شبكة قدس الإخبارية

في الخليل: الشقار مطلوب والخطبة في الأعراس

لارا يحيى

إنها ليست خُطبة الجمعة طبعا، ولن تكون شهادتي الوحيدة على جمهورية الخليل.. علينا أن نقر بأن غالبية الزيجات في الخليل جنوب الضفة الغربية او على الأقل علي أن أقر أن غالبية الزيجات التي ألحظها في محيطي يكون خلفها ثلاثة أمور.. إما أن تكون هذه الفتاة شاهدتها والدة العريس في عرسِ قريبة.. سواءً كانت قد رقصت أم لا لكن الوالدة لَقطتها من الفرح، الحل الثاني، قد تكون العروس قريبة العريس، ابنة خال او عمه.. وسار الأمر.. الحل الثالث يا أعزائي أن تكون رشحتها شخصية قريبة من والدة العريس بعد أن رأتها في فرحٍ هي الأخرى.

كي لا أفهم خطأ ولا أرجم بالحجارة فعليكم أن تفهموا أنني لا أعيب هذا النظام فقط، بل أمقته، حتى أسلوب الخطبة العادية وما به من شوائب وأشياء غريبة، وتصرفات مقيتة تصدر عن "أم العريس" أو من جاء برفقتها، اسلوب المقابلة الأولى في المنزل، وسط تقييم العريس وتفحص والدته، ومن ثم التعرف الأولي بين العروس المرتقبة والعريس المبتغى.. كلها أشياء تدفعني للجنون.

أذكر رواية قريبةٍ لي كانت حينها في الخامسة عشر وصعدت المسكينة إلى منصة العرس لترقص وعندما نزلت، استقبلتها سيدة في أواسط العمر تسأل وتستفسر تريد الخطبة، وكان رد الفتاة أنها تحلم بإكمال دراستها وأنها تسعى للهندسة.. وسط محاولات إقناع السيدة هربت الفتاة دون رجعة وجلست قرب والدتها.. التي لامتها بالفعل على "هروبها" غير المبرر كون السيدة الأخرى ممكن أن تزوجها لولدها وتكمل الدراسة في "بيت العَدل". عن نفسي أعتبر ان رعاية طفل والدراسة معاً قد يوديان بالنساء للجنون.

تعليقاً على ما مضى "لا أحد يظلم المرأة كالمرأة نفسها" نحن من نمنهج مجتمعاتنا على الظلم المقيت.. في رواية أخرى، قالت لي صديقة أن سيدة وشقيقتها قدمتا لمنزلهم للبحث عن عروس فاستقبلتهما وأكرمتهما.. وبما أن والدتها غير موجودة قررت صديقتي أن تحسن الضيافة، وأكملت بتمثيل الدور فسألتهما ماذا يعمل فلان، وما اسمه.. بلحظتها امتقع لون الشقيقتين وقررتا الفرار وسط اتهامات لصديقتي بأن أسئلتها هذه "قلة ذوق" ومضيفة بأنه "جيل ما بيستحي، كلهم أوقح من بعض"... أجل لقد ارتكبت صديقتي "جريمة نكراء".

في الفصل الثاني من "ملاحظاتي" في جمهورية "الخليل المحتلة" النساء الشقراوات هن الفائزات، أي والله. أنا لا أمزح فـ"الميش" الأشقر للشعر، والصبغة الشقراء شائعة بشكل مقزز، وكأن الفتاة هنا لا تكون جميلة إلا إن كانت شقراء، ويفضل أن تكون ذات عيون زرقاوين، فهذا "عز الطلب كما يقال". . أتوجع فعلاً حين تجبرني أمي على مرافقتها لأحد الأعراس، دونما مبالغة من بين كل 5 فتيات توجد فتاة محتفظة بلون شعرها الطبيعي.. "أعرف شعوركم// مقزز".

blond

هذه الملاحظة تجعل غالبية اللواتي يطلبن للخِطبة في جمهورية الخليل يكن إما من صاحبات الميش الأشقر، أو من هن بالأساس شقراوات بعيونٍ زرقاء "أنا لا أمزح"... أخرج برفقة صديقاتي لليوم ودائما تتعرض صديقتنا الشقراء لطلب "رقم منزل ذويها" كي يأتين "للمعاينة" في المنزل، ويتأكدن إنها شقراء، فربما يقنعنها بأن تتزوج ولدهم ليحسنوا النسل وينجبوا الأطفال الشُقر، او يعززوا نسلهم الأبيض بعيون زرقاء.. "وأهي تكمل"... في الخليل السمراوات مسكينات.

آخر الأمور التي إكتشفتها عن الجمهورية كانت حب الفتيات للجاه والمال، في أحد الأفراح التي حضرناها مؤخراً كانت العروس هي الرابعة في سلسلة زيجات "أخينا" الله يزيده، وعلى حِساب أن المال يجر المال، فالعريس الله يزيده عنده مال لا تأكله نيران، وعليه فإنه قرر الزواج بالرابعة، المشكلة أن زيجاته الثلاث الأولى لم تنج أي منها وخلف نساءً مطلقات، وأطفالاً ترعاهم أمهاتهم، والطامة الكبرى أن هؤلاء النسوة الثلاثة والزوجة الرابعة جميعهن متعلمات، وجميعهن حاصلات على البكالوريوس.. ويلا الزواج مش عيب.

علينا أن نعي أني لا أتحدث عن حالاتٍ فردية، أنا أتحدث عن صديقاتي عن مجتمعي الذي أحب، عن مجتمعٍ أعطى الحرية اليوم حسب ما يريد أن يهذبها الرجل فيه، ويرسمها على هواه... عن تجربة شخصية أتحدث أنا تعبت من مقابلة العرسان الذين لا يعودون وإن عادوا لعقدوني نفسياً أكثر مما قد احتمل، ولا فكرة لدي عن ماذا قد يكون الخيار الآخر بخصوص كيف يمكن أن لا يتم إعطاء الفتاة شعور بأنها سلعة أو شيء يباع ويشترى، وعليه أن يعرض في المكان والزمان والأسلوب الذي يلائم العريس ووالدته، بعد أن تضع عينها عليها في فرح الأقرباء.