الخليل - خاص قدس الإخبارية: عاصمة المقاومة أو معقل الاستشهاديين أوعاصمة الإرهاب الفلسطيني وغيرها من الألقاب التي أطلقت على المدينة الأضخم جغرافيا وسكانيا في الضفة الغربية المحتلة، الخليل التي تقدمت على جميع المدن الفلسطينية في عمليات المقاومة المفتوحة، موقعة أكبر الخسائر بالاحتلال الإسرائيلي، خلال الانتفاضة الجارية.
حين تصرخ القدس يهب شباب الخليل لتلبية نداء استغاثتها، علاوة عن عاملي التاريخ والجغرافيا، فإن المدينتين تعيشان ظروفا متشابهة، يتمثل بسيطرة الاحتلال الكاملة على البلدتين القديمتين فيهما، ونشر بؤر استيطانية وسط السكان الفلسطينيين، الأمر الذي يولد احتكاك يومي بين الأهالي العزل والمستوطنين المسلحين بكل أشكال القمع والإرهاب.
نفذ المقاومون من مدينة الخليل 28 عملية طعن عام 2015، وست عمليات ما بين دهس وإطلاق نار، فيما نفذ آخرون، منذ بداية 2016 وحتى اليوم الأول من الشهر الماضي، 20 عملية موزعة بين 16 عملية طعن، وعمليتي دهس وعملية مزدوجة إطلاق نار ودهس، وعملية إطلاق نار مطلع الشهر الماضي أسفرت عن مقتل مستوطن.
الخليل تتمرد
مدير مركز القدس لدراسات الشأن الاسرائيلي علاء الريماوي قال لمراسلنا: "الاحتلال ينظر لمدينة الخليل بشكل عام على أنها مدينة حماس، ويتعاملون معها على أنها إرهابية، وساندت انطلاقة العمل المسلح لحماس فيها، واستطاعت الخليل إخفاء العديد من المقاومين والشهداء في سهولها وجبالها ممن كبدوا الاحتلال مئات القتلى".
العقوبات الجماعية التي فرضتها سلطات الاحتلال على أهالي الخليل لم تجد نفعاً، فقد فقدت قوة ردعها التي يعول عليها لمنع مقاومين محتملين من تنفيذ عمليات أخرى، وسحبت التصاريح من العمال الفلسطينيين وإلغاء التسهيلات للعديد من التجار، وشنت حملات هدم ومداهمات للبيوت واعتقالات عشوائية طالت المئات من أهالي الخليل.
وقال مدير نادي الأسير في محافظة الخليل أمجد النجار في حديث خاص لـ"شبكة قدس": "منذ بداية الانتفاضة اعتقلت قوات الاحتلال من محافظة الخليل وحدها 1675 شابا، و49 امرأة و584 آخرين مرضى و281 طفلا وحول 629 أسيرا للاعتقال الإداري.
وشكلت عمليات المقاومة في الخليل ما نسبته 40% بين وقوع العملية في الخليل أو خروج المنفذ منها، ولا تزال سلطات الاحتلال تحتجز جثامين 11 شهيدا منها، وترفض تسليمهم لذويهم ويؤكد والد الشهيد فراس الخضور لمراسلنا استمرارهم في الوقفات والاعتصامات للمطالبة بتسليم جثامين أبنائهم الشهداء لتكريمهم ودفنهم بطريقة تليق بهم وبتضحياتهم.
من الخليل لعمق الاحتلال
وأكدت النائب في المجلس التشريعي سميرة الحلايقة على أن تعزيز الانتفاضة واستمراريتها يكون بالالتفاف الشعبي حولها وحماية منجزاتها بالوحدة ورص الصفوف وإنهاء الانقسام، وتنفيذ بنود اتفاق المصالحة ووقف التنسيق الأمني بكافة أشكاله، وإطلاق الحريات والدعم الإعلامي وتسخير الطاقات للدفاع عن المقاومة.
وأضافت، "تعاني مدينة الخليل من الاحتكاك المباشر مع الاحتلال ومستوطنيه ومئات حواجز القمع والتفتيش، ومع ذلك ضربت في العمق الصهيوني وأوجعت الاحتلال على مدى سنوات الصراع معه، وستبقى الصخرة التي تتحطم عليها مخططاته، وستتصدى بشراسة لمشاريعه وسيفشل بترويضها وكسر إرادتها أو اسكات صوتها الهادر".
ويؤكد منسق شباب ضد الاستيطان عيسى عمرو لمراسلنا "أن الاحتكاك المباشر يولد ردة فعل طبيعية لتغيير الواقع، ويتعزز النفس الوطني لدى سكان مدينة الخليل وبتشجيع من قيادات ميدانية ولد لدى الشباب فكرة المقاومة لطرد الاستيطان وملحقاته عن أبواب منازلهم وعن كروم عنبهم ومحاصيلهم الزراعية ومدارس أطفالهم ومقدساتهم".
ووفقا لعمرو فإن الاستيطان في الخليل جزء أساسي من منظومة الفصل العنصري، وبالتالي هناك حالة عداء بين الفلسطينيين والمستوطنين، ولاسيما أن جنود الاحتلال والمستوطنين يستهدفون الشبان على مداخل أحيائهم وفي منازلهم بصورة يومية دون التفات من الجهات الدولية او الرسمية الفلسطينية للمأساة التي يعيشها مواطني الخليل".
الخليل تقول كلمتها
ويرى القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عبد العليم دعنا أن منفذي العمليات الفدائية عبروا عن رفضهم المطلق لإجراءات الاحتلال ومستوطنيه ضد الشعب ومقدساته، بعد إفراط العنجهية الاحتلالية في استباحة المقدسات والحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني بكافة مكوناته السياسية والاجتماعية والعمل على طمس معالم الشعب التاريخية".
وتبلغ مساحة بلدة الخليل القديمة كيلو متر مربع، ويعتبر شارع الشهداء أبرز معالمها، ينتشر فيه 1500 جندي بجيش الاحتلال لحماية 400 مستوطن، وفي الشارع نفسه 7 بوابات إلكترونية داخلية، و29 حاجز اسمنتي إلى جانب 12 بوابة حديدية، و12 حاجز باطون، و13 حاجز قواطع اسمنتية، بمجموع 121 حاجز ونقطة تفتيش.
وتركزت عمليات المقاومة في الخليل قرب المسجد الإبراهيمي الشريف وفي شارع الشهداء، وعلى الحواجز العسكرية والمستوطنات، فيما اختار المقاومون إطلاق النار على الحواجز والطرق الالتفافية، حيث تعتبر الشوارع الالتفافية ونقاط الاحتكاك والحواجز والبؤر الاستيطانية والمستوطنات، هدفاً مفضلاً لعمليات إطلاق النار على المستوطنين وجنود الاحتلال.
ويبلغ عدد سكان محافظة الخليل نحو 750 ألف نسمة، أي ما يعادل 30% من سكان الضفة الغربية، وتبلغ مساحتها الجغرافية حوالي 1100 كيلومتر مربع، أي حوالى 20% من مساحة الضفة، مقطعة بالحواجز ومعزولة بالبوابات الحديدية والاسمنتية عن بعضها البعض، وعن باقي أنحاء الضفة المحتلة.