كشف الكاتب الصحفي حمزة أبو شنب نجل القيادي في حماس الشهيد إسماعيل أبو شنب اليوم في مقالة له تفاصيل المكالمة الهاتفية التي جرت بين الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات والقيادي في حماس عبد العزيز الرنتيسي والتي أسفر عنها الاتفاق على عدة نقاط من شانها زيادة اللحمة والوحدة الوطنية بين الفصائل الفلسطينية.
وقال أبو شنب "بعد أن تولى الدكتور عبد العزيز الرنتيسي قيادة حركة حماس داخل قطاع غزة بتاريخ 25 /مار/ 2004، خلال تأبين الشيخ الشهيد أحمد ياسين الذي اغتيل قبلها بأيام, عمل الرنتيسي على التواصل مع جميع القوى على الساحة الفلسطينية من أجل إنجاز مشروع مشترك, وجلس مع العديد من القيادات الفلسطينية والرسمية والفصائلية رغم الظروف الأمنية التي كانت تحيط به وصعوبة التنقل نتيجة مطاردة الاحتلال له".
وأضاف "بعد تحضيرات طويلة، تلقى الدكتور الرنتيسي اتصالا هاتفيا من الرئيس ياسر عرفات الذي كان يعاني حصاراً شديداً في المقاطعة في رام الله، وتبادلا التحيات، ودعوات التثبيت بينهما، وتعهد الرجلان بحماية حقوق الشعب الفلسطيني والدفاع عنه بكل الوسائل".
وأوضح أبو شنب "بعد تولي الرنتسي قيادة حركة حماس في القطاع طلب بعقد لقاء مع قيادات من السلطة الفلسطينية وحركة فتح للحديث عن خطة شارون للانسحاب الأحادي من قطاع غزة، وقد جرى الترتيب للقاء بين الشهيد سعيد صيام والقيادي سمير المشهراوي, فحُدد بعد عصر الأربعاء الموافق السابع من إبريل من العام 2004، وجرى تحديد مكان الانعقاد وهو منزل الشهيد إسماعيل أبوشنب الذي كان قد استشهد قبلها بثمانية شهور، وكان سبب اختيار المكان الحس الوحدوي الذي كان يتمتع به الشهيد أبوشنب لدى كافة الفصائل الفلسطينية".
وتابع "الوفد الفتحاوي لم يكن يعلم بمكان انعقاد اللقاء، ولم يسأل عن ذلك واكتفى بالانتظار حتى يحضر أحد الأشخاص يُرسل من قبل وفد حماس حتى يصحبهم إلى المكان المخصص للقاء، وهي دلالة واضحة على حالة الثقة العالية بين الطرفين".
وأوضح "وفد حماس حضر متفرقا لمنزلنا بسبب الظروف الأمنية التي كانت تحيط بإجراءات التنقل، وضم كلاً من الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، والشهيد سعيد صيام وزير الداخلية في الحكومة العاشرة، وإسماعيل هنية رئيس الحكومة الحالي في غزة".
وأضاف "وفد حماس أرسل كلا من الشهيد أكرم نصار مرافق الدكتور الرنتيسي والشهيد حسن نجل الشهيد إسماعيل أبوشنب لإحضار وفد حركة فتح للمكان، وبالفعل حضر الوفد، وكان يضم القيادي الفتحاوي السابق النائب محمد دحلان والذي كان يعمل في ذلك الوقت مستشاراً للأمن القومي للرئيس عرفات، والقيادي البارز في فتح سمير المشهراوي، ولم يكن بصحبة الوفد أي من طواقم المرافقة الخاصة بهم، بل اكتفى القياديان دحلان والمشهراوي بالحضور بسيارة جيب ولم يكن معهم سوى سائق ومرافق واحد.
وقال أبو شنب "كانت الأجواء الإيجابية تسود اللقاء الذي استمر قرابة الثلاث ساعات، حيث ناقش الوفدان سبل التعاون والأخطار المحدقة بالقضية الفلسطينية والرؤية المشتركة للتعامل مع قطاع غزة بعد الانسحاب الإسرائيلي منه، حيث أعلن شارون عن نيته الانسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة، وكان طرح وفد حماس بأن الانسحاب لا يعني انتهاء المعركة مع العدو بل على العكس هذا محفز لتطوير المقاومة ودعمها لحماية القطاع من الاحتلال".
وأوضح "طرح السلطة أنه بعد الانسحاب من قطاع غزة يجب ضبط السلاح وترتيب البيت الداخلي، وكان هناك تفهم واضح من قبل الطرفين بأن الهدف من الانسحاب المفاجئ هو ترك القطاع لصراع فصائلي خاصة بين فتح وحماس على السيطرة على القطاع, صراع في ساحة مليئة بالبنادق والمتفجرات سيكون صراعاً دموياً ينتج عنه مشهد همجي ومتخلف تلتقطه إسرائيل لتقول للعالم أن المشكلة لم تكن في الاحتلال إنما في الشعب الفلسطيني نفسه، وأنه شعب قاصر لا يستحق استقلالاً ولا يستطيع إدارة شؤونه".
وتابع "وفد السلطة عرض الشراكة الكاملة، وقد اتفق الوفدان على مجموعة من المبادئ العامة أهمها تشكيل حكومة وحدة وطنية وبناء جيش وطني تشارك فيه كافة الأجنحة العسكرية بما فيها كتائب القسام الجناح العسكري للحركة حماس، ينتشر على الحدود وفي مواقع استراتيجية لحماية القطاع من الأخطار الخارجية".
وبين أبو شنب "بعد الاتفاق على المبادئ العامة طرح القيادي دحلان على الدكتور الرنتيسي أن يتم إطلاع الرئيس عرفات على هذه الرؤية وسماع رأيه بما تم التوصل إليه بين حركة حماس من جانب والسلطة الفلسطينية وحركة فتح من الجانب الآخر، فوافق الدكتور الرنتيسي وقام القيادي دحلان بالاتصال من هاتفه المحمول على الرئيس عرفات وشرح له ما تم الاتفاق عليه في اللقاء، ثم نقل سماعة الهاتف للدكتور الرنتيسي الذي تحدث مع الرئيس عرفات واطمأن على صحته ووضعه خلال الحصار، وبارك الرئيس عرفات هذه الخطوة واتفقا على مواصلة اللقاءات والتواصل المستمر".
ويختم أبو شنب حديثه "لقد نلت شرف حضور هذا اللقاء، ولكن الحال لم يدم طويلاً فما هي إلا عشرة أيام لتغتال طائرات الاحتلال الدكتور الرنتيسي، وبعدها بأشهر كان الرئيس عرفات قد غُيِّب هو الآخر عن المشهد ولم يحضر كلاهما مشهد الانسحاب من قطاع غزة في سبتمبر من العام 2005".