شبكة قدس الإخبارية

احتجاز الجثامين.. جبهة جديدة في إنتفاضة القدس

دعاء نوفل

فلسطين المحتلة - خاص قدس الإخبارية: أتمت انتفاضة القدس عامها الأول، وسط معايير جديدة، وفريدة، تتقاطع مع ما سبقها من أعمال ثورية ضد الاحتلال، وتنفرد بمميزات لم تسبق وأن حصلت، على مدار السنين الطويلة، من مقارعة الفلسطينيين للاحتلال.

إنقضى عام على الإنتفاضة، التي ارتقى فيها 246 شهيدا، ما يعني 246 أسرة قد فقدت إنسانًا، ومستقبلًا من أحداث أعدمها الاحتلال، لكنه لم يكتفي بذلك؛ فقرر أن يعاقب تلك العائلات، تارة بمنعهم من التنقل والسفر، وتارة بهدم منازلهم كما انتهج خلال إنتفاضة الأقصى، وتارة بأسلوب قديمٍ جديد، يضاعف الألم، ويسكب وقودًا على نار الشوق.. احتجاز جثامين الشهداء.

فقد شرعت سلطات الاحتلال على مدار عام كاملٍ من الإنتفاضة، باحتجاز جثامين شهداء، وأفرجت عن بعضهم لاحقا، بعد نضالٍ خاضته عائلاتهم، فيما لا تزال بعض الجثامين حبيسة برد الاحتلال القارس.

تحتجز قوات الاحتلال الإسرائيلي الأن، جثامين 18 شهيدًا من شهداء إنتفاضة القدس، بينهم 16 شهيدًا من الضفة الغربية المحتلة، وشهيدان من القدس المحتلة، وسط مطالباتٍ من ذوي الشهداء، بالإفراج عن جثامين أبنائهم، لكن دونما تجاوب من الاحتلال، أو تفاعل من الجانب الفلسطيني.

وخلال محاولة أهالي الشهداء الحصول على حقوقهم البسيطة المتمثلة بموارات أبنائهم الثرى، قرروا تنظيم حملة لإستعادة جثامين ابنائهم الشهداء المحتجزة، بانتهاكٍ واضح للقانون الدولي.

وعن ذلك قال السيد محمد عليان، عضو اللجنة القانونية لمتابعة قضية الجثامين المحتجزة، ووالد الشهيد بهاء عليان، إن القانون الدولي يحرم إحتجاز الجثامين وإتفاقية جنيف الرابعة تنص "أن على الدولة المحتلة عدم إحتجاز جثمان "المقتول" ممن تحتلهم"، فذلك مخالف للشرائع الدينية والقانونية والإنسانية، وهذا يجعلنا نفكر بالتوجه إلى محكمة الجنايات العليا.

"قوات الاحتلال تحتجز الجثامين للإمعان في عقوبة الأهل، وخوفاً من الحالة الوطنية التي يخلقها تشييع جثمان الشهيد، ما يجعلهم يضعون شروطًا صعبة لتسليم الجثامين، تمنع تواجد عدد كبير من المشيعيين كنوع من العقاب للأهالي"، يضيف عليان.

وعن جثمان ابنه الشهيد بهاء، قال: "كان في تغيير بالشكل، في الوجه والعضلات والفكين، نوع من التشويه في جثمانه بأكد على جريمة إحتجاز الجثامين".

بالرغم من أن الشهيد بهاء، أُخرج من الثلاجة قبل 5 أو 6 أيام من التسليم، إلا أن أثر التجميد كان واضحا عليه بعد قرابة 9 أشهر من احتجازه، ولم تستطع عائلته إخضاعه للفحص الطبي، لإن الشرط الإسرائيلي كان يمنع إدخال الجثامين المحتجزة إلى المشافي، إضافة إلى أن مهلة الدفن كانت ساعة واحدة فقط.

ونوه عليان بأنه من الممكن جدًا أن تكون الجثامين المحتجزة قد تعرضت لسرقة أعضاء لا تظهر بالعين المجردة كالعين وصمامات القلب والخلايا الجلدية.

من جانبه أفاد  الناطق الإعلامي باسم وزارة الصحة أسامة النجار، أن الوزارة تلتقي بعدد من المؤسسات الدولية والأجنبية ذات العلاقة، وطلبت منهم التدخل للإفراج عن الجثامين المحتجزة، في محاولة منها لإنهاء هذا الملف. وأكد النجار بأن الوزارة تقنع الأهالي بضرورة فحص الجثامين وخاصة العائدة من الاحتجاز، خوفا من سرقة الأعضاء، وأضاف بأن النتائج حتى الأن لم تظهر أي حالة سرقة للأعضاء.

ولوحظ على كافة الجثامين تغليب مبدأ التأكد من الموت، حيث كانت قوات الاحتلال تطلق الرصاص على الرأس والصدر وباقي أعضاء الجسم لتتأكد أنه متوفي، حسبما يقول النجار.

وعبر السيد جمال الرجبي، والد الشهيد أمير الرجبي، وعم الشهيدين مهند ومحمد، عن مخاوفه بشأن المماطلة في تسليم جثامين الشهداء المحتجزة لدى سلطات الاحتلال.

"قالولنا تواصلو مع الإرتباط الفلسطيني، والإرتباط الفلسطيني بحكي رفعنا كتب والجانب الإسرائيلي ما برد، قال هاد قرار سياسي موقف"، تحدث الرجبي.

مضيفًا، "أولادنا متل أولاد العالم كله، بدنا ندفنهم بكرامة ونزورهم، بدنا يسلمو كل الجثامين"، لا يحلم هؤلاء الأهالي إلا بدفن أبنائهم، فإلى أي حالٍ وصل الأمر؟

يفكر الأهالي برفع قضية في محاكم الاحتلال لإستعادة الجثامين، على غرار ما فعله أهالي شهداء القدس المحتلة، ويرون أن الإفراج عن جثامين شهداء القدس مؤشر لنجاح القضية، خاصة وأن المستشار الحكومي أبدى رأيه "بأن إحتجاز الجثامين لا يحقق أي فائدة".

 إلا أن شهداء القدس يخضعون للأمن الداخلي الإسرائيلي، بينما شهداء الضفة المحتلة يخضعون لوزير جيش الاحتلال أفيغدور ليبرمان. ويستمر الأهالي بدراسة سلبيات وإيجابيات الموضوع، في محاولة منهم لكسر الجليد عن القضية.