شبكة قدس الإخبارية

حوّله الاهمال الطبي من حصوتين بالكلى لغيبوبة وشلل

٢١٣

 

هدى عامر

غزة - خاص قُدس الإخبارية: يربط حزمة قماشية على بطنه، يلف رأسه بعصبة ويشدّ على أسنانه ليزيد تحمل الألم الذي يلتف جسده، مكتفيًا باعتصاره وتسكينه فيما يفشل غالبًا في احتباس الدموع التي تنهمر كلما زاد الوجع مصحوبةً بالصراخ.

فمنذ سنوات، علم سعد الله فايز الزنط (39 عامًا) من حي الشيخ رضوان غرب مدينة غزة، بمرضه الذي شخّصه الأطباء بأنه "حصاوى بالكُلى" لتحفظ قدماه خطوات طريق المستشفيات، لا سيما مستشفى الشفاء غرب مدينة غزة، كما أن معدته قد حفظت أنواع المسكنات أيضًا.

هو بحاجة لعملية جراحية لإزالتهم، وهذا ما أخذ بالسعي إليه لإجرائها ليجد أن المواعيد الممنوحة له تبعد لشهور يزداد فيها الوجع أضعافًا ويفقد طاقته على التحمل، بينما تبقى المسكنات سبيله الوحيد أمام كل التأجيلات وتبقى الأدوية تستقر بمعدته أمام إجازة الطبيب الذي كان من المفترض أن يتابع حالته، بحسب عائلته.

وأفادت العائلة لـ قُدس الإخبارية، بأن مضاعفات خطرة تسببت بها الأدوية والمسكنات والمعالجات الآنية، لتؤثر على نواحٍ أخرى في جسده، كما أن التسويف والتأجيل كان سببًا كذلك لتصل حالته إلى حصول نزيفٍ إثر التهاب شديد في الاثني عشر، كما شخص الأطباء لاحقًا أنه "تقرحات معدة".

قرر الأطباء لاحقًا أنه يعاني مشكلة في الحالب وعليه فانه بحاجة إلى "دعامة" طبية له عبر عملية جراحية، تتكفل العائلة بمصاريفها وشراء الدعامة خارجيًا ليتم تركيبها خلال العملية، كان ذلك لكن العملية لم تنجح للأسف، حيث استمر ألمه مضاعفًا ليتكشفوا أنها قد ثبتت بداخله بشكل خاطئ و"أعوج".

بعدها، هو بحاجة إلى عملية جراحية جديدة، لتصحيح ما تم اجراؤه في العملية السابقة، على أن تعتدل "الدعامة" هذه المرة، تمت العملية للمرة الثانية لكن ذلك لم ينهِ حالته التي عجز الأطباء عن تفسيرها، حينما أصابه النزيف والغيبوبة وفقدان القدرة على تحريك أعضائه.

نزيف دموي حاد من أسفله استمر لثلاثة أيام متتالية، استنفذت خلالها العائلة كل معارفهم من المتبرعين موجهة مناشدات عاجلة لإنقاذه، لكن آخر ما كان ممكنًا أن يتلقوه آنذاك هو أن يقفل "بنك الدم" سماعة الهاتف إذا علم أنهم المتصلون، تقول العائلة.

وأضافت العائلة، أن هذه الأيام الثلاثة التي قضاها في العناية المركزة كانت الأصعب على الإطلاق، فالنزيف كان قويًا ومستمرًا وحياته مهددة بشكل خطر وواضح، لم تستطع العائلة أن تقدم أكثر مما قدمته من وحدات دم عبر استنفار الأهل والأصدقاء ومعارفهم، لكن ذلك لم يجدِ نفعًا طالما بقي النزيف مستمرًا، والأهم أن عليهم إيقافه فلا وحدات دم إضافية.

تحويلة طبية لمستشفى المقاصد، استطاعت العائلة الإسراع في إنجازها عبر معارف في الشئون المدنية وانتهاء اعتماد التقارير الطبية في أسرع وقت ممكن، ليسافر إلى القدس دون سيارة اسعاف مجهزة بمعدات تضمن حياته، حتى وصل هناك ليقول أطباء المقاصد، "جايبين جثة! الرجل دمه 3!".

