تحتل قضية البيئة وتلوثها واستنزاف مواردها في الآونة الأخيرة مساحة واسعة من حديث العالم وشغله الشاغل، حتى أن أحد الباحثين قال:"لو كان للبيئة لسان ينطق، لصكت أسماعنا صرخات الغابات الاستوائية التي تحرق عمدا في الأمازون، وأنين المياه التي تخنقها بقع الزيت في الخلجان و البحار، وحشرجة الهواء المختنق بعازات الدفيئة والرصاص في المدن الكبرى".
لم يكن القائمون على مجلة "غراس" ليصموا اٌذانهم أمام عجز البيئة عن التعبير عن مشاكلها، فانطلقوا من خلال مجلتهم لحث الإنسان العربي على الحفاظ على ما تبقى من بيئة نظيفة، وتوعية القراء في هذا الشأن.
ما هي "غراس"؟
مجلة غراس، هي مبادرة عربية تطوعية عبر الإنترنت، أطلقها موقع "نقطة" قبل نحو عام، بإشراف مجموعة من الشباب العربي الذي رأى بأن المساهمة الشبابية العربية في مجال البيئة ناقصة على الرغم من كونه أمر في بالغ الأهمية، ويمس حياتنا اليومية.
تُعرّف "غراس" عن نفسها بالقول إنها "مجلة علمية دورية تهتم بجميع علوم البيئة وترصد آخر التطورات العلمية وأهم الإنجازات المعرفية على هذا الصعيد، كما تسعى لتكون دليلاً معرفياً حقيقياً يعمل على تسليط الضوء على المشكلة وإبتكار حلول فعالة لها".
وتجمع "غراس" في مقالاتها الإلكترونية بين أسلوبين من أساليب الكتابة، الأول بحثي إحترافي، وهو ما تتوفر فيه جميع شروط البحث العلمي المحقق، والثاني تدوينات من عدد من الشباب وذلك لإستقطاب أكبر شريحة ممكنة من القراء.
من يقف وراء "غراس"؟
تتألف عائلة "غراس" من شباب عرب جمعهم روح المسؤولية والوعي أكثر من أي أمر آخر، إذ تتنوع مشاربهم الجامعية كما تتنوع أماكن تواجدهم، إلا أنهم يتشاركون في حمل هموم البيئة. نجد من بينهم السّوريّ عبد الكريم العوير، مدير المجلة والمتخصص في مجال الطاقة والذي يعتبر مجالا حيويا في علوم البيئية و هو حائز على درجة الماجستير في تخصص "هندسة النفط"، والفلسطينية مي خلف، وهي رئيسة التحرير و متخصصة في العلوم الاجتماعية، بالإضافة إلى عمر عاصي، وهو عضو في الإدارة ولجنة التطوير، إضافة للتدقيق الاكاديمي، ويدرس هندسة بيئية في ألمانيا.
بالإضافة لهؤلاء يعمل أكثر من 20 متطوعاً في المجلة من بلاد عربية متعددة.
ويجد المتتبع للمجلة التي صدر منها حتى الآن ثلاثة أعداد اهتماماً لافتاً بالمجموعات الشبابية العاملة بالبيئة، ويتضح هذا الأمر من خلال إفساح المجال أمام الباحثين العرب في مجال البيئة بنشر أبحاثهم التي تكون على مستوى عال من المهنية والدقة لتكون مرجعا مهما يمكن الاستفادة منه والرجوع إليه عند الحاجة.
وعن الاهتمام الذي تلقاه هذه المبادرة من قبل المتابع العربي، تقول مي خلف لـ"شبكة قدس" إن هناك ما يزيد عن العشرة الاف مشاهدة للعدد الأول من المجلة، بالإضافة لأن عدد المشاهدات للموقع ترتفع في كل مرة يصدر عدد جديد من المجلة. ويقول القائمون على المبادرة لـ "شبكة قدس" بأن فكرة طباعة المجلة وتوزيعها على المكتبات أمر مستبعد حاليا من أجل "الحفاظ على البيئة" ،و لكن هذا لا ينفي ضرورة طباعة هذه المجلة وتوزيعها على المدارس التي تدرس البيئة كتخصص لطلابها، وذلك لأن التعليم المدرسي في بلادنا لا يعتمد على "الحاسوب" بشكل كامل حتى الآن. [caption id="attachment_8566" align="aligncenter" width="244"] العدد الثالث من مجلة غراس[/caption]طموحات وخطط
يسعى القائمون على هذه المجلة إلى الوصول إلى جهات تدعم مجلتهم الناشئة في تغطية تكاليفها وإقامة عدد من المشاريع التي تخدم البيئة على أرض الواقع. تقول مي خلف: "في خططنا المستقبلية إقامة عدد من الندوات والورشات للتوعية بالبيئة، ونرغب بطباعة المجلة لِتُوزع في المناطق الفقيرة التي لا تتوفر فيها شبكة الإنترنت".
يُذكر أن هذه المبادرة الناشئة لا تلقى دعماً مادياً أياً كان سواء من المؤسسات الحكومية أو غيرها. إلا أنهم يحظون بالدعم المعنوي من قبل الأمين العام لجمعية الإحسان الخيرية في الامارات الشيخ عبد العزيز النعيمي، الملقب بـ"الشيخ الأخضر"، نظراً لما يبذله من جهد للتواصل مع جيل الشباب والمجتمع بغية نشر الوعي بقضايا البيئة والاستدامة وتشجيعهم على تحمل المسؤولية تجاه هذه القضايا.
ولا يقف الأمر عند هذا الحد، فمبادرو "غراس" يطمحون أن تتحول مجلتهم إلى منبر متخصص لنشر الأبحاث العربية المتعلقة بالبيئة.من دون أدنى شك، تعتبر هذه المبادرة من المبادرات العربية القليلة التي تهتم بالبيئة، وعلى قدر هذا التميز ينبغي أن يكون هناك تفاعل إيجابي من قبل الجميع مع مثل هذه المبادرات ..الطالب و الموظف و المسؤول، كل حسب موقعه.