شبكة قدس الإخبارية

في بيت سلام الزغل.. عن السكاكين التي تواجه الاحتلال

صالح برقاوي

دخل فريق "شبكة قدس" منزل عائلة الشاب سلام الزغل في ضاحية شويكة، هو منزلٌ متواضع لم يكتمل بناؤه بعد بسبب قيام جنود الاحتلال الإسرائيلي بسرقة المبلغ الذي ادخره الأب في مداهمة سابقة لاعتقال الأخ الأكبر علي. قال لنا الحج أسعد والد سلام: "شايف يا ابني ولاد الحرام سرقوا الـ 2500 دينار كنت بدي أعطيهم للقصير يكمل الدار".

salam1

أخبرنا الحج أسعد أن قوات الاحتلال اقتحمت منزلهم 25 مرة في الانتفاضتين الأولى والثانية، واسفرت هذه الاقتحامات عن اعتقال جميع الاخوة وأولاد العم، فقصتهم مع الاحتلال حكاية يومية بدأت في أوائل تسعينات القرن الماضي: اعتقال، ضرب، تكسير للبيت، وتقتيش.

وبعد سؤالنا عن سلام وطباعه بادر ابن عمه قائلاً: "سلامة من يوم يومه هيك وطني ما كان يخلي دورية تمر عادي من دون ما يرميها بالحجار، وأول ما انعمل الجدار كان يومياً ينزل على المواجهات حتى لو كان لحاله ما معه حدا".

salameh

قال الأب إضافة على ذلك: "تخيل انه أول عملية اعتقال لسلام كانت في مدينة الطيرة في الداخل حيث كان يعمل، في ذلك اليوم ضرب جندياً اسرائيلياً وأخذ بارودته". في تلك المرة حُكم على سلام بالسجن ثلاث سنوات ونصف قضاها متنقلاً من سجن إلى سجن.

نقل لنا أحد الأسرى في سجن النقب إن سلام كان من المصنفين كـ"أسير خطير" داخل السجن، بعد إقدامه على ضرب ضابط في مصلحة السجون، ولذلك كان سجنه مناصفة بين عزله وبين وجوده في غرف الأسرى.

لم يمضِ على وجود سلام في بيته سوى بضعة أسابيع فقط، تُجمع كل العائلة أنه كان فيها أرقا لا ينام، يقوم في منتصف الليل ليشرب القهوه ويفكر. أوفى بكل نذوره للأسرى فقد وعد أسيراً من مخيم طولكرم أن يأخذ ابن اخيه الشهيد ليركبه على الخيول ويقضي معه يوما كاملا وفعل ذلك بعد الافراج عنه بيومين، أوصل كل امانات الاسرى لأهاليهم وزارهم وأطمان عليهم وشد أزرهم، ومضى .

في يوم تنفيذ العملية لم ينم سلام. عند الصباح شرب قهوته ومضى لم يشك أهله بشيء فهم يعرفون أن لسلام موعد في مشفى رام الله حيث يجري فحوصات ما بعد السجن. ولكن عند حاجز زعترة قال للسائق: "انزلني هنا". سحب سكيناً من بين ملابسه وتوجه نحو مستوطن ينظر حافلته وطعنه سبع طعنات قتلته. استولى سلامة مسدس المستوطن وأطلق النار باتجاه أقرب جندي، وما هي إلا لحظات حتى كان المسدس ذو الـ14 طلقة في مواجهة مئة بندقية، فأصيب بثلاث طلقات، اثنتين في بطنه وواحدة في ساقه، فسقط جريحاً واعتقل ونقل إلى مستشفى بنلسون الإسرائيلي.

salam

في نهاية حديثنا قلنا للحاج: "الله يقيمه بالسلامة يا عمي"، فقال: "يا عمي أنا أول ما عرفت كنت أعرف إنه شهيد وحكيت الحمد لله، لا هو أول شهيد ولا آخر شهيد، والآن بعد ما عرفت إنه أسير بقول باب السجن ما بسكر على حدا، وهلأ حالته منيحة، طمّنا عليه الصليب الاحمر إنه بخير وتجاوز العملية الجراحية بنجاح".

رُبما سيُغيب حكم المؤبد سلام الزغل وسيبقى والده في انتظاره، وستدفع كل القرى الفلسطينية ثمن عربدة المستوطنين وسيأتي الاعلام ويوثقون ما حدث من اعتداءات، ولن نمل من انتظار سلام آخر لا يؤمن بطاولة المفاوضات.