مهما تغيرت وتبدلت وتجددت طرق عمليات النصب والاحتيال الكترونياً؛ إلا أنها تظل محصورة في مدى وعي الفرد ويقظته، ورغم أنّ هذه الطرق قد تكون بسيطة جداً وواضحة المعالم؛ إلا أنّ الكثيرين للأسف يقعون في شراكها دون أدنى معرفة.
لم يكتفِ المخترقون بسرقة الحسابات الشخصية واستخدامها في الدعاية والنشر لصالحهم، بل تعدى الأمر إلى محاولاتهم الوصول إلى منافع مادية (وهذا هو الهدف الأكبر لأي مخترق)، ومع أنّ المجتمع الفلسطيني لا يستخدم البطاقات الإلكترونية المالية في تعاملاته التجارية كثيراً، إلا أنّ المخترقين وجدوا أساليب تمكنهم من الولوج إلى الأرصدة المالية للمستخدمين.
ومن تلك الأساليب المستخدمة؛ إنشاء صفحات وحسابات وهمية تدّعي إتصالها المباشر والرسمي بشركة الإتصالات الفلسطينية "جوال"، حيث يقوم المخترق بتجهيز حسابات على موقع الفيسبوك تحمل أسماء حقيقية لأشخاص يعملون في شركة جوال، ويضع صور أولئك العاملين كصور شخصية، ويبرز معلومات مزيفة في مقدمة حساباتهم بهدف إيهام الضحية أنّه فعلاً يمثل الشركة، مثل قوله أنّه مدير العروض والحملات في مدينة ما.
تبدأ تلك الصفحات والحسابات الوهمية بإضافة كم مهول من الناس كأصدقاء لهم، وبمجرد قبول الصداقة من ضحية ما، يقوم المخترق على الفور بإضافة أصدقاءه مستفيداً من زيادة "الأصدقاء المشتركين" (mutual friends) مما يزيد الثقة في نفس أصدقاء الضحية الأولى فيضيفونه دون سؤال، خصوصاً إن كانت الضحية الأولى من الأشخاص البارزين والمشهورين.
ومن ثم ينشر المخترق فعاليات ومنشورات تستخدمها الصفحة الرئيسية لشركة جوال إستمراراً في إيهام ضحاياه بصحة الحساب ورسميته، وحينما يحقق جمهوراً مناسباً لأهدافه يبدأ بنشر عروض ومسابقات وهمية يختار من خلالها بعضاً من المشتركين معه كفائزين فيها ويعلن أسماءهم أمام الجميع لتزداد ثقة ذلك الجمهور به أكثر وأكثر.على الجانب الآخر يقوم الحساب الفائز بمراسلته، وهنا يطلب المخترق من ضحيته معلومات عامة كاسمه الرباعي ومكان سكنه ونوع اشتراكه (دفع مسبق أو فاتورة)، وأخيراً رقم الجوال، وهنا سيخبر ضحيته بما يلي: " سأرسل لك رسالة تحتوي على كود سري زودني به لأتأكد أنك مالك الشريحة وأعطيك تفاصيل الحملة المتاحة لك مع الحفاظ على سرية الكود وعدم التصريح فيه لأي جهة غير جوال"، وفعلاً يصل الضحية رسالة مزودة بكود سري مختومة بعبارة: "لن يقوم أحد بطلبه منك"، وإن سأل الضحية عن هذه العبارة سيجيبه المخترق: " نعم نحن نكتب ذلك حفاظاً على سرية بياناتك من الاختلاس، لا تقلق".
في هذه اللحظة يعتمد المخترق على مدى جهل الضحية ومقدار الوهم الذي رسمه لها، وبمجرد كتابة ذلك الكود السري يستولي المخترق على رصيد الضحية بشكل كامل.
حيث يستغل المخترق وجود موقع حسابي التابع لشركة جوال والذي يمكّن المشتركين من تحويل أرصدتهم ونقاطهم، حيث يطلب المخترق استعادة كلمة المرور لرقم الجوال الذي حصل عليه ومن ثم تصل تلك الرسالة إلى الضحية الذي يقوم بدوره بتسليم المخترق مفتاح أمانه بيده، حيث يقوم الأخير بالولوج إلى الحساب وفعل ما يشاء دون رقيب أو حسيب.
قد يبدو الأمر سخيفاً في نظر البعض، لكن للأسف وكما أسلفت فإن كثيراً من المستخدمين قد وقعوا في مثل هذا الفخ السهل فخسروا أرصدتهم ونقاطهم هباء منثوراً، فلا تجعل من نفسك أو أصدقاءك ضحايا جدد، وكن واعياً يقظاً، فهذا العالم لا يرحم الغافلين.
ملاحظة: قمت بالاتصال بشركة جوال قبل فترة من الزمن، وأعلمت موظفة الاستقبال بوجود مثل هذه الحسابات وأخبرتني أنه لا علاقة لجوال بأي حساب الكتروني يتحدث باسمها، وطلبت إذناً لنشر هذه التدوينة.