شبكة قدس الإخبارية

كيف تحاول "إسرائيل" حرمان فلسطينيي الـ"48" من أراضيهم؟

هيئة التحرير

فلسطين المحتلة - قدس الإخبارية: إن ما يقارب 70% من المدن الفلسطينية في الأراضي المحتلة منذ عام 1948 لا يسكنها سوى اليهود وممنوعةٌ على الفلسطينيين، يتّبع الاحتلال هذه السياسة منذ قيامه على الدولة الفلسطينية، قد تكون الطرق والوسائل تغيرت، لكن الهدف واحد لم يتغير، وهو إقامة مدن خالية تمامًا من الفلسطينيين، ومقتصرة فقط على اليهود، وهذا ليس تمييزًا لطرفٍ على آخر، بل هو فصلٌ عنصريّ، وعلى الرغم من أهمية هذا الأمر، إلا أنه لا يخطر على بال المجتمع الدولي.

تقرير لموقع "Middle East Monitor" أوضح بأن ما تسمى "سلطة الأراضي" بحكومة الاحتلال تسيطر على ما يقارب 94% من الأراضي المحتلة عام 1948 نيابةً عن ثلاثة أطرافٍ تدعي ملكيتها، أولهم دولة الاحتلال، والتي تدعي أحقيتها بـ69% من أراضي 1948 التي أعطتها إياها حكومة الانتداب البريطاني تحت حجة "أرض بلا شعب"، ثاني طرف هو ما يسمى "الهيئة العامة للتنمية" والذي يدعي ملكيته لـ12% من الأراضي، تحت حجة أن سكانها غير موجودين، أما الطرف الثالث فهو "الصندوق القومي اليهودي"، والذي يمتلك 13% من الأراضي، بعضها اشتراها الصندوق القومي اليهودي قبل قيام الكيان، وغالبيتها كانت هديةً من حكومة الاحتلال بعد طرد الفلسطينيين.

وبحسب التقرير، تُستخدم الأراضي التي يسيطر عليها "الصندوق القومي اليهودي" لصالح اليهود؛ في بناء مدن لا يسكنها سوى اليهود أو لتنفيذ مشاريع التهويد، عند التصريح بملكية الصندوق القومي اليهودي لقطعة أرض، تزعم سلطة الأراضي الإسرائيلية أن ملكًيتها محصورة باليهود فقط، لا يمكن بيعها أو تأجيرها لغير اليهود، وهذا بناء على ادعائهم بأن الصندوق القومي اليهودي "شركة خاصة" تتبع قانونًا يحظر بيع أو تأجير أملاكها لغير اليهود، كما أن سلطة الأراضي تهدف إلى تحقيق نفس الهدف فيما يتعلق بالأراضي التي تعود "لدولة إسرائيل" أو "الهيئة العامة للتنمية".

وضرب التقرير مثالا، عائلة قعدان من باقة الغربية في طولكرم والتي سبق لها أن تقدمت بطلب لشراء قطعة أرضٍ عام 1995 لبناء منزل في بلدة "كاتسير" لكن طلبهم قوبل بالرفض لأنهم فلسطينيين، وعندما طالبت العائلة بتفسير من سلطة الأراضي، جاء الرد بأن الأرض التي أقيمت عليها بلدة "كاتسير" هي ملك لـ"الدولة"، تم تأجيرها "للوكالة اليهودية لأرض إسرائيل" لـ99 عام، والتي بدورها أبرمت صفقة مع جمعية كاتسير التعاونية، تنصّ الصفقة على استعمار أعضاء المنظمة للبلدة.

وبين التقرير بأن جمعية "كاتسير" رفضت السماح للفلسطينيين بأن يعيشوا في البلدة، وترفض "الوكالة اليهودية" تأجير الأراضي لغير اليهود تحت حجة عدم سماح القانون بذلك، وبهذه الطريقة نجحت سلطات في إنشاء مئات البلدان اليهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، عائلة قعدان لم تستسلم للاحتلال ورفعت قضية في محكمة العدل العليا، وكما يحدث في غالبية القضايا المماثلة، وبعد مماطلة المحكمة لعدة سنوات، حكمت المحكمة بأنه لا يحوز رفض طلب العائلة شراء الأرض على خلفيةٍ عنصرية.

وقال التقرير إنه من المتوقع ألا تغير سلطات الاحتلال سياستها وتعطي الفلسطينيين الحق في العيش بمساواة في البلدان داخل أراضي 1948 مثل "كاتسير"، لذلك من المتوقع أيضًا أن تتبع سلطات الاحتلال تكتيكات تضليلية وحاقدة أكثر لتحقيق سياستها، ومثالٌ على ذلك القرار رقم 1015 الذي أصدرته إدارة سلطة الأراضي في الأول من آب 2004، ونصّ على إنشاء "لجان موافَقة" في المدن التي يسكنها ما يصل إلى 500 عائلة، وكذلك داخل المدن الزراعية، مهمة هذه اللجان رفض/قبول من تريد ممن يتقدمون بطلب الإقامة في هذه المدن، تتكون كل لجنة من 5 أعضاء، وفي المدن الزراعية؛ الجمعية التعاونية هي من تحدد أعضاء لجنة الموافَقة، أما في المدن الأخرى فالأعضاء هم: ممثل عن الوكالة اليهودية، ومسؤول رفيع المستوى من وزارة الإسكان، وممثل عن الجمعية التعاونية، وممثل عن مجلس المحافظة، وممثل عن حركات الاستيطان.

وأشار التقرير إلى أن القرار رقم 1015 يشمل 838 من المدن، أي 70% من المدن المحتلة منذ عام 1948، وهذه المدن تخضع لسلطة "لجان الموافقة"، تتحكم المجالس المحلية في هذه المدن بما يقارب 81% من أراضي "الدولة"، وهو ما يعني أنها مقتصرة على اليهود فقط دون الفلسطينيين، لكن هذه اللجان غير مؤهلة مهنيًا لتقرير أهلية المتقدمين بطلب الحصول على إقامة في المدن، وليس من قبيل المصادفة ألا تحصل أي عائلة عربية على موافقة بالإقامة، فعلى أية حال، إن المهمة الأولى والأخيرة لهذه اللجان هي إغلاق الباب في وجه العوائل العربية.

وبين التقرير أنه عندما يكون هناك قطعة أرض مملوكة لعائلة فلسطينية داخل حدود إحدى هذه المدن، يتم إصدار قرار يحظر الإقامة في هذه القطعة وتُسجّل على أنها "أرض زراعية" غير مسموح للفلسطينيين العيش أو الإقامة فيها، تبذل سلطة الأراضي الإسرائيلية قصارى جهدها لمبادلة هذه القطعة، وإذا لم تنجح، فإنها ستتجه لتهديد أصحابها الفلسطينيين بمصادرتها.

المصدر: Middle East Monitor/ جهاد أبو ريا