شبكة قدس الإخبارية

بدعوى "مناهضة الثورة".. أمن غزّة يعتقل شابًا بظروفٍ غامضة

هيئة التحرير

رفح- خاص قُدس الاخبارية: في التاسع عشر من كانون الأول عام 2016، بدأت قصة الشاب خالد حرب (24 عامًا)، حين حاولت قوةٌ من جهاز الأمن الداخلي في قطاع غزة، اقتحام منزل عائلته الذي لم يكن يتواجد فيه سوى خالد وشقيقاته ونسوةٌ من أقاربه، ما دفعه لمنعهم من دخول المنزل، خاصةً وأن العناصر لم تكن تحمل أمرًا قانونيًا يخولها بالتفتيش، وفقاً لعائلته.

عائلة خالد تقول "إن ابنها قام بإجراء عملية جراحية لتسليك الأوعية الدموية السفلى، والمعروفة بـ"الدوالي" منعته القوة الأمنية من الدخول إلى الخلاء قبل اقتياده، على الرغم من حاجته إلى عناية كبيرة بسبب وضعه الصحي السيء آنذاك، والذي لم يتم مراعاته حين احتجز لثلاثة أيام في مقر الأمن الداخلي بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، قبل أن ينقل إلى أحد المقار الأمنية بمدينة غزة في الحادي والعشرين من كانون الأول من العام الماضي.

محاولات عديدة بذلتها العائلة لمعرفة مصير ابنهم، بعد اختطافه من قبل العناصر الأمنية مدعومة بعناصر ملثمة قالت العائلة إنهم من القسام، لكنها جميعها باءت بالفشل، لتفاجئ العائلة باتصال من رقم "خاص" بعد ثلاثين يوماً من الاختطاف، وكان المتصل هو خالد، في مكالمة لم تستغرق أربعة  دقائق، اقتصر فيها الحديث عن وضعه وطمأنة العائلة، وبعد هذا الاتصال بنحو أسبوع ، سُمح لمحامية الخاص بالدخول له لمدة لم تتجاوز الخمسة دقائق بهدف الحصول على وكالة  قانونية، دون أن توضح الجهات الأمنية أي مبرر لاستمرار اختطافه.

وبقيت عائلته ممنوعه من زيارته أو معرفه أي معلومات عنه، حتى بعد مضي ما يقرب 46 يوماً على الاعتقال، سمح لهم بعدها بزيارة لم تتجاوز العشرة دقائق، "جاءنا مكبل اليدين، معصوب العينيين، وتظهر عليه علامات التعذيب وكانت الزيارة بحضور عدد من أفراد جهاز الأمن الداخلي، لم يسمح له خلالها بالحديث سوى عن أنه بخير وأن يطلب الدعاء من ذويه" بحسب ما أفادت به العائلة.

ومع استمرار محاولات العائلة معرفة ظروف اعتقاله"اختطافة" والإجراءات الواجب اتباعها، طُلب منهم تقديم طلب كفالة في مقر النيابة العسكرية الموجود في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، حيث تقرر عقد جلسة أوليه له للنظر في طلب الكفالة بتاريخ 12/2/2017،" رغم كونه مدني إلا أنه يعرض على محاكم عسكرية"، لكنها في حقيقة الأمر لم تكن أكثر من جلسة استرحام لم تتجاوز العشرة دقائق تعرض فيها خالد وذويه لكثير من الامتهان والتقليل من الكرامة، حيث جرى تفتيش العائلة تفتيشاً ذاتياً، وتم نهرهم ومنعهم تماماً من الكلام، إضافة إلى محاولاتهم إهانة خالد أمام ذويه كنوع من التحقير>

