غزة - خاص قدس الإخبارية: لم يكن يعلم المستفيدون من مخصصات الشؤون الاجتماعية بقطاع غزة أنهم أصبحوا ورقة لعب في ملف السجالات السياسية في الخلافات الناشبة بين السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وحركة حماس في قطاع غزة.
وتفاجئ أكثر من 600 من المستفيدين من مخصصات الشؤون الاجتماعية بقرار من الرئيس محمود عباس بحرمانهم من تلك المخصصات، بزعم عدم توفر الشروط اللازمة فيهم للحصول على تلك المخصصات.
وقد لاقى القرار ردود فعل واسعة لدى تلك الشريحة من المحرومين من هذه المخصصات بقرار الرئيس، والذين أصبحوا اليوم يواجهون خطر التشرد والفقر، بسبب اعتمادهم الرئيس على تلك المخصصات لتوفير متطلبات معيشتهم اليومية.
عائلة بلا معيل
منال ريان (47 عاماً) وهي أم لسبعة أبناء وجدت نفسها بلا معيل بعد أن حصلت على ورقة الطلاق من زوجها منذ ما يزيد على 15 عاماً، ولكن بعد محاولات مضنية استطاعت أن تحصل على راتب من مخصصات الشؤون الاجتماعية لكي توفر لأبنائها قوتهم واحتياجاتهم.
تقول ريان لـ"قدس الإخبارية": "لقد عانيت الأمرين لتدبير أمور حياتي وذلك خلال أول 5 سنوات من طلاقي، فلم يقدم أحد لي المساعدة ولكن بعد عدة محاولات أصبحت أتلقى مساعدات مالية من وزارة الشؤون الاجتماعية".
وأضافت، "في بداية الأمر كنا نعيش في شقة مستأجرة لكن بعد فترة من الزمن لم يعد بإمكاني أنا وأطفالي البقاء فيها لعدم قدرتي على دفع بدل الإيجار، وقدم لي طليقي مبلغاً من المال لكي أستطيع بناء شقة صغيرة لكي أسكن فيها لتخفيف النفقات".
وأوضحت أنها أصيبت بصدمة كبيرة عندما أخبرها طليقها أنه تقاعد من عمله ولن يستطيع تقديم لها نفقات أخرى، مضيفة "راتب الشؤون لا يكفي لسد احتياجاتنا ونفقة طليقي كانت تساعدنا ولكن عندما توقفت بدأت تتراكم علينا الديون".
وتابعت: "وصلت الديون إلى حد لم أستطع سدادها وتراكمت المبالغ المطلوبة للجامعة لابنتي إلى أن وصلت لـ 1000 دينار، وكنت أنتظر بلهفة راتب الشؤون لكي أعيد المال لمن استدنته منه ولكن".
وأوضحت، "ذهبت كالمعتاد لسحب مخصصات الشؤون، لكني تفاجأت برد الموظفة ليس لك مخصصات، سكت لبضع لحظات واعتقد للوهلة الأولى أنها تمازحني، لكن حينما أعدت عليها السؤال تأكدت أن الكارثة قد حلت بي فعلاً والتي جعلتني أقف عاجزة عن الحراك أو الكلام"، حسب ما قالت.
وأكدت ريان أنها ذهبت لوزارة الشؤون الاجتماعية لمراجعة الباحثة حول سبب قطع راتبها الذي يصرفونها لها، مبينة أنها لم تحصل على نتيجة إيجابية حتى الآن.
ووجهت رسالتها للجهات المعنية في وزارتي المالية والشؤون بضرورة النظر لحالتها بعين الاعتبار، دعايةً إياهم للتحرك الفوري وإعادة راتبها لأنها لا تمتلك مصدراً آخراً للدخل.
تهديدات عباس
من جانبه، أكد المحلل السياسي إبراهيم المدهون أن قطع مخصصات الشؤون الاجتماعية عن الـ 630 أسرة جاء في إطار التهديدات التي لوح بها الرئيس محمود عباس، مشدداً على أنه يستهدف بتلك القرارات الفئة الفقيرة من جهة وتراكم أزمات قطاع غزة من جهة أخرى.
وقال المدهون خلال حديثه لـ "قدس الإخبارية": "إن هذا القرار جاء خطوة لتخلي الرئيس محمود عباس عن مسؤولياته تجاه قطاع غزة ومحاولة فصله عن الضفة والعمل على إدارة دولة الضفة".
