رام الله – خاص قُدس الإخبارية: "يسقط خط النفاذ".. هتف بها نشطاء فلسطينيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، معبرين عن غضبهم من ارتفاع أسعار هذه الخدمة، بما يجعل أسعار خدمة الإنترنت بشكل عام مرتفعة قياسًا بظروف الجمهور الفلسطيني.
خط النفاذ، خدمة ملزمة تقدمها شركة الاتصالات الفلسطينية يتوجب على كل راغب بالحصول على خدمة (ADSL) الاشتراك به، ولا تقل أسعار هذه الخدمة عن 50 شيكلاً، لكنها ترتفع عن ذلك بحسب السرعة التي يطلبها المشترك، حيث يتوجب عليه الاشتراك بسرعة 4 ميجا إذا ما أراد الحصول على إنترنت بذات السرعة من أي مزود.
وأثارت هذه الخدمة غضب كثير من الفلسطينيين وتساؤلاتهم عن أسباب إرهاق ميزانيتهم بدفع رسوم الاشتراك بها شهريًا، فيقدم محمود صبح حسابًا للمبالغ المقطوعة التي يدفعها المشتركون إذا لم يجروا أي مكالمات هاتفية، وهي رسوم اشتراك: 20 شيقل، اشتراك خط النت: 50.27 شيقل، ضريبة القيمة المضافه (16%): 11.24 شيقل، تكلفة المكالمات: 0 شيقل، الخصومات: 0 شيقل، المجموع: 81.51 شيقل.
أحد القائمين على الحملة المدون محمد أبوعلان، تساءل عن أسباب دفع كل هذه المبالغ قائلاً، إنه بحسبة بسيطة لعدد المشتركين في خدمة الإنترنت في فلسطين، الذي بلغ 235 ألف مشترك عام 2014 وفقًا لجهاز الإحصاء المركزي، وبناء على المبلغ الذي يدفعه كل شخص منهم لخط النفاذ والاشتراك الشهري في الاتصالات، يتبين أن قيمة المبلغ تزيد عن 12 مليون شهريًا.
وأضاف لـ قُدس الإخبارية، أن خبراء في مجال الاتصالات أكدوا أن أرباح شركة الاتصالات الفلسطينية سنويًا تزيد عن أرباح شركات مثيلة في دول يزيد دخل الموظفين فيها عن دخل الموظف الفلسطيني كثيرًا، مشيرًا إلى الخدمات التي تقدمها بعض الشركات في دول مجاورة، حيث تقدم إحدى الشركات 100 ميجا إنترنت مقابل 120 شيكل، فيما يصل مجموع ما يدفعه الفلسطيني مقابل الحصول على 2 ميجا إلى 82 شيقلاً بدون ضريبة.
الخبير في مجال الاتصالات د. إسلام عمرو أكد أن أسعار خط النفاذ في فلسطين عالية قياسًا بدول مجاورة، وأن المطالبة بتخفيض سعرها قديمة، مبينًا، أن وثيقة إعلان خط النفاذ الصادرة عن وزارة الاتصالات عام 2010، خلت تمامًا من أي إشارة لضرورة إعادة التقييم في هذه الخدمة وأسعارها منذ ذلك الحين.
ورغم أن عمرو أكد لـ قُدس الإخبارية، أن هذه الخدمة نظام عالمي مرتبط بخدمة (ADSL) ولا تقتصر على فلسطين، إلا أن أبو علان أشار من جانبه إلى خلل في هذه الخدمة، وهو وجود 24 مشتركًا على كل خط نفاذ وفقًا للشركة، ما يعني أن هؤلاء لا يحصلون على السرعة المحددة فعلاً.
وكيل وزارة الاتصالات سليمان الزهيري قال لـ قُدس الإخبارية، إن الشركة ستعلن عن تخفيض الخدمة إلى 56 شيقل مقابل سرعة 4 ميجا، بعد أن كان سعر هذه السرعة يقارب 70 شيقل قبل وقت غير طويل، ما يعني أن سعر هذه الخدمة سجل انخفاضًا جديدًا ليس الأول من نوعه.
لكن أبو علان قال إن المطلوب ليس زيادة السرعات مقابل أسعار أقل، بل تخفيض أسعار السرعات الموجودة، مضيفًا، "أنا مثلاً لا يعنيني امتلاك سرعة أعلى من 4 ميجا بل يكفيني 2 ميجا فقط"، فيما قال الوكيل الزهيري إن الأسعار البسيطة لا طلب عليها وسيتم الاستغناء عنها لاحقًا، كما حدث مع السرعات التي تقل عن 1 ميجا.
الفلسطينيون المقيمون على أرض الوطن ليسوا المتضرر الوحيد من هذا الخط، فالمغتربون أيضًا يشتكون من عدم تمكنهم من الاتصال بخدمة الانترنت خلال الفترة التي يحضرون فيها إلى فلسطين، التي تتركز في فصل الصيف غالبًا، حيث يجدون أنفسهم مضطرين لدفع نحو 100 شيقل شهريًا حتى في الأشهر التي لا يتواجدون خلالها في فلسطين.
هذه المشكلة أرجعها الخبير عمرو إلى خلل في وثيقة إعلان خط النفاذ المذكورة سابقًا، فقال إن الوثيقة لم تراعي هذه الشريحة من الفلسطينيين على الرغم من أنها غير قليلة، مضيفًا، أنه بالإمكان حل هذه المشكلة من خلال وضع اشتراك شهري لخدمة خط النفاذ لمن يريد، أو اشتراك سنوي لمن يريد.
وعلق الوكيل عمرو قائلاً إن الوزارة لم يردها الكثير من الشكاوى في هذا الإطار، وإن الوزارة ستسعى لحل هذه المشكلة لو تأكدت من أنها تشكل إزعاجًا حقيقيًا للفلسطينيين، منوهًا، إلى أن مشكلة خط النفاذ تزداد في فلسطين بسبب رفض الاحتلال إدخال التقنيات الحديثة والسرعات الفائقة مثل (3G) وغيرها.
لكن هذا العذر لم يعد مقنعًا إلى حد كبير بالنسبة لكثير من الفلسطينيين، الذين باتوا يشكون في أن شركات الاتصالات لم تعد معنية بدخول هذه التقنيات إلى البلاد ولا تحاول إدخالها، بسبب تحقيقها أرباح كبيرة في غيابها.
وتظهر قراءة سريعة قدمها الخبير إسلام عمرو لوثيقة خط النفاذ أن هذه الوثيقة خلت من أي مرجع للمواصفات الفنية مثل "الستاندرد الدولي"، ما يعطي حرية للمشغل في التصرف كما يشاء، كما خلت الوثيقة من أي إشارة لحد زمني يقيم هذه الوثيقة، حيث مضت أكثر من أربع سنوات على إصدارها دون مراجعة حقيقية.
وأضاف، أن الاستراتيجية التي وضعت عام 2010 وانبثقت عنها هذه الوثيقة، بدا أنها تهتم بمصالح الشركات الكبرى على حساب المستهلكين، حيث لم تتضمن ما يمكن اعتباره حماية حقيقية لجيب المستهلك.
تجدر الإشارة لوجود عدد من الشركات الفلسطينية التي تزود خدمة الإنترنت بدون خط نفاذ، إلا أن هذه الشركات تواجه انتقادات أخرى متعلقة بجودة الخدمة وانقطاعها لأوقات طويلة بسبب الحالة الجوية.