غزة – خاص قُدس الإخبارية: منذ اندلاع الانتفاضة في القدس ثم تدحرجها إلى الضفة الغربية، بدأ التضامن في قطاع غزة واندلعت مواجهات مماثلة على نقاط التماس شرق القطاع وشماله، وسط مشاعر موحدة جمعت الفلسطينيين في كافة مناطق تواجدهم.
سلاح الحجارة في قطاع غزة كان الوحيد طوال الأسابيع الستة الماضية، فغابت الأسلحة الأخرى وعلى رأسها سلاح "مقاطعة المنتجات الإسرائيلية"، ومع اختلاف المستوى الاقتصادي لمحلات البقالة أو مراكز التسوق تتواجد المنتجات الإسرائيلية وبكثرة.
ويبقى رفض المنتجات الإسرائيلية محصور نوعا ما مع غياب فعالية حملات المقاطعة على المستوى الفردي والحكومي، بالرغم من وجود حملة "بادر" والتي انطلقت بمبادرة أهلية متبنية سياسة إحلال الواردات، التي أطلقتها وزارة الاقتصاد بغزة.
وقال المنسق العام لحملة "بادر" أيمن علي لـ قُدس الإخبارية، أنهم انطلقوا بالحملة منذ سبع سنوات لتكون الأولى من نوعها على شكل مراحل، والآن يطبقون المستوى الرابع منها بهدف ترسيخ ثقافة المقاطعة وفوائدها، وهي بعنوان "بدنا الاحتلال يخسر"، حيث تركز الحملة على أن 16% من أسعار السلع مخصصة لدعم جيش الاحتلال
وأضاف علي، أن الحملة لاقت إسنادًا شعبيًا منذ انطلاقتها، لكنها أخذت تتأرجح حسب قوة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، موضحًا أنها حافظت على هدفها بتذكير الفلسطينيين بأن ثمن الرصاصة التي تخترق قلوب أطفالهم ممولة من الدعم المادي المخصص لجيش الاحتلال من القطاع الصناعي الإسرائيلي.
وأوضح علي، أنهم يعملون على ترسيخ فوائد مقاطعة المنتج والتي تنعكس بالإيجاب على القطاع الاقتصادي، مشيرًا إلى أن "إسرائيل" تجني أرباحًا من التصدير للأراضي الفلسطينية نحو 3 مليار دولار، ومعتبرا أن تفعيل هذه الحملات يقتضي الضغط على الجهات الرسمية المسؤولة.
الإعلامية شيرين خليفة قالت لـ قُدس الإخبارية، منذ عامين قاطعت المنتجات الإسرائيلية بشكل جذري وحرمتها على نفسي، رغم أني واجهت مشكلة ضعف جودة المنتجات المحلية الصنع، فاستبدلت هذا وذالك بمنتج مستورد من دولة أخرى.
وأشارت خليفة إلى أهمية دور وزارة الاقتصاد الوطني في تعزيز ثقافة المقاطعة من خلال منع الاستيراد من "إسرائيل" أو تقنينه قدر الإمكان، مبينة، أن سياسة إحلال الواردات التي تطبقها الوزارة فاشلة في ظل السماح بالاستيراد دون حساب، لافتًا إلى أن ضعف الرقابة على مصانع قطاع غزة أدى لانخفاض الجودة لأسوء المستويات، مشيرة إلى أن استمرار تأخير صرف التعويضات لأصحاب المنشآت الاقتصادية المتضررة زاد الاعتماد على المنتج الإسرائيلي.
من جانبه، قال الوكيل المساعد بوزارة الاقتصاد أيمن عابد، إن سبب فشل الحملة بشكل مباشر هو استهداف المنشآت الصناعية في قطاع غزة، بالإضافة للانقسام الفلسطيني والتغير المتواصل في الهيكلية الوزارية، الأمر الذي أنعكس سلباً على السياسة العامة للوزارة.
وبين عابد، أن قطاع غزة يعتمد على الاستيراد لتلبية الاحتياجات بنسبة 100%، مؤكدًا، أن الوزارة لجأت لتشكيل لجنة لتعزيز المنتج المحلي، حيث ستبحث هذه اللجنة دور سياسة إحلال الواردات وتوفير آلات ومعدات للمصانع المتضررة.
ورأى الخبير الاقتصادي ماهر الطباع ضرورة تعزيز مقاطعة المنتجات الإسرائيلية كواجب وطني وواحدة من أشكال المقاومة السلمية ضد الاحتلال، معتبرا أن حملات المقاطعة لم تصل إلى حجم التأثير الفعلى على اقتصاد الاحتلال، "فهي موسمية و تعتمد على ردود الفعل، لذا لم تكن نتائجها في السابق ملموسة".
وأكد الطباع، أن النتائج الملموسة ظهرت بقوة في أعقاب العدوان الأخير على قطاع غزة، حيث تنامت تلك الحملات على المستويين المحلي و العالمي، و شهدت كافة محال البقالة والمجمعات التجارية إقبالا متزايدا على شراء المنتج الوطني، و تراجعا حادا في مستوى الإقبال على المنتجات الإسرائيلية، منتقداً هدوء ريع الحملات عقب هدوء الوضع السياسي.
وشدد على ضرورة التركيز على حملات المقاطعة من ناحية سياسية واقتصادية ودعمها بكافة الأشكال، لأن نجاحها سينعكس على الأداء الاقتصادي الفلسطيني، بالإضافة لتكبيد الاحتلال خسائر فادحة حيث تصل قيمة الصادرات لديهم بـ90 مليار دولار سنويا.
ويعتبر السوق الفلسطيني ثاني أكبر مستورد للسلع والمنتجات الإسرائيلية، حيث تقدر قيمة المشتريات الفلسطينية من دولة الاحتلال بحوالي 3.5 مليار دولار سنويا.