غزة - خاص قدس الإخبارية: أقامت مجموعة شبابية في مخيم المغازي وسط قطاع غزة مكتبة عامة حوت العشرات من الكتب الأدبية والعلمية والسياسية التي كان الشهيد باسل الأعرج يدأب على قراءتها ويشجع على قراءتها، لتحمل تلك المكتبة اسم باسل الأعرج وفكره وفكرته.
فكر الشهيد الأعرج والذي ارتقى برصاص الاحتلال في مارس الماضي عقب اشتباك مع قوة خاصة إسرائيلية، اقتحمت منزله بعد مطاردته لعدة شهور لم يعد بعيدًا من هُنا، ولا نائيا عن أذهان الناس في قطاع غزّة، بل انطلق العديد من المثقفين لتنظيم العديد من الفعاليات تخليداً لذكراه وتجسيدا للفكرة التي كان من أجلها يحيى ومن أجلها استشهد.
شهرين من العمل الدؤوب استغرقتها المجموعة الشبابية لإنهاء كافة التحضيرات اللازمة لافتتاح المكتبة مجدداً، فرغم قلة الإمكانات المتوفرة لديها إلا أنها استطاعت إنجاز ما عملوا من أجله ليقدموا من خلال ذلك فكر وثقافة الشهيد باسل الأعرج.
لمحة تاريخية
محمد العاور (27 عاماً) ناشط شبابي وأحد القائمين على المكتبة يقول: "إن القائمين على المكتبة هم مجموعة شبابية من مخيم المغازي غير مسيسة تحمل الفكر الشبابي الحر، وهدفنا من افتتاح المكتبة مجدداً تخريج جيل واع ومثقف بقضاياه الوطنية".
ويضيف، "نادي خدمات المغازي أول مؤسسة تعليمية ثقافية رياضية أنشئت في المخيم من عام 1952، وخرج أجيال من الثوريين والمثقفين الذين كان لهم عظيم الأثر في دعم القضية الفلسطينية والصراع مع الاحتلال".
وفي العام 1967 كان النادي كقلعة لنشر الوعي الثقافي، مكتبة النادي كانت شعلة من النشاط وكانت تتبعها دائرة نشاط الفتيان والخاصة بالأطفال والناشئين فكانت محط أنظار للجميع" حسبما روى.
وتابع لـ"قدس الإخبارية"، "في العام 2007 بدأت الأحداث المؤسفة وطالت شرارتها بسبب التجاذبات السياسية وتوقف الدعم وأغلقت المكتبة لـ 10 سنوات متواصلة، وتعرض الكثير من الكتب للتلاف والضياع والسرقة بسبب طول مدة الإغلاق".
وبكلمات حملت عبق الأمل يشير العاور إلى أنه في العام 2016 استلمت إدارة جديدة للنادي وتوسم الجميع بها خيرًا، لأنها أخذت على عاتقها إعادة إحياء مكانة النادي بكافة دوائره وقررت حينها التعاون مع المجموعة الشبابية إعادة إحياء المكتبة.
ويبين أن وكالة الغوث قبل مدة استأجرت هذا المبنى كاملاً لهذا تم وضع الكتب في صناديق بشكل غير مرتب وتركت مهملة، حتى تآكل العديد منها وتلف".
إعادة إحياء
ويتابع، "بعد قرار المجموعة إعادة إحياء المكتبة، لمعت في أذهاننا فكرة إطلاق اسم الشهيد باسل الأعرج على المكتبة، وذلك في محاولة منا لتخليد ذكراه وتفعيل الثقافة الوطنية الممزوجة بالاشتباك مع الاحتلال كما كان يريد المثقف المشتبك".
ويكمل، "تأثرنا كثيراً بفكر الشهيد ونهجه وارتباط فكره بفكر مجموعتنا، وأدركنا أن إطلاقنا اسم الشهيد باسل الأعرج على المكتبة سيلقي على عاتقنا مسؤولية كبيرة لأننا أصبحنا بهذا حاملين لشعلة ثورته الثقافية".
ويؤكد العاور على أن المكتبة ليست حصراً على المخيم أو قطاع غزة، لافتاً إلى أن هدف المجموعة أن تحتوي المكتبة على كافة المعارف والآراء والأفكار.
