فلسطين المحتلة- قُدس الإخبارية: وسط حماسة الواصلين إلى زيورخ للمشاركة في حفل الاتحاد الدولي لكرة القدم، وُزّعت "جوائز الأفضل" واتُخذ قرار زيادة عدد المنتخبات المشاركة في كأس العالم إلى 48، كما عُقدت الاجتماعات المخصصة لمناقشة قضايا الأندية واتحادات كرة القدم. في بنود هذه الاجتماعات، كان ثمة واحد مؤجل البتّ فيه منذ حوالي العامين: قضية الأندية الإسرائيليّة التي تلعب مبارياتها داخل المستوطنات.
وقع التأجيل مجدداً، "إلى حين" استلام الفيفا تقريراً حول القضية في مهلة محدّدة بشهر، بعد ذلك يمكن اتخاذ قرار بشأن هذه الأندية، بحسب رئيس الاتحاد جيوفاني إنفانتينو الذي يُقرّر المنع أو القبول.
كان التأجيل ليمرّ عادياً كالسابق، لو لم يسجّل الاجتماع انسحاب رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم (وفيه اتحاد كرة القدم الفلسطيني) ونائب رئيس الفيفا سلمان بن إبراهيم آل خليفة، وهو يُعدّ "الصوت العربي" الأقوى في الفيفا بصفته الرسميّة، مع الأخذ بالاعتبار حضور كل من ممثلي مصر وتونس في الاجتماع.
غادر الشيخ البحريني قبل الوصول إلى البند (13.1) المُدرج على جدول النقاش، والمتعلق بكرة قدم المستوطنات، بحسب ما علم "رصيف 22" من مصادر خاصة داخل مجلس الفيفا.
الأمر يُعدّ خسارة دعم كبير، من الداخل، يمكن أن يقدمه للفلسطينيين في معركتهم ضد أندية المستوطنات. والجدير ذكره هنا أن الاتحاد الفلسطيني ليس عضواً في مجلس الفيفا، ما يُسبغ على دفاع سلمان (لو حصل) عن هذه النقطة أهميّة مضاعفة.
أما "الفيفا" فكان قد تفادى الخوض في المشكلة، لاجئاً إلى ترحيل البحث فيها من مناسبة إلى أخرى. حصل ذلك في مايو العام 2015، وفي مايو وأكتوبر العام 2016، ثم الآن في يناير العام 2017.
وفي هذا الإطار، يأتي انسحاب سلمان من الاجتماع، ليفتح المجال أمام إنفانتينو للتعامل بأريحيّة مع هذه النقطة.
اجتماع بحريني بمشاركة إسرائيليّة
وفي تفاصيل القضية، التي كان تابعها موقع رصيف22 في سبتمبر الماضي، يجد اتحاد كرة القدم الدولي نفسه اليوم في وضع محرج. يتخبط تحت ضغط المنظمات الدولية عليه للنظر بشأن الأندية الإسرائيلية الست التي تلعب مبارياتها في مستوطنات في الضفة الغربية.
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" اتهمت الفيفا برعاية مباريات تجري في مستوطنات إسرائيلية على أرض "مسروقة" في الضفة الغربية المحتلة، داعية إلى إجبار نوادي كرة القدم الإسرائيلية في المستوطنات على الانتقال إلى مكان آخر.
أتى ذلك بموازاة دعوة وجّهها 66 عضواً في البرلمان الأوروبي إلى الفيفا، طالبوا فيها بإجبار اتحاد كرة القدم الإسرائيلي على منع الأندية الست من اللعب في دورياتها، مرفقة بتوقيع أكثر من 150 ألف شخص على عريضة تدعمم هذا المخطط.
وتستعد البحرين لاستضافة الكونغرس لـ الفيفا في أوائل مايو المقبل، يشارك فيه 209 اتحاد من أعضاء الفيفا بينهم الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم.
ويثير انسحاب سلمان جدلاً إضافياً، بعد ذاك الذي كانت قد أثارته مشاركة الجانب الإسرائيلي في الاجتماع البحريني.
وقد ووجه إعلان سلمان عن المشاركة الإسرائيلية بانتقادات تتعلّق بـ"الاستخفاف بالدماء" وجعل الفرح "منقوصاً"، بينما كان هو قد دعا لـ"التركيز على الفائدة" التي ستعود على المملكة جراء استضافتها حدثاً بهذه الضخامة.
ولا يخلو تاريخ المسؤول البحريني، الذي ترشّح في وقت سابق لرئاسة "الفيفا"، من الانتقادات لا سيما تلك التي لاحقته إبان الثورة البحرينية بسبب "خيانة الثورة"، وذلك بعد نشر معلومات حول تبليغه عن لاعبي كرة القدم الذي شاركوا في التظاهرات، بينما خرج لينفي الأمر جملة وتفصيلاً.
يُذكر أن ماليزيا قد تراجعت عن استضافة الاجتماع قبل أن ينتقل للبحرين، بسبب "حساسية" استصدار تأشيرات دخول للمسؤولين الإسرائيليين والتلويح بالعلم الإسرائيلي خلال إقامة الفعاليات.
الانتهاكات الإسرائيلية
أما "الروح الرياضيّة" المنزّهة عن السياسة، فلا تجد في إسرائيل أصداء لتطبيقها. لقد وثقت "هيومن رايتس ووتش" كيف بُنيت ملاعب المستوطنات، بما فيها ملعب في قاعة مغطاة على أرض أُخذت بصورة غير قانونية من الفلسطينيين، ومعظمها بمصادرة أراض تابعة لأفراد فلسطينيين أو قرى فلسطينية، وإعلانها تابعة للدولة، ثم تخصيصها للمدنيين الإسرائيليين فحسب.
وأظهرت الوثائق المالية التي راجعتها أن الاتحاد الإسرائيلي انخرط في نشاط تجاري يدعم المستوطنات، بينما توفر أندية كرة القدم في المستوطنات عمل بدوام جزئي وخدمات ترفيهية للمستوطنين، ما يجعل المستوطنات أكثر استدامة.
وبالعودة إلى موقف "الفيفا"، يمكن التذكير أن المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي الإنساني، لأن نقل القوة المحتلة للسكان المدنيين إلى الأراضي المحتلة يشكل انتهاكاً لـ"اتفاقية جنيف الرابعة" ويعتبر جريمة حرب.
بالتالي، يناقض "الفيفا" نفسه، باعتبار أن قوانينه الداخلية تمنع اتحاداً عضواً من اللعب على أرض اتحاد آخر بالقوة. كما يناقض تعهداته باحترام حقوق الإنسان، ويتجاهل قرار مجلس الأمن رقم 2334 الذي يطالب إسرائيل بوقف الاستيطان.