غزة - قدس الإخبارية: توقفت لحظات التأمل لدى أحد الشبان الطموحين في قطاع غزة والتفكير في نواحي التقليد غير المبرر، ليجثوا على آملٍ طالما حلم به ألا وهو اكتشاف جديد يصل من خلاله لفكرةٍ جديدة ونوعية للتنقيب عن الذهب.
لم ينبس صلاح الصادي (35 عاما) والذي يعمل رئيس قسم الفحص الكيميائي في وزارة الاقتصاد الوطني ببنت شفة إلى أن لمعت في ذهنه فكرة وجد أنها ستكون وسيلته للخروج من بوتقة الروتين للارتقاء نحو الأفضل، فعكف على مزج ما يقوم بتركيبه من مواد كيميائية لجعل ما بدر في ذهنه واقعاً ملموسا ليضع بصمته الخاصة في عالم الريادة.
استمرت محاولات الصادي الدؤوبة لأسابيع طويلة لم يكل فيها من البحث وإجراء المزيد من التجارب الكيميائية، إلى أن نجح أخيرا في إنجاز ما تاقت نفسه لرؤياه، فرغم بساطة المركَّبات والعملية إلا أنه استطاع من خلالها الكشف عن أثمن المعادن الذهب والفضة.
وبدت ملامح السعادة ترتسم على وجهه وهو يقول "باغتتني موجة من الفرح العارم عندما رأيت نتائج تجربتي وذلك بالكشف عن نوع المعدن الثمين وعياره وقد نجحت لأنني تأكدت حينها أنني وضعت قدمي على أول الطريق نحو القمة".
بصوت ملؤه الشغف والعزيمة، تحدث الصادي عن خطوته التي تلت اكتشافه المميز "بحثت عن آلية لتطوير فكرتي لإيماني بأنها ستنافس على المستوى المحلي والدولي، وبالفعل بدأت انطلاقتي الريادية بعد أن رأيت إعلانا عبر موقع الجامعة الاسلامية عن مسابقة تعنى بدعم الأفكار الإبداعية".
فوضع خطة مسبقة وجمع أفكاره لتقديم فكرة متكاملة حتى تلقى قبول لجنة التحكيم لإشراكه في مسابقة "مبادرون" المعنية باحتضان 10 مشاريع ناجحة من أكثر من 600 مشروع، فكانت فكرته تتلخص في إنشاء مختبر متخصص في فحص و استخلاص المعادن الثمينة أطلق عليه اسم " جولدن لاب".
احمرّ وجهه مع إثارة الاندماج خلال حديثه وهو يروي لـ"قدس الاخبارية" الأحداث التي عاشها في المسابقة "تم قبول فكرتي وبدأت مع الفرق مرحلة المنافسة القوية والتي استمرت لعدة شهور تلقيت فيها تدريبات على يد مختصين لتطوير مشروعي للفوز بأحد المراكز الأولى".
وكان لدرايته بأهميته مواقع الويب ودورها في تطوير أفكار المشاريع حسب اطلاعه دوراً في دفعه للتفكير بدمج التكنولوجيا مع فكرته من خلال استخدام تطبيقات الجوال ومواقع الويب.
بدأت الحماسة تلوح في أفق صوته وهو يقول " هنا بدا التحدي الفعلي حيث إنني لا املك معلومات عن البرمجة و التصميم، فأخذت أبحث عن شريك لأكمل فكرة مشروعي إلى أن التقيت بزميلي محمود الحلو والذي شاركني في إنجاح ما سعيت من أجله".
لم يذهب الجهد الذي بذلته سداً فعملت جاهداً للاستفادة من خبرات المختصين وشروحاتهم إلى أن توجت بأحد المراكز الثلاثة الأولى بجدارة حسب شهادة الجميع، وفزت بالتمويل وأصبح لدي موقعا إلكترونيا أطلقت عليه "دهب ويب"، حسب ما روى الصادي.
وما إن انتهت موجة الحماسة الذي انتابته حتى بدت ملامح خيبة الأمل تعتري وجهه وأخذ يقول "لم يكن التمويل كافٍ لإنشاء المشروع الذي فزت فيه بشكل كامل، إضافة إلى أن التمويل لم أحصل عليه بشكل سريع فشعرت بأن الوقت يمضي مطولاً دون تحقيق تقدم ملحوظ وبشكل سريع كما كنت متوقعاً وهذا أثر بالسلب بشكل يسير على تقدم تطوير المشروع".
وما هي لحظات إلى أن توقف فجأة عن الحديث وأشار إلي بأن أنتظر وبعد دقائق معدودة عاد وهو يحمل شاهدات وبدأ بالحديث قائلاً "حصلت على شهادتي براءة اختراع من وزارة الاقتصاد الوطني، وتلقيت دعوات لزيارة العديد من البلدان وكان آخرها دعوة للمشاركة في فعاليات "وادي السيليكون" في دبي ولكن ..".
"الوضع الراهن وإغلاقات المعبر المتكررة منعتني من السفر"، لافتاً إلى أن ذلك لم يضعف إرادته وحثه على مواصلة مسيرة صعوده نحو القمة.
يشار إلى أن حاضنة يوكاس لعبت دوراً كبيراً في تطوير فكرة موقع دهب ويب، إضافة إلى مساهمتها في توفير بيئة فعالة للموقع للاندماج مع شركات متخصصة في المجال.
تقدم الصادي لمسابقة جديدة حول أفضل مشروع بيئي وتطرق بحديثه لشرح الفكرة، قائلاً: "كان آخر مشاريعي هو مشروع "فضة" لاستخلاص معدن الفضة من ورق الأشعة المستخدم في العيادات الطبية ومخلفات المصانع وإعادة تدوير كل هذه المخلفات وبيعها من جديد في السوق".
وأطلق تنهيدة طويلة قبل أن يتابع حديثه، "للأسف رغم فوزي بالمركز الثالث في المسابقة جهة التمويل لم تف بتعهدها بتمويل المشروع، الأمر الذي شكل لي صدمة كبيرة لكن لم يقف حائلاً أمام إصراري على النجاح والتميز".
وأردف بصوت ملؤه الأمل قائلا: "رغم جميع المعوقات التي واجهتني إلا أنني بدأت بالتشبيك والتسويق لمشروعي، ولكن هدفي الأساسي الدخول إلى السوق العالمي والذي حققت جزءاً منه بالفعل وهو قبول مشروع "دهب ويب" في مسرعة أعمال دولية في دبي "فاستر كابيتال".
وتمنى الصادي في نهاية حديثه أن تكون تجربته الجديدة مع "فاستر كابيتال" بداية انتعاش ونمو لمشروعه ونقل الخبرات الفلسطينية في غزة للخارج من خلال شباب ريادي متميز".
وختم حديثه بالقول: "لم أجعل الأمر مقتصراً على نفسي فقدمت يد العون إلى كل مبدع على التطوير في عمله الحكومي، والانطلاق بالمشروع الريادي الخاص وفتح الآفاق لاستيعاب الخريجين و تطوير أفكارهم للأفضل ودمجهم مع خبراء واستشاريين محليين وعالميين".