طلب فيها محاميه الخاص الممنوع حتى تاريخ نشر هذا التقرير من الاطلاع على ملفه، من القاضي أن يفرج عن خالد مقابل دفع كفالة مالية، مستنداً في ذلك إلى عدداً من الأوراق الثبوتية التي تؤكد أن خالد طالب جامعي انقطع عن دراسته بفعل استمرار الاختطاف، وأن والدية مصابون بعديد من الأمراض، وأن له شقيقين اعتقلا عام 2007 لدى الاحتلال، وأن منزل العائلة هدم مرتين متتاليتين، لكن ذلك لم يكن شفيعاً له أمام هيئة القضاة، التي أمرت بتأجيل الجلسة حتي تاريخ 26/2/2017

المحكمة العسكرية عرضت على عائلته التقدم بطلب دفع كفالة لخروج نجلها مجدداً، ومن ثم ردت بـ "قبوله شكلًا ورفضه مضمونًا"، وهو ما يعني أمرًا من اثنين، إما تبرئة المحكمة لخالد مع استمرار اعتقاله لدى جهاز الأمن الداخلي وهو إشارةٌ خطيرةٌ قانونيًا ومخالفةً صريحةٌ له تكشف السطوة الفعلية للسلطة التنفيذية على السلطة القضائية. أما التفسير الآخر لهذا الحكم، أن النص القانوني الذي دعت من خلاله المحكمةُ العائلة لتقديم طلب الكفالة، ما هو إلى مجردٌ إجراء بروتوكولي عام مرفوضٌ في مثل هذه الحالة من المحاكمات، وهو ما رجحته العائلة.

في اليوم ذاته، السادس والعشرين من شباط، كانت زيارة العائلة مقررة بالتزامن مع موعد محكمته العسكرية، وهو ما دفع والدته لانتظاره على الرصيف حتى وقت عودته، حيث رفضت جهاز الأمني الداخلي إدخالها لانتظاره وطالبوها بالرجوع إلى منزلها في رفح وعدم لقائه آنذاك، وهو ما رفضته والدته المُسنة قائلة إنها لن تتحرك من مكانها دون مقابلته.

أعلن إضرابه

"قرر المختطف خالد حرب خوض الاضراب المفتوح عن الطعام احتجاجًا على ظروف اعتقاله وعدم وجود ملف قانوني أو تهمة حقيقية، إضافة إلى تعرضه للشبح والتعذيب والاذلال، خطوة باتجاه الضغط وانتزاع حقوقه، تقول العائلة في السادس والعشرين من شباط، حان موعد المحاكمة العسكرية الثانية والتي تم تأجليها كما المرة الأولى، امتنعت خلالها شقيقته الصحفية هاجر حرب عن الحضور، لكّن المعتقل خالد أبلغ شقيقه أنه بدء مرحلة الاضراب عن الطعام منذ يوم الأمس، يعني "الخامس والعشرين من شباط".

بقيت أخبار إضرابه رهينة إعلانه الرسمي، حتى زيارة محاميه له في الأول من آذار ماس الماضي، بهدف متابعة قضيته وايصال ملابس بناءً على طلبه مع مصحفٍ شريف، وبحسب عائلته، "فان الأجهزة الأمنية بغزة قد رفضت إدخال المصحف الذي حمله المحامي إليه"، في الوقت الذي أخبر فيه خالد محاميه باعلانه الاضراب عن الطعام بشكلٍ رسمي.

وأمام وكيل النيابة العسكرية، قال خالد لمحاميه إنه ابتدأ منذ أسبوع اضرابًا مفتوحًا عن الطعام، بنية إخبار ذويه والمؤسسات الحقوقية المساندة، إضافة إلى ايصال رسالته لإدارة السجن، بأنهم يتحملون مسؤولية كل التبعات المترتبة على اضرابه رغم مرضه، حتى سأله وكيل النيابة إن كان خياره نهائيًا وقال له "يعني بدكاش تفك اضرابك؟ لأنه عالفاضي"، ليكون جواب خالد له بالنفي ثم يعاود العسكري قوله مهددًا "إعمل براااحتك".

