شبكة قدس الإخبارية

الرئيس يهدي الملك سلمان صحيفة صهيونية.. ما القصة؟!

٢١٣

 

هيئة التحرير

رام الله – خاص قُدس الإخبارية: يتفاعل الإعلام الإسرائيلي وشخصيات إسرائيلية بشكل ساخر، مع الهدية التي قدمها الرئيس محمود عباس إلى العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز قبل الأيام، والمتمثلة بنسخة من صحيفة صهيونية، وسط اتهامات للرئيس "بسرقة التاريخ اليهودي"، وهو ما أثار في المقابل انتقادات من نشطاء فلسطينيين لهذا الخطأ.

ماهي قصة الصحيفة؟

الصحيفة المذكورة هي "فلسطين بوست"، التي أسسها ماير جروسمان عام 1925، وكانت في البداية نشرة تَصدُر باللغة الإنجليزية في القدس بعنوان "بالستاين بوست"، ثم تحوَّلت فيما بعد إلى "جيروساليم بوست".

وكتبت "جيروساليم بوست" في عددها الأول أنها امتداد لصحيفة "بالستين بوست"، وقالت: "هدفنا هو أن نقدّم للجمهور في أرض إسرائيل صحيفة عبرية باللغة الإنجليزية، وأن يكون مسؤولو الإدارة البريطانية في فلسطين قادرين على فهم الشؤون اليهودية والصهيونية. بالإضافة إلى ذلك، هدفنا هو توفير معلومات يومية حول أعمال اليهود وتطلّعاتهم في الشتات وفي البلاد”.

Untitled

وعلقت صحيفة "جيروساليم بوست" على صفحتها عبر فيسبوك على الخبر قائلة إنها تشكر الرئيس عباس لأنه سيجلب لها أعدادا كبيرة من القراء في السعودية. فيما ذهبت تعليقات الإسرائيليين في مواقع مؤيدة للصهيونية وصفحة الصحيفة ذاتها إلى السخرية من "جهل الفلسطينيين بالتاريخ"، واتهام الرئيس عباس "بسرقة الصحيفة كما سرق الأرض"، وفق زعمهم.

ويرفض المحامي والناشط السياسي زيد الأيوبي الأقوال الإسرائيلية، قائلا إن ما يحدث "رسالة صهيونية هدفها النيل من سمعة فلسطين وشعبها"، ومضيفا أنه "من المستحيل أن تحمل صحيفة إسرائيلية اسم فلسطين".

وطالب بانتظار عودة الرئيس عباس لفلسطين "من أجل معرفة ملابسات هذا الموضوع"، مضيفا أن "إسرائيل" سرقت تاريخ الشعب الفلسطيني وتستطيع تغيير اسم صحيفة، وفق قوله.

لكن هذه الرواية يرفضها الكاتب والباحث في التاريخ القديم أحمد الدبش، مؤكدا أن الصهاينة لم يمانعوا يوما في استخدام اسم "فلسطين"، بل إنهم لم يترددوا في تسمية أنفسهم "يهود فلسطين"، إذ كانوا يعتبرون أنهم سكان البلاد الأصليين، وأن الشعب الفلسطيني هو شعب عربي، كما أطلقوا اسم "فلسطين" على مؤسسات تابعة لهم.

ويوضح الدبش، أن علماء الآثار اليهود لم يمانعوا أبدا في استخدام تعبير فلسطين على الأرض، عند الحديث عن تاريخ فلسطين، ولكنهم رفضوا استخدام لفظ "شعب فلسطين" على من سكنوا هذه الأرض.

ويشير الدبش إلى القرار الذي اتخذه القائد الشهيد عبدالقادر الحسيني بنسف مقر الصحيفة بسبب مواقفها المعادية للقضية الفلسطينية، إذ قال حينها إنه قرر نسف المقر بعد التأكد من مغادرة جميع من فيه، مع ضرورة تجنب إصابة من لا يجب إصابتهم في العملية، وفقا لما نقلت صحيفة "المصري" بتاريخ 18/شباط/1948.

كيف حدث الخطأ؟!

ما إن تناقلت وسائل الإعلام صورة الهدية، حتى غرد الناطق بلسان رئيس حكومة الاحتلال أوفير جندلمان عبر حسابه على تويتر متسائلا، "ألم يعلم محمود عباس أن صحيفة (Palestine post) التي أهداها للملك السعودي في لقائهما كانت صحيفة صهيونية؟ وأرفق تغريدته بصورة لنسخة من الصحيفة بعد "إعلان استقلال إسرائيل"، كُتب فيها: "ولادة دولة إسرائيل".

13466288_1816031091958787_271611529920689940_n

وأمام صمت الرئاسة الفلسطينية تماما عن التساؤلات الكبيرة حول القضية، توجهنا إلى الناطق باسم حركة فتح أسامة القواسمي للحصول على إجابة، ليرفض من جانبه التعليق على القضية قائلا إنه لا يملك معلومات أو تفاصيل حول الأمر.

ويرى الكاتب الدبش أن المسؤولية الكبرى عن هذا الخطأ تقع في الأساس على أبو مازن، كونه حاصل على دكتوراه في تاريخ الصهيونية، "ويفترض أنه يملك معلومات وافية عن هذه الصحيفة"، دون أن يعفي في الوقت ذاته الطواقم العاملة تحت يد أبو مازن من المسؤولية.

ونفى المفكر والمحلل السياسي عبدالستار قاسم، أن تكون "فلسطين بوست" صحيفة فلسطينية، موضحا أنها كانت تتحدث عن "آلام الصهاينة وتطلعاتهم وأمانيهم"، كما كانت توصل مطالب الصهاينة للانتداب البريطاني، وكانت توزع آلاف النسخ عليهم في فلسطين قبل عام 1948.

وقال قاسم، إنه كان من الأولى على الرئيس أن يهدي لوحة فنية لفنان فلسطيني، أو مجسما للحرم الإبراهيمي مثلا، أو لأي معلم من المعالم الفلسطينية المغتصبة في حيفا أو يافا أو الناصرة، مستغربا فكرة إهداء صفحة لجريدة، خاصة أنها صحيفة صهيونية، وقد فجرها الثوار الفلسطينيون عام 1948، ثم أطلق عليها اسم "جيروسالم بوست".

وتحدث إسرائيليون أن أبو مازن قدم هذه النسخة من الصحيفة لأنها تضمنت خبرا عن زيارة مسؤول سعودي إلى فلسطين، لكن قاسم قال إنه يعلم ما الذي جذب انتباه مستشاري الرئيس لينصحوه بهذه الهدية، معتبرا أنهم "اقترفوا غباءً كبيرا وأهانوا رئيسهم"، وفق تعبيره.

ppost-abbas

وأضاف، "في تقديري هذه الهدية كانت تعبيرا عن غباء سياسي وثقافي، نحن اعتدنا على الغباء السياسي وأظن أنه لا زال مستمرا، لكني أخشى أن تكون هذه الهدية تعبر عن عقلية صهيونية تطورت لدى الفلسطينيين".

وحول ما إذا كان هذا الخطأ يمثل "ورطة" مع السعودية حسب ما يقول نشطاء، فإن قاسم رد قائلا: "إن ما حدث لا يمثل أي ورطة، وأن المسؤولين السعوديين سيضحكون على الهدية وينتهي الأمر"، حسب تعبيره. فيما قال الدبش إن الخطأ الأكبر ارتكب بحق الشعب الفلسطيني أولا، وإنه يتوجب على السلطة الفلسطينية الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه بوضوح.