شبكة قدس الإخبارية

فيديو| ندوة المفكر صديق تثير عاصفة في الجامعة الأمريكية بجنين

شذا حنايشة

جنين- خاص قُدس الإخبارية: أثار فيديو إيقاف ندوة للمفكر التونسي يوسف صدّيق من قبل طلبة في الجامعة العربية الأمريكية في جنين يوم الثلاثاء الماضي ردود فعل واسعة في المجتمع الفلسطيني بين تأييد ومعارضة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

فقبل 3 أيام، أنهى مجلس الطلبة في الجامعة هذه الندوة التي جاءت ضمن فعاليات مهرجان الكمنجاتي السنوي "رحلة روح" وبالتعاون مع قسم اللغة العربية والإعلام في الجامعة، وتناولت "مفهوم القداسة في الوثنية وفي ديانات التوحيد الثلاث" بدعوى أن المفكر التونسي صدّيق يحرّف القرآن ويطرح أفكارًا إلحادية فيها.

ويوسف صدّيق فيلسوف وعالم انثروبولوجي تونسي متخصص في اليونان القديمة وفي انثروبولوجيا القرآن، وله عدّة أبحاث ودراسات منشورة باللغتين العربية والفرنسيّة متعلّقة بالحقل القرآني وتوابعه الثقافية، محاولاً التعريف بالمكتسبات الحضارية الخاصة بالعرب والمسلمين.

من جهته، قال رئيس مجلس اتحاد الطلبة بالجامعة، يوسف كميل إن الاتهامات الموجهة للمجلس غير صحيحة، مضيفًا "نحن لم نطرد أو نهين أو نضرب أحد كل ما في الأمر أننا عبرنا بطريقتنا عن رأينا وموقفنا وأوقفنا الندوة لأنه حدث لبس في الموضوع"، يُذكر أن المجلس يتكون من "حركة الشبيبة والمبادرة الطلابيّة، والذراع الطلابي للجبهة الشعبيّة".

وأضاف لـ قُدس الإخبارية، بأن منسقي الندوة منعوا بعض التعليقات من قبل الحضور وهذا ما أزعج الطلبة، "موضوع الندوة حساس جدًا، مفكر يقول إنه وجد ثغرات في القرآن وكان يسأل أسئلة يطالب أي شخص من الحاضرين الإجابة عليها، وعندما حاول أحد أساتذة الشريعة إجابته بالحجة والبرهان تم قمعه بحجة أنها محاضرة وليست مناظرة، فاحتج الحضور لذلك نحن طلبنا من الطلاب الخروج من الندوة وأنهيناها قبل أن يتفاقم الوضع"

[caption id="attachment_116360" align="alignnone" width="600"] جانب من الندوة التي نظمتها الجامعةالامريكية بجنين، تصوير : ميّ مصري[/caption]

أما المدير التنفيذي لجمعية الكمنجاتي إياد استيتي، فيرى أن ما حدث شيء طبيعي لأن صدّيق يحب مشاكسة الناس ولديه أفكار لا تعجب الكثير، "هو بالعادة يأتي بأفكار جديدة لها علاقة بالقداسة والإيمان، وهو أكد قدسية الخالق والإسلام والعبادة، ولكنه تحدّث عن الايمان بطريقة قد تكون غير مفهومة للآخرين، هو مجرد سوء فهم" يقول استيتي.

وأضاف استيتي لـ قُدس الإخبارية، أن المفكر لم يسئ للدين كما قيل عنه وأن سوء الفهم الذي حدث كان بسبب الأفكار المسبقة عنه لتناوله قضايا مستفزة للبعض، مضيفًا، أن صديق أجاب كل المعترضين والمتهمين "لماذا تتهموني أني أخرج عن هذا الدين أنا جزء من الدين الاسلامي".

ويعلق استيتي على ما حدث بأن البعض لم يفهم أن الندوة هي عبارة عن محاضرة وليست مناظرة، "محاضرة يقدم فيها المحاضر أفكار فلسفية بموضوع القداسة، وليس ضد الدين ولا يختلف عمن اعترضوا على حديثه، هو مؤمن بالله ويصلي ويصوم فلماذا تتم مناظرته؟!" مضيفًا "المناظرة عادة تتم بين أفكار متناقضة وهو لم يتناقض مع أفكار الناس ومعتقداتهم الدينية ووحدانية الخالق، كما أنه غير مختلف بل يشاركهم دينهم وأفكارهم ويتكلم بالسياق ذاته، ولكنه يتحدث بلسان علم الانثروبولوجيا أو علم الانسان".

وعلق سعيد ابو معلا أستاذ الاعلام في الجامعة العربية الأمريكية على ما حدث، "أنا أدرت المحاضرة ولأول مرة أرى رغبة محمومة من مجموعة من المداخلين لندوة للعمل على تغيير مسارها (في إشارة لمنع المتحدث الرئيس فيها) وكأنهم رغبوا بإعادة تعريف المحاضرة وكيف يجب أن تكون".ويضيف، بأن ما جرى في محاضرة صديق أن البعض رغب الى تحويلها لمناظرة، وآخرون رغبوا أن يحتكروا الرد على الضيف الذي لم يقدم كل ما لديه.

