمساهمة في تطوره".
ويضيف شرف لـ قدس الإخبارية، "أجرينا اختبار عملي لمادة التكنولوجيا من 50 درجة، وركزنا من خلاله على أربع مهارات أساسية تفيد الطالب في الحياة العملية والجامعية مثل الورد والاكسل والبوربوينت والموفيميكر".
كما ويلفت إلى أن النظام يركز على تطوير الامتحان بشكل تدريجي ومتصاعد لتحقيق قياس مستويات التفكير العليا مثل التحليل والتركيب وحل المشكلات، وبما ينسجم مع مضمون المنهاج الجديد الذي يعتمد مهارات التفكير الإبداعي والتأملي، بعيداً عن التلقين والمحاكاة.
آليات ونتائج
وعن الآلية المتبعة في النظام الجديد "إنجاز"، يبين أن العام مقسم إلى ثلاث دورات الأولى بتاريخ 3/6 يتقدم فيها جميع الطلبة للاختبارات ويتحصلوا على نتائجهم من خلال رسالة على هواتفهم وموقع الوزارة إضافة إلى كشوف الدرجات الموجودة بالمدارس.
ويشير إلى أن الطالب يمتلك فرصة لتقديم طلب تحسين معدله خلال ثلاثة أيام من يوم إعلان النتائج، مبيناً أنه يستطيع إعادة 4 مواد فقط باختياره خلال الدورة الثانية التي تعقد في 5/8.
ويوضح أن الطالب الذي ينجح يحصل على كشف درجات ومن لم يوفق يُعد بأنه راسب ويتقدم كطالب جديد في العام الذي يليه، متابعاً "الطلاب الذين يتقدموا في الدورة الثانية كطالب جديد هم من يمتلكوا أعذار لعدم التقدم في الدورة الأولى".
ويلفت إلى أن الأعذار تتمثل في وفاة أحد الأقارب من الدرجة الأولى أو اعتقال الطالب على أحد الحواجز أو النوم في المستشفى نتيجة مرض أو عملية جراحية إضافة إلى حالات الولادة عند النساء.
ويشدد شرف على ضرورة إثبات هذه الأعذار من خلال أوراق رسمية كشهادة وفاة أو تقارير طبية أو تقارير من الصليب الأحمر حسب حالة الطالب، لافتاً إلى أن هذه الفئة الخاصة من الطلاب الذي لم يوفق في الدورة الثانية في مادة أو مادتين يستطيع أن يكمل في الدورة الثالثة بشهر 12.
مقررات إجبارية
وعن المواد المقرة في النظام، يبين أن المواد قسمت إلى إجبارية بواقع 4 مواد مجموع درجاتها 500 درجة والأساسية 4 مواد يحسب أعلى درجتيه منهما ولكن المجموع 200 درجة، مؤكداً على وجوب نجاح الطالب في جميع المواد دون استثناء.
ويتابع حديثه لـ قدس الإخبارية، "المواد الإجبارية للفرع الأدبي هي اللغة العربية والإنجليزية والتاريخ والرياضيات، والمواد الأساسية هي الجغرافيا والتربية الإسلامية والتكنولوجيا والثقافة العلمية".
ويوضح أن الجغرافيا والتكنولوجيا تُعدان مواداً تخصصية وتحسب أعلى علامتين من هذه المواد، مبيناً أن المادة المتبقية ترحل إلى التربية الإسلامية والثقافة العلمية وتحسب أعلى درجة، وأما الفرع العلمي فالمواد الإجبارية هي اللغة الإنجليزية واللغة العربية الرياضيات والفيزياء، والأساسية الكيمياء والأحياء والتربية الإسلامية والتكنولوجيا.
ويشير إلى أن الكيمياء والأحياء تُعدان مواد تخصصية وتحسب أعلى علامة من المادتين، لافتاً إلى أن المادة المتبقية ترحل إلى المادتين الأخريين وهما التكنولوجيا والتربية الإسلامية وتحسب أعلى درجة.
ملف الإنجاز
وفيما يتعلق بملف الإنجاز، يقول لـ قدس الإخبارية، "هذا العام يطبق على صف 11 فقط ويوضع تقدير إما مقبول أو جيد أو جيد جداً أو ممتاز ولا يحسب في المجموع ولكن في العام القادم سيحسب لصفي 11و12 ويكتب في الشهادة".
وعن الفرعين الجديدين في نظام "إنجاز"، يكمل "من خلال فرعي التكنولوجيا والإدارة والريادة يستطيع الطالب أن يرسم مساراته ليكون تركيزه إما مهنياً أو تكنولوجياً، ويواصل تعليمه الجامعي في مجال قريب من هاذين الفرعين".
وعن مستوى أسئلة الاختبارات، يقول إن "هناك معايير لوضع الأسئلة تراعي جميع المستويات وتراعي الفروق الفردية للطلاب، وهي شمولية ومتنوعة وتراعي الوقت المخصص للاختبار والكتاب الوزاري هو المرجع الأساس للاختبارات".
ويشير إلى أن الأسئلة توضع وفق جدول مواصفات يحقق أهداف التي درسها الطالب والمهارات والمفاهيم التي درسها، متابعاً "هذا النظام بشكل عام متطور وأفضل بكثير من السابق وسوف سيحقق نجاح كبير، وسيكلل بالنجاح بعد تعديل المنهاج ليواكب الآلية التي يعمل بها "إنجاز"".
فرص للتعديل
بدورها، تقول مديرة مدرسة بشير الريس الثانوية للبنات د. سامية سكيك، "نحن بصدد تطبيق نظام التوجيهي الجديد ولم نرى نتائجه حتى اللحظة، لكن ما نراه بشكل أولي أنه سيخفف التوتر والعبء على الطالب".
وتضيف سكيك لـ قدس الإخبارية، "تكمن ميزة النظام الجديد في منح الطالب فرصة تحسين معدله خلال فترة قصيرة، وبالتالي ستكون لديه فرصة أفضل للالتحاق بزملائه في الجامعة".
وعن إعلان نتائج الطلاب، توضح سكيك أن عدم نشر نتائج جميع الطلبة على وسائل الإعلام خلق جو من الراحة النفسية للطالب، مشيرةً إلى أن الطالب يتحصل على نتيجته من خلال هاتفه أو بالحصول على شهادته من المدرسة.
وفيما يتعلق باحتساب ست مواد من أصل ثمانية، تؤكد أن هذا الأمر شكل فرصة للطالب ليحصل على درجات أفضل وبالتالي معدل أعلى، مشيرةً إلى أن ذلك سيقدم له فرصاً أفضل لقبوله في العديد من التخصصات والالتحاق بالتخصص الذي يرغب به.
وتضيف " الطلبة كان لديهم تخوف كبير بسبب تزامن بدء اختباراتهم مع شهر رمضان المبارك ولكن أعتقد أنها فرصة للطالب بالتقرب إلى الله وسؤاله التوفيق"، مبينةً أن هذا سيكون حافزاً معنوياً مهماً لزيادة عزيمتهم وإصرارهم على النجاح.
يذكر أن مجلس الوزراء الفلسطيني أقر بجلسته في أغسطس للعام الماضي تطبيق النظام الجديد عاداً بأنه يشكل خطوة أولى نحو تغيير الممارسات التربوية بشكل عام، وثقافة التقويم التربوي بشكل خاص.