ويؤكد أن كافة الترتيبات وأعمال الإصلاح والتجهيز كانت بمجهودات مجموعته الفردية وخبراتهم في كل مجال من مجالات الترميم، نفياً حصولهم على أي دعم مادي من أي جهة.
موافقات وتحضيرات
ويشير إلى أنه تحصلوا على موافقة عائلة المثقف المشتبك بخصوص إطلاق اسم الشهيد باسل الأعرج على المكتبة، مبيناً أن باقي أعضاء مجموعته تواصلوا مع مجموعات شبابية في الضفة والداخل المحتل وأبدوا دعمهم بشكل كبير للفكرة.
ويضاف "فرحنا كثيراً عندما وصلتنا صورة للمثقف المشتبك مهداة من أحد الناشطين في الضفة الغربية، وما زادنا بهجة ترحيب إدارة النادي بفكرتنا واستعدادها لتقديم الدعم لنا".
ويتوسط هذه الخزنات صورة للمثقف المشتبك الشهيد باسل الأعرج نقشت فوقها عبارة له تقول "خذ لنفسك مبادرة والتزم بها لا تدري لعل مبادرتك تصنع ثورة"، وتعتقد عند مشاهدتك لها أنه على قيد الحياة وينظر إليك مبتسماً لأنك زرت أحب الأماكن إلى قلبه.
ولفت إلى وعودات من رئاسة النادي بتخصيص مرتب مالي للمكتبة إضافة لتقديم طابق كامل لتوسيع المكتبة ونشاطاتها.
آليات التطوير
وبين أن الخطة احتوت على بند يتعلق بفتح غرفة بجانب المكتبة لتكون مكان لتمكين الباحثين من إجراء أبحاثهم بحرية وفي هدوء، مشيراً إلى إمكانية عقد دورات تدريبية ولقاءات حوارية في المكتبة لزيادة خبرات رواد المكتبة والقائمين عليها.
ويردف "أطلقنا الباب أمام الدعم الشعبي والمؤسساتي لإثراء المكتبة بالكتب القيمة وتوسيع نشاطاتها لكن وفق شروط أهمها عدم استغلال الأمر وإدخال السياسة بشكل أو بآخر".
"تواصلنا مع مؤسسة تامر ومؤسسة القطان لإنشاء مكتبة خاصة بالأطفال لتوسيع ركن الأطفال الموجود لدينا، عقد مخيم صيفي يضم الأنشطة الثقافية والرياضية لجذب الأشبال لارتياد المكان باستمرار" حسب قوله.
نشر الوعي
بدوره، يبين أحد أفراد المجموعة الشبابية علي عبد الوهاب أن أزمة الوعي والثقافة التي يعاني منها المجتمع جعلهم يلقوا على عاتقهم إعادة إحياء المكتبة، موضحاً أن الفكرة كانت كمبادرة من شباب مثقف معني بنشر فكر الشهيد باسل الأعرج.
ويشير عبدالوهاب أن تسمية المكتبة بهذا الاسم لم يكن بهدف التسويق، مبيناً أن اختياره كان لتأثر كافة الشباب القارئ بفكر الشهيد ومحاولة منهم لإبقاء ذكراه حية.
ويردف "أطلقنا الباب أمام الدعم الشعبي والمؤسساتي لإثراء المكتبة بالكتب القيمة وتوسيع نشاطاتها لكن وفق شروط أهمها عدم استغلال الأمر وإدخال السياسة بشكل أو بآخر".
من جانبه، يقول رئيس نادي خدمات المغازي غازي مصلح: "إن اجتماع الشباب المسؤولين عن المكتبة هنا في النادي ووضعهم خطة لإعادة إحياء المكتبة أسعدنا نحن في إدارة النادي، وذلك لما لذلك المكان من دور في نشر الوعي والثقافة".
وحول وسم المكتبة باسم الشهيد باسل الأعرج، يوضح مصلح أن فكر المثقف المشتبك في دعم حق العودة ومبادئه الوحدوية كانت سبباً في تخليد ذكراه بإعادة إحياء أحد منابر الثقافة والفكر، مؤكداً على أنه هذه الخطوة ستساهم في تقدم المجتمع.
ويتابع "ما نفتقده اليوم أن كثيرا من الشباب لا تعنيه القراءة والثقافة وكل ما يتعلق بها"، مبيناً أن المكتبة من شأنها زرع الفكر والتوعية في أذهان أفراد المجتمع.