عندما تصبح الفكرة حقيقة، والحلم إنجاز ، برغم كل القيود.
من غزة والضفة والداخل والشتات، وبين غلافيّ مجلة واحدة، اجتمعت أرواح عدة مصورين فلسطينيين وتجسدت بلقطات من عدساتهم لتشكل معا "كراج الفن".
كراج الفن هي مجلة فلسطينية بامتياز، تهتم بشكل خاص بالتصوير الفوتوغرافي، وتجمع بين طياتها صورًا من إبداع مصورين فلسطينيين من كافة أقطاب الحدود المتناثرة داخل الوطن وخارجه. وتعتبر المجلة الأولى التي تختص بهذا المجال وتطبع بهذا الشكل في قطاع غزة. أصدر العدد الأول لها مؤخرًا والعدد الثاني في طور التحضير له.
"في البداية يتجاهلونك، ثم يسخرون منك، ثم يحاربونك، ثم تنتصر"، طرقت هذه العبارة ذهني حينما سرد صاحب فكرة "كراج الفن" الشاب محمود الحاج من قطاع غزة مراحل خروج المجلة إلى الحياة، منذ لمعت الفكرة في ذهنه إلى أن تحولت إلى حدث إعلامي على أرض الواقع.
"تولدت لدي فكرة مجلة فوتوغرافية منذ أكثر من ثلاث سنوات حينما بدأت تعلم الإعلام في جامعة الأقصى في غزة، في ذلك الحين لم يعر أحد الاهتمام للفكرة بل وسخروا منها مدّعين أنه من المحال أن يمكن تطبيقها على أرض الواقع"، بهذه العبارات بدأ محمود كلامه مستذكرا البداية، مضيفاً:" مع ذلك لم أيأس، وكنت أدون كل ما يخطر ببالي بخصوصها على ملف خاص بها، وأنتظر الوقت المناسب لتطبيقها، وها هي بعد عدة سنوات يتاح لها أن ترى النور. نسقت مشروع المجلة "جمعية الثقافة والفكر الحر" في غزة بعد أن طرحت عليهم الفكرة ووافقوا عليها، وهنا بدأت الخطوات الجدية في تحقيقها بنجاح".
لم تكن الطريق إلى صفحات المجلة المطبوعة سهلًا، خاصة وأن الفكرة تكمن في أن تجمع صورًا لمصورين فلسطينيين ليس من غزة فقط إنما من أي مكان على الأرض، سواء في الداخل الفلسطيني والضفة أو في الشتات.
وهنا وجد محمود ضالته في صفحات الفيس بوك حيث أنطلق في البحث عن مبدعي التصوير الفلسطينيين ليطرح عليهم المشروع ويجمع الصور، وجد في الفيس بوك ما كان يبحث عنه وتواصل مع عدد من المصورين وتلقى عددا لا بأس به من الصور الإبداعية من أكثر من مصور، من حدود جغرافية مختلفة، وقدم الصور للجنة مختصة بالتصوير، لتختار من ضمنها ثلاثين صورة لتكون في المجلة وتكون على مستوى إبداع وكفاءة.
وبعد مراحل صعبة من التحضير وسباق الوقت ومواجهة العقبات المختلفة تمت طباعة نسخ المجلة وتحضير المعرض، وطرحت المجلة بنجاح في معرض حضره فنانون وصحفيون ومصورون وجمهور متنوع، وكان الإقبال وردود الفعل إيجابية جدا ومرحبة بالفكرة، ومشجعة للاستمرار، كما يخبرنا محمود. وقد أبدى عدد من المصورين من مختلف البلدان رغبتهم بالانضمام والمشاركة في المجلة.
"الفيس بوك سهل علي المهمة، وعدا عن انه ساهم مساهمة مباشرة في تواصلي مع المصورين وأتاح لي التعرف عليهم وتلقي صور من مختلف المناطق،لأكسر حدود الحصار والبعد الجغرافي. كما أتاح لي أيضًا أن أعرف آراء الناس بشكل أوسع، وأن اتلقى صدى ردود الفعل تجاه المجلة، وهذا أمر إيجابي وفعال"
وخلاصة لأقواله ذكر محمود الحاج:" أن الشكر والعمل ليس لشخص فقط، بل لمجهود كثر قدم لهم الشكر ممن كانوا جندا في الخفاء أو شاركوا في المجلة، ومن متابعيها أيضا".
كراج الفن، نموذج يطرحه الشباب الفلسطيني ليقول لكل العالم أن الحصار وتقسيم الحدود الجغرافي لن يمنعنا من أن نطلق إبداعنا شعاعًا يسطع بنوره في كل الأرجاء، ولن يحرمنا أن نحول طموحاتنا من أفكار وعبارات الكترونية إلى أمور ملموسة على أرض الواقع، وأننا نتقن لغة الفن والإبداع ولن تجعلنا نكباتنا نرتاد أطلال أحزاننا وننهزم، بل سنبادر ونعمل ونصل حد النجاح والحرية.
من التعليقات على الصفحة: