الخليل- خاص قُدس الإخبارية: مرة تلو المرة، تتضح الصورة المهزوزة لهالة المنظومة الأمنية الاسرائيلية وجوقتها الفارغة، إذ ينجح شبان فلسطينيون في تنفيذ عمليات تكشف بوضوح ضعف المنظومة الأمنية الأمنية، لتبقى الإجراءات الانتقامية الجماعية تتكرر ذاتها باختلاف المكان فقط، دون جدوى.
وقدمت عملية الخليل أمس درسًا قاسيا للاحتلال، إضافة إلى معلوماته السابقة بفشله وعجزه في التصدي للعمليات الفدائية، كما أن إجراءاته العقابية لا تشكل سوى ردة فعلٍ فارغة تنقلب عكسًا إذا ما أراد فدائي فلسطيني أن يقول "لا" في وجه العقاب ليرد الصاع صاعين.
ويحسب لعملية الخليل، أنها وضعت وزارة جيش الاحتلال وجهاز مخابراته أمام تحدٍ حقيقي لا يقل ضراوة عن التحديات السابقة إن لم يكن أشد وطأة، إذا جاءت بعد أقل من 24 ساعة على عملية سابقة بمكان قريب أيضًا. وعليه فان الرسالة تتضمن "لن تنجحوا في ايقافنا، لأن من لم يتصرف تجاه العملية الأولى لن يتغير في الأخرى والاجراءات العقابية فاشلة ولا تثني المنفذ"، حسب المحلل عادل شديد.
واعتبر المحلل السياسي عادل شديد أن عملية الخليل شكلت ضربة للمشروع الأمني، كونها أفشلت سياسة العقاب، خاصة بعدما ادعت سلطات الاحتلال أنها تعرف "كلّ شيء" عن المناطق الفلسطينية وأوضاعها الأمنية وقدرتها على منع العمليات قبل حدوثها نظرًا لاستعدادتها العالية، إلا أن ذلك لم يحصل.
وأشار إلى أن "اسرائيل" التي تباهت بقمع المواطن وخناقه وتنفيذ العقاب الجماعي على الأهالي عقب العمليات الفدائية، لن تواصل سياستها التي أثبتت فشلها بشكل قاطع، حيث خرجت عمليتي "كريات اربع" و"شارع60" بالرغم من حصار الاحتلال ليطا واجراءاتها ضد بني نعيم.
وأوضح أن ما أعلنه الاحتلال حول حصار الخليل لن يصلح تنفيذه على أكثر من نصف مليون شخص هناك، بينما لم تعد تمثل سياسة وقف التصاريح أهمية كبرى أمام منفذي العمليات الذي نجحوا وغيرهم في الوصول إلى حيث يريدون، مع الإشارة إلى عدم جدوى حصار الخليل وعدم دقته.
ولفت شديد، إلى أن الاحتلال غير متحمس هذه المرة لاجراء سياسات انتقامية تجاه الأهالي بالخليل بشكل كبير عقب العملية، لاقتناعه بعدم جدواها، حيث يجري تنفيذ هذه السياسة منذ عام 1967 وسط تزايد الحقد والكراهية ما يعني تصاعد الأعمال الفدائية، وهو ما يعني الحصول على نتائج عسكية.
وحول اعلان حكومة الاحتلال نيتها اقتطاع الملايين من ضرائب السلطة بزعم أنها تذهب لمخصصات الأسرى وأهالي الشهداء، يقول شديد إنها ليست المرة الأولى التي يهدد الاحتلال بقطع مخصصات السلطة، "لكن بطبيعة الحال فان الحاجة لتناول هذا العقاب هذه المرة من جانبين.
أما الجانب الأول، فهي رسالة للعالم الغربي بأن السلطة مصدر تحريض وشريكة بافتعال العنف بالنظر إلى أن الرواتب مكافئة للارهابين. بينما يتمثل الجانب الثاني في الرسالة الداخلية للفلسطينيين، في أن الاحتلال هو من يحدد رواتب السلطة وان وجودها شكلي ووهمي، وعلى السلطة الاستمرار بتوفير الرواتب بعيدا عن تأثير الاحتلال بهذا الجانب.
ويبدو أن وزير الجيش بحكومة الاحتلال افيغدور ليبرمان أمام تحدٍ خاص من جانبين يتخذ كل منهما بعدًا مختلفًا، فالبعد الأول هو بعد شخصي حول "ليبرمان" الذي أشيع عن قوته ونزعته الهجومية التي علقت مهابته بعقول الناس، ليجد نفسه مضطرًا لاتخاذ اجراءات انتقامية غير عقلانية مع التأكيد على افتقارها للحل القاطع.
ويتمثل البعد الآخر، حسب المحلل شديد بفقدان الثقة باليمين الديني بشكل عام من قبل جماهير الاسرائيليين الذي باتوا يرونه فاشلًا في التصدي، وعاجزًا عن تحقيق الأمن، مما يؤكد أن اسطوانة "اليمين يجلب الأمن" بدأت تتصدع مما يشكل تهديدًا لخارطة التوجهات العامة في "اسرائيل".