بدء حملة مُناصرة

! وصل خبر الاضراب اذن إلى عائلته عبر محاميه" رغم طلب وكيل النيابة من المحامي عدم إبلاغ الأهل بإضراب ابنهم تخوفاً من ردة فعلهم"، خلال تلك الفترة وعلى مدار أحد عشر يوماً خاض فيها خالد إضراباً مفتوح عن الطعام، منع جهاز الأمن الداخلي المؤسسات الحقوقية من زيارته والاطلاع على أوضاعه الصحية، وهو ما دفع الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان لإصدار بيان تؤكد فيها إنها خاطبت جهاز الأمن الداخلي بتاريخ 1/3/2017 وطلبت زيارة المعتقلات للوقوف على ظروف اعتقال المضربين وأحوالهم الصحية، غير أن الرد كان بالرفض التام.

شقيقته الصحفية هاجر حرب، بدأت بالحديث عن موضوع شقيقها المختطف عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، لتشكيل ضغطٍ على محتجزيه والافراج عنه ومراعاة ظروف اعتقاله، حيث انتقل بعد 11 يومًا من مركز الأمن الداخلي إلى سجن الكتيبة "أنصار" وهو سجن مدني عام غرب مدينة غزّة، حيث علّق إضرابه عن الطعام بسبب استمرار تعذيبه، للضغط عليه من أجل فك هذا الإضراب., بعد 11 يومًا من إضرابه، زارت العائلة نجلها خالد في سجن الكتيبة بعد انتقاله وتعليق اضرابه، ولوحظ الانخفاض الشديد في وزنه حتى قدرت عائلته نزول 10 كيلوات من وزنه، ووضوح آثار التعذيب عليه، إضافة إلى عدم مراعاة عمليته التي أجراها قبل أيام قليلة من اعتقاله

تهمته: مناهضة الثورة!

لا تهمة واضحة، حتى اللحظات الأخيرة، حتى حاولت العائلة والمحامي الاستفسار مجددًا حول تفاصيل ملفه والاتهامات الموجهة إليه، ليجيب عنصر النيابة أنّه متهمٌ "بمناهضة الثورة"، والذي يعني بحسب العائلة ومستشارين قانونين، بأنه قانون استصدرته منظمة التحرير عام 1979، في حينه ويعني أن من يسعى لتشكيل حزب، لمناهضة الحزب القائم.

وأضافت العائلة لـ قُدس الإخبارية، أن التهمة الموجهة إليه غير صحيحة ولا مسندة قانونيًا، حيث تختلف الظروف الموضوعة لأجله، ففي حينها كانت ثورة فتح، أما في عام 2017، فلا يوجد ثورة واضحة وحقيقية يجري مناهضتها، ثم أنه لم يثبت أن حاول خالد تأسيس حزب مناهض أو غيره.

مجدداً تقدمت العائلة بطلب كفالة، حيث عقدت لخالد جلسة عسكرية جديدة بتاريخ 26مارس الماضي، وتم تأجيلها لمدة أسبوع أي من المقرر أن تعقد غداً الأحد 2/أبريل2017، وهو ما دفع والده لإعلان إضرابه المفتوح عن الطعام كخطوة تصعيدية رفضاً لاستمرار اختطاف نجله بالرغم من كونه جريحًا في الانتفاضة الثانية ولديه أمعاءً صناعية، حيث قرر الامتناع عن الطعام وتناول الأدوية أيضًا مما سبب مضاعفات خطيرة على صحته انتقل على اثرها إلى المستشفى وأجبره الأطباء على كسر اضرابه بشكل تدريجي لما فيها من خطرٍ حقيقي على حياته.

يشار إلى أن جملة من التحركات والمناشدات قدمتها العائلة عبر كُتبٍ رسمية وأخرى عبر مواقع التواصل الاجتماعي لعدد كبير من قادة حركة حماس ومختلف الفصائل الفلسطينية وكذلك لمدير قوى الأمن في قطاع غزة اللواء توفيق أبو نعيم، لكن أحداً لم يستجب، فيما تحمل العائلة كافة الجهات المختصة المسؤولية الكاملة عن استمرار اختطاف ابنهم.