توقف النزيف بالفعل، لكنه عاد إلى غزة فاقدًا القدرة على الحركة واليقظة ويعاني خللًا شاملًا في أعضائه، متمثلًا في النطق والاحساس والنوم مما يؤثر على حالته ككل، وحالة أطفاله الين لا يرونه الآن إلا ممدًا على سريره لأيامٍ وليال، ما تسبب بتعفنٍ في قدمه وانتقاص وزنه بشكل كبير وظهور عظم الوجه بشكل بارز

 توجهت العائلة به إلى مستشفى خاص بالعناية بالحالات المرضية الصعبة التي تابعت العناية به لمدة شهرٍ واحد، في الوقت الذي تنكرت فيه وزارة الصحة لتغطية تكاليفها واعتبارها علاجات خاصة، فما كان من إدارة المستشفى إلا إخراجه، والتوجه بدعوى لمطالبة والد المريض لتسديد ديون المستشفى البالغة 3600 شيكل، بحسب العائلة.

علمت شبكة قدس لاحقًا من مستشفى الوفاء أنها تابعت علاج المريض لـ 9 شهور متتالية، بتغطية من وازرة الصحة حتى الثامن من مارس الماضي، ثم خرج منها عقب استقرار حالته وبطلبٍ من عائلته، أما فيما يتعلق بتكاليف اضافية للمدة المتجاوزة فطالبت العائلة والوزارة بتغطيتهما وقد  سويت الأمور بينهما قبل اعداد هذا التقرير.

وأشارت إلى أن نجلهم بحاجة إلى إجراء عملية جديدة لتجديد الدعامة التي بنت حلقات من الألياف حولها، حيث من المفترض أن تتغير كل ثلاثة شهور حتى لا تتليف لكنها طالت وتليفت، كما أنه بحاجة إلى معالجة الكلى التي تلفت، واستعادة وظائفه العضوية الأخرى.

بشكلٍ صريح، تتهم العائلة وزارة الصحة ومستشفى الشفاء بغزة بالإهمال الطبي الشديد الذي أدى إلى تضاعف سوء حال مريضهم، بحيث تتسبب حصوتان في الكلى إلى نزيف وغيبوبة متفاوتة وشلل رباعي وحالات عصبية صعبة، كما أنه يأكل من فتحة خارجية ويخرج من فتحة خارجية أيضًا عبر الأنابيب.

كما تناشد المؤسسات الإنسانية والأهلية والسلطة الفلسطينية بوزارتها بالانتباه لحالته التي تسوء يومًا بعد يوم، خاصة في ظل تواجده في منزله الآن وعد قدرة العائلة على التكفل بعلاجه ومستلزماته الخاصة كالحفاضات والأطعمة الخاصة أيضًا التي تزيد عن ألفي شيكل شهريًا.

الفتيات الصغيرات لسعد كنّ يزرنه بشكل دوري في المستشفى، لتقول أصغرهم "قوم يا بابا اصحى خلينا ناكل مع سوا"، فيما كان الأكثر تأثيرًا أن تقول الأخرى عندما زارته في العيد السابق " قوم يا بابا عيّدنا، احنا ولا حدا اجا عنا ولا عيّدنا ولا طلعنا عالمراجيح لأنك مش هون"

سعد الله، هو أب لعشرة أطفال أكبرهم لم يبلغ الثامنة عشر وأغلبهن إناث بحاجة إلى معيل، كان يعمل منجدًا للأثاث، لكنه فقد عمله كليًا، بينما تعاني الزوجة كذلك من فقر دم وجلطة مؤخرًا تجعل الأطفال عرضة للانهيار بشكل جدي، يطلقون مناشدات استغاثة انسانية لنجدتهم ومساعدتهم.

x1 x2 x3 x4 x5 x6 x7 x8 x9 x10