معبر الكرامة ليس فقط المنفذ الأخير الذي يقود المُسافر إلى الأراضي الأردنية، فهو أيضاً المحطة الأخيرة في قطار رحلة الباحثين عن عمل من حملة الشهادات الجامعية، قسمٌ من طلبة الصحافة يحسم خياره أثناء دراسته "لا مقام لك إذن ارحل".
فيفضّل علقم الغربة على سُكّر الوطن كما يقول أصحاب الوصف، أما الأقسام المتبقية فتتمثل بأن طلبةً آخرين يفضلّون نار العمل في داخل الأراضي المحتلة عام48 على جحيم الأراضي المحتلة عام67 وفق وصفي، لم أقل في القسم الثاني من المفاضلة أنهم يفضلّون العمل داخل الوطن، فالوطن الكامل يرسم خارطته طالبٌ فلسطينيٌ على مقعد الصف الرابع الإبتدائي.
على أي حال، بقي لدينا القسم الأخير وهو اضطرار الخرّيج للعمل في مجالٍ غير تخصصه وبأجرٍ بخس، أو لجوئه لإكمال الماجستير أملاً في تحسين فرصته للحصول على عملٍ أو وظيفة لائقة في مجال تخصصه لاحقاً.
زاويةٌ أخرى يجب الوقوف عليها، سمعتُ كثيراً من الانتقادات حول كثرة وجود صفحاتٍ بأسماء مصوّرين جدد عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وأصحاب هذه الانتقادات يقولون أن المصوّر الجديد لا حق له في إنشاء صفحته الخاصة، لأنه وفق رأيهم "سمكة وليس حوتاً"، لكني أعارض هذه الانتقادات بكل تأكيد، فمن حق أي إنسان أن يختار البداية التي يريدها لتدعيم موهبته وعرضها على الجمهور، ومن يعتبر نفسه حوتاً ويؤمن أن نظرته الاستعلائية تعطيه الحق بنهش الأسماك، فليتذكر أن القرش من الأسماك.
أيضاً لا أحد يولد من رحم أمه يعمل بمرتبٍ لائق وكبيراً من جهابذة الصحافة، وما من أحد يصعد درج بيته "نطنطة" دفعة واحدة، فأتركوا الصحفيون الجدد وشأنهم، دعوهم يُظهرون ما لديهم، والجمهور هو الحكم والفيصل ورأس المال.
أما تدريب الطلبة المميزين والصحفيين الجدد، فالوضع في هذه المسألة مضحكٌ مشفقٌ مُبكي في ذات الوقت، فمعظم مؤسسات التدريب الاعلامي أيضاً لا تترك الطلبة "الصحفيون مع وقف التنفيذ" وشأنهم، فهي تختار الطلبة المبدعين ليعملوا لديها كموظفّين صحفيين بلا أجر، وليس كمتدربين بلا أجر يحتاجون للتوجيه والإشراف.
وفي النهايةِ، نحن الفلسطينيون بنقاباتنا ومؤسساتنا ومواطنينا أصلاً لا نزال نعاني من مشكلة قديمة جديدة، وهي أننا غير قادرين على تحديد مفهوم واضح وتعريف محدد للصحفي.