وأضاف "هذا القرار يمس شريحة من المواطنين لكن هذه الشريحة لا تتبع لأحد"، معتبراً إياه أنه تجرؤ على القيم والمثل الوطنية والأخلاقية والإنسانية.
وعن توقعاته للفترة القادمة، رأى المدهون أن الإجراءات التي يتخذها الرئيس محمود عباس بحق قطاع غزة ستتصاعد وتيرتها في الأيام المقبلة، مشيراً إلى أن ذلك سينتهي بتخليه بشكل نهائي عن القطاع لزيادة معاناة سكانه.
وتابع " يبدو أن لدى رئيس السلطة الفلسطينية استراتيجية جديدة للتخلي عن قطاع غزة والابتعاد عنه"، مشدداً على أن ذلك يخدم مشروع الاحتلال بعزل القطاع وجعله كيان مستقل وبناء دولة الضفة الغربية.
وعن محاولة حل الأزمة، أردف " أعتقد أنه يجب أن تلعب هذا الدور من جهة لأنه حركة حماس مسؤولة بالإضافة إلى الجمعيات الخيرية والمجتمع الدولي وأيضاً الوكالة
ووجه دعوته للمجتمع الدولي وحركة حماس ووكالة الغوث والجمعيات الخيرية لضرورة التداعي والتكاتف لسد احتياجات الأسر الفقيرة التي حرمت من المخصصات المالية للتخفيف من معاناتهم.
أسباب ومعايير
من جهته، أوضح وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية يوسف إبراهيم أن حجب مخصصات الشؤون يأتي بعد أن إجراء مسوح ميدانية يتم رفع نتائجها من جهات الاختصاص في الوزارة ومن ثم يتم إرسالها إلى رام الله.
وأشار إبراهيم خلال حديثه لـ "قدس الإخبارية" إلى أن وزارة المالية في رام الله هي المسؤولة عن حجب المخصصات المالية لـ630 عائلة التي أعلن عنها بالأمس، مؤكدا أن وزارته رفعت تقريراً يثبت حاجة العديد من الأسر لهذه المخصصات.
وعن المعايير التي يتوقف عليها حجب أو استمرار صرف مخصصات الشؤون، أوضح أن أهم معيار ألا يكون هناك مصدر دخل آخر لهذه الأسرة وأن تكون بحاجة بالفعل لهذه المساعدة.
وبين أن وزارة المالية في رام الله تحجب المخصصات المالية لبعض الأسر بدعوى امتلاكهم لسجلات تجارية أو ضريبية، مشيراً إلى أن وزارته أوعزت إلى الأشخاص الذين حجبت مخصصاتهم أن يأتوا بورقة من وزارة المالية بأنه تم إغلاق هذه السجلات.
مساعي وحلول
وأكد أن هناك تواصلا دائما وتعاونا بين وزارتي المالية والشؤون الاجتماعية لحل مشكلة الأشخاص الذين حجبت رواتبهم، مضيفاً "وكان هناك صباح اليوم وبالأمس وأول أمس وهناك وعود بدراسة هذا الملف مجدداً".
ولفت إلى أن وزير التنمية الاجتماعية يتابع الملف بشكل دقيق وأعطى وعداً بأنه سيعالج هذا الملف، مبيناً أن لابد من تنظيم لقاء يجمع وزير المالية والشؤون لبحث آليات حل هذه المشاكل.
وأوضح أن عمليات الحجب تتم بشكل يومي وأسبوعي وشهري وسنوي، "فهي تبقى مجرد مساعدة وليس حق إلى يوم الدين" حسب قوله.
واستطرد "نحن ندافع عن الأسر التي هي بحاجة وعن كل الأسر التي لم تتقاضى حتى اللحظة"، مضيفا " وهناك قائمة انتظار عند الوزارة في رام الله ونحن نقدم هنا حسب الإمكانيات المتاحة للوزارة".
من جانبه، قال الناطق باسم وزارة المالية عبد الرحمن بياتنة في حديثه لـ "قدس الإخبارية" إن مشكلة حجب مخصصات الـ 630 اسمًا، على عاتق وزارة الشؤون الاجتماعيةً، نافياً أن يكون هناك دوراً لوزراته في حجب الأسماء، وأن تواصلًا يجري بين الوزارتين لفحص جوانب المشكلة.
يشار إلى أن وزارة الشؤون الاجتماعية بدأت في صرف مخصصات الشؤون للمستفيدين يوم الثلاثاء الماضي.