استيقظ الشارع الفلسطيني بداية الأسبوع الحالي على هجمة الكترونية شديدة على مواقع الإنترنت الإسرائيلية. كان أبطال تلك الهجمة مجموعة موحدة من الشباب العربي والمسلم حول العالم، ممن يُعرفون بقراصنة الحواسيب (الهكر) أو هواة اختراق المواقع. حملت تلك الهجمة شعارات التضامن مع الشعب الفلسطيني وشملت رفع صور الأسرى على المواقع الإسرائيلية المخترقة.
جعلت تلك الهجمة من كلمة "الهكر" مصطلحاً شائعاً بين الشباب، وبدأ الشباب في غزة يتطلعون لمعرفة المزيد عن "الهكر" وكيفية تنفيذه كنوعٍ من الفضول، فالتحقوا بدورات لتعليم "الإختراق" فيما يبدو "تقليعة جديدة من الموضة" بدأت بالانتشار.
المهندس أشرف اليازوري مهندس نظم الكترونية، ومدير إحدى مراكز التدريب المحوسبة في غزة قال لنا إن دورات تعليم "الهكر" ليست جديدة بالضبط، فقد كانت قائمة وكان البعض يلتحق بها "رغبة في العمل بهذا المجال خاصة أنه عمل مجزي مادياً وفيه من الإثارة ما يشجع على الاستمرار"، على حدّ تعبيره.
أما في الأيام الأخيرة، فقد شهدت تلك الدورات اقبالاً غير مسبوق. يقول اليازوري إنه لاحظ ارتفاعاً في أعداد المنتسبين إلى تلك الدورات، وأنه يقدر ذلك الارتفاع بـثلاثة أضعاف العدد السابق. ويرى اليازوري أن الهجمة الالكترونية الأخيرة على "إسرائيل" كان لها أثر كبير في تسويق دورات "الهكر" وإشعال حس الفضول لديهم للالتحاق بركب المخترقين الذين برز دورهم في الأيام الماضية.
ماذا يتعلم الطلاب في هذه الدورات؟
يعتبر موضوع اختراق الحواسيب موضوعاً حساساً ليكون موضوع دورة تعليمية. فماذا يتعلم الطلاب فيها يا ترى؟ يقول المهندس اليازوري:"نعلم جيداً أن "الهكر" سلاح ذو حدين، لكن أصبح من العرف أيضا أنه كل من يتعامل مع شبكات الانترنت عليه أن يحيط نفسه علماً بكيفية حماية نفسه من الاختراقات بالأساليب المنصوح بها، وهذا ما نحاول في البداية تعليمه للطلاب".
ويُسمي اليازوري المخترق الذي يريد من خلال هذه الدورات بـ"المخترق الأخلاقي" وهو الذي "يعمل تحت نظام القبعة البيضاء أي يهدف لتقديم خدمة اخلاقية بمقابل مادي"، حسب تعبيره.
ولضمان عدم استخدام المعلومات بطريقة سلبية، يقول اليازوري إنه في مركزه يشترط على كلّ مشترك في الدورات التوقيع على تعهد باستخدام كلّ ما يتعلمه لحماية نفسه ولخدمات أخلاقية، وأن يبتعد عن الأغراض التي تخالف القانون.
وهل يجدي مع "الهكر" تعهد؟
من جهته نفى إيهاب الغصين، رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أن تجدي هذه التعهدات نفعاً في تقييد استخدام وسائل الإختراق، معتبراً إياها "تعهدات غير رسمية أي أوراق بلا معنى".
ويعقب الغصين على انتشار هذه الدورات بالقول: "نثمن دور الشباب العربي المتضامن مع فلسطين، لكننا نرفض استغلال مراكز التدريب هذه الظاهرة للإعلان عن دورات تعليمية بأسعار خيالية من أجل كسب الربح فقط من دون الوعي لمخاطر ما يمكن أن يحدث.
وفي محاولة لضبط الأمور، يدعو الغصين وزارة الاتصالات الفلسطينية لمتابعة الأمر، إذ يرى أنه إن كان هناك حاجة ملحة لتعلم مهارات الاختراق فإن ذلك يجب أن يكون بشكل منظم وجماعي وبمتابعة ورعاية جهة حكومية أو غير حكومية، "حتى لا يقوم بعض الأفراد بإيذاء غيرهم"، كما يقول.
من جهته يعرب المهندس أشرف صقر، مدرب أنظمة "لينكس" وحماية الحواسيب، عن سعادته بتوجه الشباب لتعلم هذه التقنية فيقول: "للإنترنت مخاطر جمة وحتى لا يعرض الفرد نفسه لتلك المخاطر عليه ان يتعلم كيف يحمي نفسه عن طريق الدراية الكاملة بوسائل الحماية والاختراق" .
ويقول: "نحاول ونحن ندرب الطلاب التركيز على الامور الايجابية التي يمكن ان يستخدمها المتدرب مما يتلقاه من معلومات وتوعيهم لأهمية تعلم تلك المهارات حتى لا يقعوا ضحايا للقرصنة او الاختراق أو حتى التعرض لسرقة بيانات شخصية". وفي سؤاله عن الضوابط التي قد تحكم مثل هكذا دورات قال صقر: "لا أرى مانعاً من تعلم هذه المهارات ولكن لردع استخدام الافراد قدراتهم بطريقة سلبية على الحكومة والجهات الرسمية سن وتدعيم قوانين تجرم وتعاقب كل من يسيء استخدام "الهكر".
وبعيداً عن المؤيدين أو المعارضين لهذه الدورات، يبدو أن العالم مقبل على نوع جديد من الهجمات والهجمات المضادة، ميدانها شاشات الحواسيب، وسلاحها المعرفة التقنية ولوحات المفاتيح.