شبكة قدس الإخبارية

في غزة.. الشتاء نقمة وآفاق الحل مغلقة!

حنين حمدونة

غزة – خاص قُدس الإخبارية: أكياس رملية على أبواب المنازل، المشهد عن قرب يبدو وكأنه ترسانة عسكرية أو منطقة مواجهات، إلا أن الحدث وبشكلٍ أدق هو أن السكان في منطقة النفق يؤهلون أبواب منازلهم خوفاً من الغرق بمياه الأمطار.

 يعيش أهالي شارع النفق المحاذي لمركز تجميع مياه الأمطار "بركة الشيخ رضوان" حالة تأهب كلما اقترب فصل الشتاء فيصبح خطر غرق منازلهم حتميا، فكلما زاد منسوب المياه في البركة فهي غير مجهزة بالمعدات اللازمة لاستقبال الكم الكبير الذي يتساقط من الأمطار أثناء المنخفضات الجوية.

ويقول أبو محمد مقاط (46 عاما)، إن منزله غرق على مدار عامين متتاليين ليصل منسوب المياه في البيت لارتفاع ثلاثة أمتار، فغُمر الطابق الأول بشكل كامل وخسرت العائلة أثاث بيتها بشكل كامل كما أدت هذه الحادثة لتلوث عام في المنزل.

ويوضح مقاط لـ قُدس الإخبارية، أنه كان يملك مشتل زهور أمام بيته لكن المياه الملوثة بالصرف الصحي غمرته فكانت خسائرة تقارب 15 ألف دولار، مشيرا إلى أن المشكلة مازالت قائمة وتهدد العائلة في كل عام.

ويضيف، أن ثمن منزله الذي كان يقارب 120 ألف دولار، انخفض للنصف إثر المشكلة التي  ظهرت ولا أفق لحلها، موضحا، أن هذه المشكلة تهدد حياة مئات المواطنين ولم تدرس بشكل فعلي.

وناشد مقاط جميع الجهات المعنية ممثلة ببلدية غزة، والهيئات الدولية التي تعنى بمشاريع البنية التحتية وحكومة الوفاق الوطني بإيجاد حل جذري، مضيفا، "ليس من الضروري أن يقتل المئات ليتحرك المانحون".

منطقة النفق كانت تمتلئ بمخازن معبئة ببضائع الشركات، كما أنها كانت موقعا جذابا لمختلف المصانع، لكن هذه الجهات خسرت رؤوس أموالها بسبب تلوث بضائعهم ومصانعهم بمياه الصرف الصحي، دون أن تحصل على أي تعويض مادي عن خسائرها.

هذا الحال أجمع عليه معظم السكان في المنطقة المحاذية لبرك تجميع مياه الأمطار في مدينة غزة، حيث تبدو المشكلة واضحة في المنخفضات الجوية عندما تتراكم المياه بشكل كبير ولا تستطيع المضخات المتوفرة تصريفها بشكل فعال لشاطئ البحر، الأمر الذي يكرر احتمال غرق منازلهم سنوياً.

وفي هذا الخصوص، قال مدير عام المياه والصرف الصحي في بلدية غزة سعد الدين الأطبش لـ قدس الإخبارية، إن طورت خلال الأشهر الماضية مجموعة مضخات في برك تجميع مياه الأمطار، لكنه أقر بأن هذه الإضافات لا تحمي من خطر الغرق.

وأوضح الأطبش، أن البلدية تسعى لتطوير محطات تجميع مياه الأمطار، إلا أن الأمر يتعلق بمنع دخول المواد الأساسية للتطوير وضعف التمويل، مضيفا، أن هذا الأمر ينعكس سلباً على السياسات التطويرية وبالتالي على السكان بالدرجة الأولى.

ودعا الأطبش سكان كافة مناطق القطاع التي تتعرض للغرق لأخذ كافة إجراءات السلامة ووضع أكياس الرمال على أبواب منازلهم، ووضع احتمال إخلائهم لبيوتهم إن أضطر الأمر.

وأشار إلى أن البلدية نسقت مع "الأنروا" ووزارة الإسكان والدفاع المدني ووزارة الشؤون الاجتماعية  وزارة الحكم المحلي وسلطة المياه، لترتيب غرفة عمليات مشتركة والتنسيق بشأن استخدام المعدات والآلات في المناطق المعرضة لخطر الغرق.

من جانبه، قال مدير دائرة الصرف الصحي في بلدية غزة عبدالمنعم حميد، "نحن معنيون بشكل كبير في استغلال مياه الأمطار، لكن الظروف الحالية تدفعنا في كل عام للتخلص من مياه الأمطار وتصريفها للبحر، الأمر الذي يكبدنا خسائر كبيرة".

وبالإضافة للكميات التي تصرّفها البلدية نحو البحر، فإن 40% من نسبة مياه الأمطار التي تسقط على مدينة غزة مهيأة للتصريف نحو البحر ولا أفق لاستغلالها، وذالك تطبيقاً لأولويات تقضي بأن حياة السكان أهم.

وبين حميد لـ قُدس الإخبارية، أن البلدية تسعى حاليا لتحويل برك تجميع مياه الأمطار لتعمل بتقنية ترشيح المياه، وبالتالي استثمار أكبر قدر ممكن مياه الأمطار لتصل لآبار المياه الجوفية.

ولا تتوقف المشكلة على مياه الأمطار، ففتح السد الإسرائيلي الفاصل لوادي غزة في حالات زيادة منسوب المياه التي تُجمع في الأراضي المحتلة يسبب حالات غرق ويلوث مياه البحر، كما يهدد حياة السكان.

ويقول المتخصص في المناخ والأرصاد الجوية منصور اللوح، إن الأرصاد الجوية تتوقع بأن تشهد الأشهر المقبلة هبات أمطار قوية وكثيفة سترفع معدل الأمطار السنوي من 350 ملم إلى 450 ملم، بحيث تأتي الأمطار قوية وكثيفة.

ويتوقع اللوح في حديثه لـ قُدس الإخبارية، أن يؤدي هذا لغرق المزيد من البيوت وتحديداً المنازل الموجودة في معسكرات اللاجئين، والأماكن المخالفة للبناء وغير مؤهلة من ناحية البنية التحتية.

ويشدد اللوح على دور البلديات  في معالجة هذه المشكلة أو تخفيفها بحيث يكون الخطر على حياة السكان أقل، منوها إلى أنه يجب على السكان المقيمين الذين بجوار مجرى وادي غزة بأن يتركوا بيوتهم.

تجدر الإشارة إلى أن الشتاء الماضي شهد عددا من حالات الوفاة خلال المنخفضات الشديدة البرودة في العام الماضي، كانت أغلبها في صفوف الأطفال والرضع، نتيجة البرد القارس وغياب وسائل التدفئة تحديدا مع انقطاع التيار الكهربائي.