من جانب آخر، فان أستاذ الشريعة بالجامعة حلمي عبد الهادي ، يقول إن يوسف صديق تحدث طيلة وقت المحاضرة دون أن يقاطعه أحد على الرغم من أنه قال "أمور غير صحيحة في الدين" حسب وصفه، وأنه عندما حاول وهو والحضور الحديث تم إيقافه بحجة أنها محاضرة.

وأضاف لـ قُدس الإخبارية، "لماذا الحدود موجودة في أمور وأمور أخرى غير موجودة، نحن جميعنا نقر أن هناك حدود ولكن لماذا الله والقرآن يدعون بها الحرية والبقية يضعون لها الحدود، دائما يقولون هناك محرمات ممنوع الاقتراب منها ثم يسمحون له بحجة التعبير عن رأيه، طيب ماذا عن رأينا نحن؟".

وحول الاتهامات الموجهة لمنسقي الندوة أجاب ابو معلا، "في البداية منحنا مداخلات لمدة لا تقل عن 4 دقائق لشخصين، شخصية أكاديمية وأخرى حزبية دينية، وكنا سنكمل الأمر لمجموعة من الاشخاص الذين حضروا أنفسهم للرد، ولكوننا نحترم الجمهور الذي يرفع أياديه ويمتلك رغبة عارمة للتعبير عن رأيه، وكان علينا أن نجعل الضيف يرد على ردود المداخلين، وكل ندوات الجامعة التي نشارك بها أو شارك بها المداخلين الغاضبين أنفسهم تدار بهذه الطريقة. لنقول هنا ما عدا ما بدا؟".

ويؤكد أبو معلا، أن البعض كان لديه رغبة مسبقة لمنع الندوة، "ليتحول دورهم إلى التعبئة على صديق وتكفيره واتهامه بالالحاد وهذا أمر خطير جدا يجب الانتباه له واعتباره مؤشراً على تراجع كل ما له علاقة في الحريات الفكرية وهنا داخل الحرم الجامعي، نحن قلنا للمداخلين أننا نحترم رؤاهم ومواقفهم ولكن عليهم احترم الجو العام للمحاضرة، وأخبرناهم أن هناك مساحة كبيرة للرد على ما يقوله الضيف من خلال المقالات والندوات القادمة، ولتكن مخصصة لردود مطولة عليه، وهذا هو دور الجامعة أن تكون جزءاً من حراك فكري ورد ورد مضاد قد يطول ولا يقصر".

[caption id="attachment_116361" align="alignnone" width="600"] تصوير : ميّ مصري[/caption]

أما الجامعة فكان رأيها واضحًا منذ اللحظة الأولى، حيث قال رئيس دائرة العلاقات العامة في الجامعة فتحي اعمور، إن "الجامعة منبر حر، تمثل الرأي والرأي الآخر وحرية التعبير ومن هذا المنطلق استضفناه ليقدم محاضرته، وفي المقابل الحضور يقدمون مداخلاتهم ضمن نفس الإطار، وتفاجئنا من ردة الفعل ضد الندوة التي حدثت في الجامعة، فيوسف صديق كان له ندوات في عدة مناطق بالضفة ضمن فعاليات الكمنجاتي، وجاء العام أيضًا، ولم يتم الاعتراض عليها، ولكن ما حدث في الجامعة كان  مُستغربًا".

وأضاف لـ قُدس الإخبارية، أن النشاط الموافق عليه كان محاضرة، ومن المعروف أن المحاضرات عامة، يتحدث خلالها المحاضر، بينما يُمنح الحضور دقيقة أو دقيقتين لكل شخص لتقديم تساؤلاتهم، ثم يجيب المحاضر بعدها، لكن ما حدث أن البعض حاول تحويل المحاضرة إلى مناظرة، كان في فهم خاطئ لطبيعة النشاط، ونحن نقدر أن الناس تريد التعبير عن رأيها ولكن هناك حضور كبير يريدون طرح تساؤلاتهم، ومع ذلك نحن نحترم اختلاف الرأي، فالجامعة منبر حر للتعبير وكل شخص له طريقته وما حدث من الطرفين هو مجرد تعبير عن الرأي ونحن نحترمه".

ورصدت شبكة قُدس الإخبارية، عددًا من الآراء المتباينة حول إنهاء محاضرة المفكرة التونسي يوسف صدّيق بالقوّة بدعوى تحريف القرآن، حيث اعتبر البعض أن كلامه يدعو للتحريف ويأتي في سياق ديني غير صحيح متهمينه بأنه يزدري الاسلام والقرآن الكريم، بينما اعتبره الشِق الآخر رأيًا فلفسيًا ينفي مفهوم القداسة ويطرح تساؤلات لا تعدو عن كونها وجهات نظر أو اختلاف في الرأي.